كما أقررتُ سلفاً في مساهماتي أنّ التأثير على ذواتنا ودواخلنا عادةً ما ينتج عن استجاباتنا الشخصيّة للواقع ومتغيّراته، فهيّا بنا الآن نُفَكِكُ مِسماراً آخراً من لوحة الواقع الذي ارتضيناه لأنفسنا! يُقصَدُ بعصر الأنا هذه الفترة التي نعيش أحداثها الآن نحن الجيل Z (مواليد عقد التسعينات) ، ويمكننا تعريفها باقتباس كلمات أحد الباحثين أنّها: [زمن الشعور بالاستقلاليّة عن الجماعات والمجموعات والتنظيمات والعائلات، وأيّة ارتباطات اجتماعيّة أخرى]. لكن كيف وقعنا في هذا الفخ يوماً بعد يوم، وكيف انغمسنا في ذواتنا إلى هذا
نور الدين حاتم
طالب بالفرقة الخامسة بكلية طب الأزهر، أعشق الكتابة والسينما.
381 نقاط السمعة
193 ألف مشاهدات المحتوى
عضو منذ
"خُذْ وَقتَــك.. لكنْ لا تأخُذ وقتِي معه"
هكذا عبّر رجلٌ مرموقٌ عن حبِّه لأحدهم حين عرّفه مفهوم الوقت والزمان وفلسفتهما في بضع كلمات. فكثيرٌ منّا سمع بل وشارك إخوانه كلمتَيْ "خذ وقتك"، لكن قليلٌ من أدرك أنّه لا توجد ملكيّة فرديّة للوقت، أليس كذلك؟ يوجد نموذجان معرفيّان – لا أظنُّ وجود ثالثٍ لهُما – يُعبِّران عن تفاعلنا مع الزمان والمكان، هما النموذج الديناميكيّ في التفكير و (ابنُ عمّهِ) النموذج الاستاتيكيُّ. ويمتلك كل مرءٍ منّا في مخياله الشخصيِّ نصيباً من كل نموذج، بحيث تخرج سلوكاته وانفعالاته وِفق لوازمِ
بين الذاتيّة والموضوعيّة (الجزء الأوّل)
" كُنْ موضوعيّاً "، جملة نسمعها كثيراً في أوساطنا الثقافيّة المختلفة، وباتت " شططاً "علامةً تشير إلى ثقافة ورحابة صدر المتفوّه بها. لكن ما هي الموضوعيّة وما هي الذاتيّة؟ ولماذا ينأى بعضنا عن وصف نفسه بأنه ذاتيّ، ويرى كلمة " الذاتيّة " كلمة مفخَّخَةً ملآنة بالأخطار؟ وهل ندرك حقاً اسقاطات وتراكب مضامين ما نتفوّه به حين ينصح بعضنا بعضاً بأن نكون موضوعيين؟... هذه وغيرها من التساؤلات تدور في مستويات وعيّ منذ فترة طويلة، ولا أستطيع الجزم أني امتلكت الرصيد المعرفيّ
لماذا لا يفهمُني طبيبي؟
قرأت بالأمس في هذا المجتمع (الصحة والطب) تجربة لأحدنا مع مشكلة نفسيّة، استغرقته ثمان سنوات للتغلّب عليها، وكان مما قاله أنّه مكث مع المعالجين ثلاث سنين دون تحقيق نتيجة ملموسة. وأريد اليوم تسليط الضوء على بعض الإشكالات المُعِيقَةِ للتواصل بين الطبيب العربيّ ومريضه. حقيقة افتقار غالب الأطباء لمهارات التواصل الإنسانيّ: قبل حديثنا عن لُّب قضيتنا، أحب التنويه إلى حقيقة تُنسى عند تعاملنا مع الأطباء، وهي أن الطبيب بحكم عاداته الدراسيّة "المطالعتيّة " المقتضية مصاحبة الكتاب تلو الكاتب، كثيراً ما يعجز
الأبطال الخارقون في حياة الكبار والصغار
لأفلام الأبطال الخارقين في واقعنا اليوم شعبيّةٌ طاغيةٌ، وناتجُ ربحٍ هائل، وبما أننا جميعنا نرى الواقع، دعونا نذهب لما خلف الستار؛ عسانا نستكشف جزءاً من تاريخ هذا الواقع الذي استدرج كبارنا قبل صغارنا إلى أحضانه. تاريخٌ عجيبٌ: لن نعود إلى الوراء كثيراً، فبداية قصة واقعنا بدأت مع ربيع العام ألف وتسعمائة وثمانية وثلاثين، حين أصدرت مجلة دي سي كومكس بطلها الخارق الأول "سوبر مان"، ذلك البطل الذي كان مجرد نقشٍ على ورق يُخاطب عقلية بعض الأطفال؛ لزيادة المبيعات وملاشاة بعض
لماذا يُفَضَّلُ تضمين أنظمتنا الغذائيّة طعاماً غير صِحيٍّ؟
كنت أُحِب استبدال كلمة "يفضَّل" في العنوان بكلمتي "من الضروريِّ"، لكن كما تعرفون أن النفور الإنسانيّ كثيراً ما ينجم عن الالزامات والينبغيّات التي لا تَلْزَمُ ولا تنبغي، لكني حتى وإن استخدمتها معكم في ثنايا كلامي، فهي على سبيل المبالعة لا الحقيقة، فلا لوازم هنا. بدايةً دعونا نضع تعريفاً للطعام غير الصحيِّ؛ حتى يتسنى لنا العزف على نفس النغمة. فأنا أرى أنه كلُّ طعامٍ اعتمد تكوينه على السكر المكرر والزيوت المصنّعة؛ لإضفاء أكبر قدر ممكن من الإثارة الحسيّة على حاسة التذوق
هل سينتهي عالم مارفل السينمائي قريبًا؟
من منّا لم يُشاهد فيلماً من أفلام الغرب الأمريكيّ، التي تعرف عربيّاً باسم أفلام رعاة البقر؟ أظنها القلة فقط، لكن ما علاقة هذه الأفلام بأفلام مارفل الحديثة التي نعرفها اليوم؟ هذه الأفلام صَنعت طفرةً ملحوظةً في أربعينيّات وخمسينيّات القرن الماضي، ثمَّ فقدت بريقها مع بداية الستينيّات؛ لإلف متابعيها ماهيةَ الأحداثِ والحبكات، ونفورهم من البطل الذي يقذف الرصاص من مسدساته بسرعة البرق، دون إخطاء أهدافه/أعدائه. ومع ذلك؛ وبمجرد أن خرجت موجة جديدة أكثر دراميّة من هذه الأفلام، تصدّرت شباك التذاكر مرةً
وجبتين أم خمسة، كيف نختار عدد وجباتنا في النظام الغذائيّ؟
قبل الإجابة عن عنوان مُساهمتِنا، دعونا نذهب في رحلةٍ أنثروبولوجيّةٍ، نستعرِضُ فيها طرفاً من حياة الإنسان الأول، ذلك الإنسان الذي لم يملك يوماً وسيلةً لحفظِ صَيْدِهِ الحيوانيِّ، مصدرِ طعامه الأول في تلك الحقبة، والذي كان يحصل عليه بشقِّ الأنفُس بعد فترة طويلة من الصيام بحثاً عن فريسة. وبما أننا مسلِّمون بأن وجودنا ناتجٌ عن نجاح هذا الإنسان في البقاء؛ فلماذا لا نتسائل قليلاً عن طريقة تعامله مع طعامِه؟ هل تظنون أنه كان يُقَسِّمُ وجباته لعدد محدد؟ أم أنه كان يعتمد
هل يُعْقَلُ أن نملَّ السينما يوماً؟
ربَّما تجد سؤالي عنوان المساهمة سؤالًا مُضحِكًا؛ إذ كيف يُعقَلُ أن نملَّ مصدر متعتنا الأول في العالم الحديث؟ وربما تجد نفسك مسرورةً مُنتشيةً؛ لتساؤل أحدٍ عن سؤالٍ راودك سلفًا. (أخبروني أيهما أنتم، أم أنكم خارج الثنائيّة أساسًا؟) يمكننا تقسيم المُتابعِ للسينما باعتباراتٍ عديدةٍ، نختار منها اليوم التقسيمة الكميّة التي تُعبِّر عن مُعدَّل مشاهدة الفرد، لنجد أن المتابعين باختلاف عدد ساعات مشاهدتهم، يتفقون على وجود الملل في بعض الأحيان، نتاجًا لأحد الأسباب التي سنناقشها الآن. أولًا: عدم التوافق المِزاجيُّ بيننا وبين
هل يمكنني إزالة البيض من نظامِيَ الغذائيّ؟
نعم يمكننا ذلك؛ بل ويمكننا إضافة المقليّات بأنواعها واستهلاك أي طعام نشتهيه، وإزالة أي صنف لا يتماشى مع رغباتنا؛ طالما أننا ندرك أبعاد نظامنا الغذائي، ونضع كل مكوناته في إطار احتياجنا اليوميِّ من السعرات الحراريّة. كانت هذه بدايةً سريعة، أحببت فيها اجْتذاب عقولكم لاستكمال حديثنا عن التغذية، ذلك الفرع من العلم الذي ملأَهُ العامة والخاصة بخرافاتٍ وأغاليط لا تمت للحقيقة بصلة، ولا يمكننا أن نقف عليها كلها الآن، ولكننا نشير إلى بعضها في مساهماتنا تِباعًا. وإنَّنا متى أرَدْنا أن نحفظ
مبنيٌّ على أحداثٍ واقعيّةٍ، أم من وحْيِ خيالِ المؤلِّف؟
غالبًا صادفنا أحد شِقَي عنوان المساهمة في بداية مُشاهدتنا لأحد الأفلام، هذا في حالة كنّا غير صبورين على تتر الفيلم (والذي غالبًا ما يكون جزءًا منه بالمناسبة) ، وإلا فإننا نرى أحد الشقين مع كل فيلم تقريبًا. لكن ما المغزى وراء هذه الجُمل، هل هي مجرد حشو للتتر، أم مقدمة استعراضيّة، أم جملة للتهرّب من بعض المصاعب الأخلاقيّة والتعاملات الماديّة؟ لا يهم الآن، المهم أن نسلط سويًّا الضوء على هذه التقسيمة الثنائية للأعمال السينمائيّة (والتي نادرًا ما يُلتفت إليها)، محاولين
كيف أتعامل مع طعامي؟
ما هو النظام الغذائيّ؟ سؤال على بسطاته أصبح محل جدل كبير بين طبقات المجتمع المختلفة، بين الأمهات وأولادهن والأطباء ومرضاهم والمدربين ومتدربيهم. ولسنا هنا في صدد وضع تعريف جامع مانع؛ بل هي مقاربة معرفيّة ربما تساعدنا في تفهم بعض المفاهيم الغذائيّة الغائبة عنّا. أولًا: لماذا نأكل؟ ربما تستعجب سؤالي، لكنّ كبرى مشاكلنا اليوم غالبًا ما يكون علاجها في معلومة نحسبها معروفة بالضرورة أو بدهيّةً وليست كذلك. إذًا هل نأكل لنتقوى على أمور معاشنا أم للمتعة، أم لنعبّر عن غضبنا، أم
هل تكسبنا السينما المعرفة؟
يجدر بنا قبل الإجابة عن هذا السؤال طرح تساؤل آخر هو، ما وظيفة السينما أو الفن عمومًا؟ لأنه وبحسب إجاباتنا وقناعاتنا حول السؤال الثاني ستتضح إجابة الأول دون عناء يذكر. من العجائب أنه كثيرًا ما يطلب المرء منّا من الأشياء ما ليس من خصائصها، بل ويتبرّم إذا لم تلبّي هذه الأشياء مطالبه، وهذا خلل معرفي ملحوظ في كثير من الأوساط والبيئات؛ لكن يا ترى ما منشؤه؟ استمتع الإنسان القديم بالفن بجميع صوره وأنماطه البدائيّة، ورأى فيه مخرجًا للإبداع وآلية للتشارك
الإنسان الحالِم
هذه مراجعة قصيرة جدًا مستنبطة من فيلم استهلال (inception). يمكنك القراءة حتى لو لم تشاهد الفيلم؛ فلسنا بصدد سرد أحداثه. هل يمكن للإنسان العيش دون أحلام؟ هل الأحلام الواعية تعادل غير الواعية؟ هل الأحلام تعبّر عن ضعف إنساني أم قوة خفية أم لا شيء منهما؟ هذه وغيرها من الأسئلة ربما تبَادرت إلينا على حين غفلة وسط زخم الحياة. وهي بالتأكيد قد راوَدت فكر غالب من شاهد هذا الفيلم. فكما هي عادة كريستوفر نولان ألا يخرج إلا عملا فنيّا ملآنا بالصور
لماذا قد نُشاهد فيلمًا أكثر من مرّة؟
على قدر ما تتعدد منتجات المجتمع الفني للأفلام، يظلُّ داخل بعض الأفراد منّا تعلق بواحدٍ منها أو أكثر، الأمر الذي يُعبَّر عنه أحيانًا بمشاهدة ذلك الفيلم مرات عديدة. ودعونا نتسائل الآن فنقول: لماذا قد يحصل ذلك؟ يمكننا تلخيص الأسباب في أربع نقاط رئيسيّة: أولًا: التعلّق النفسي بالبطل/ة: غالبًا سنكرر فيلما تلامست يوميّات بطله مع يوميّاتنا، أو عبّرت أحداثه عنّا بصورة ما. وربما كذلك أعدنا المشاهدة لمجرد أننا أحببنا تمثيل أحد الشخصيّات؛ إذ تحسَّسْنا صِدقه في تعبيره عن مشاعر شخصيّته. وهذا
السينما بين الحاضر والماضي: ما الذي حدث؟
جميعنا مر على سمعه مقولة الزمن الجميل والفن الجميل، لكن قليل منّا من يتسائل عن أبعاد هذا الجمال، أوتمثُّلاته في تلك الفترة. يمكننا تقسيم جماليات تلك الفترة إلى: 1.جماليّات ذاتيّة: وهي تلك التي تتعلق بمضمون الفيلم ورسالته أو ما يسميه البعض أخلاقيّات الفيلم. 2.جماليّات بيئيّة (خارجيّة): وهي تلك التي تتمثل في التغيرات الكميّة والنوعيّة بين حقبتي الماضي والحاضر. لكن أي من هذه الجماليّات حريٌّ بنا أن نسلّط الضوء عليه؟ برأيي إنها الجماليّات الخارجيّة. فعلى عكس الشائع لدى بعضنا؛ لم تكن
لماذا نلجأ إلى السينما كثيرًا؟
كثيرٌ منّا حين يضيق به المعاش أو يعكّر عليه أحدهم مزاجه، لا يستطيع التعايش مع ذلك. وهذا مع ما فيه من الصبيانيّة، إلا أنه مشاهَد محسوس في حياتنا نحن الكبار. وبما أن واقعنا الجديد لا يُريح؛ نلجأ إلى واقع آخر، واقع ننسحب فيه من دائرة الفاعلين إلى دائرة المشاهدين. لكني لست هنا لأقلّب عليك أوجاعك أو لأذكرك بمسئولياتك؛ بل لأذكّرك أننا كائنات حالِمة بالأساس! نعم يا صديقي، فالبشريّ منّا حين تضعه أمه، لا يستطيع العيش دون أن ينتقل عن وعيِنا
كيف تُـخرِجُك السينما من غرفتك؟
هل يمكن للسينما أن تُخرِجك إلى الواقع أو تغيّرك؟ غالبًا ما يرتبط لدينا الحديث عن السينما بمشاعر الراحة والتسلية وامضَاء الوقت. وللأسف كثيرًا ما تتحول السينما من مادة للتأمُّل والِإلهام، إلى مجرد مادة استهلاكية تمْلء الفراغ، أو تساعد على الهروب من المهام اليومية. وهذا مفهوم؛ فالأعمال السينمائية موادٌ قابلةٌ للإدمان، إن لم تكن إدمانيّة بالأساس. لكن هل يمكننا رؤية السينما بمنظور جديد؟ وهل يمكننا المشاركة بخيالنا متوافقين أو مستبطنين لخيال الكاتب والمُخرِج، محدثين تغيرات في حياتنا اليوميّة؟ ولم لا؛ ألم