ربَّما تجد سؤالي عنوان المساهمة سؤالًا مُضحِكًا؛ إذ كيف يُعقَلُ أن نملَّ مصدر متعتنا الأول في العالم الحديث؟ وربما تجد نفسك مسرورةً مُنتشيةً؛ لتساؤل أحدٍ عن سؤالٍ راودك سلفًا. (أخبروني أيهما أنتم، أم أنكم خارج الثنائيّة أساسًا؟)
يمكننا تقسيم المُتابعِ للسينما باعتباراتٍ عديدةٍ، نختار منها اليوم التقسيمة الكميّة التي تُعبِّر عن مُعدَّل مشاهدة الفرد، لنجد أن المتابعين باختلاف عدد ساعات مشاهدتهم، يتفقون على وجود الملل في بعض الأحيان، نتاجًا لأحد الأسباب التي سنناقشها الآن.
أولًا: عدم التوافق المِزاجيُّ بيننا وبين الفيلم
ربما يرشِّح لنا أحدهم فيلمًا نتحمَّس جدًا لمشاهدته، لكننا بمجرد امضاء بضعة دقائق معه، نجد أنفسنا نافِرةً من استكمال مشاهدته، لكن لماذا يا تُرى؟ باعتقادي أن السبب الرئيس هو عاملٌ نفسيٌّ بحت، فعادةً ما يفرُّ الإنسان منّا من روتينه اليوميّ إلى السينما ليجد مادةً للتنفيس والترويح؛ لذلك متى ما غاب هذا الغرض سينقلب الفيلم إلى روتينٍ يُشابِه الروتين الذي هربنا منه في البداية، وهذا مرفوض تماماً.
ثانيًا: المُبالغة في المشاهدة
للأسف الشديد بعضنا يمتلك قناعةً مغلوطةً عن وظيفة السينما، ويسيء استخدامها، لكن من حسنات السينما أنها مع سحرها وكونها مادةً قابلةً للإدمان تظل مُنتَجًا بشريًّا، لا يستطيع الاحتفاظ بنفس الأداء الخيالي والجودة الرفيعة لفترات طويلة؛ لذلك حين ينتقل المرء من فيلمٍ إلى فيلمٍ إلى آخر، سيبدأ الملل يتنامى شيئًا فشيئًا، إلى أن ينغِّص على هذا المرء مشاهدته، ليعزُف عنها بالنهاية.
ثالثًا: المبتدئون والمتقدّمون في عالم النقد السينمائي
بالطبع لم نتطرّق في هذه المساهمة إلى التساؤل عن ماهية الملل الذي يصيب الذين روتينهم اليوميّ هو السينما، أعني الكتّاب والمُخرجين والنُّقاد، لكننا نشير إلى طرفٍ من معاناتهم في سبيل إمتاعِنا. هل تسائلت يومًا كيف يستمتع مخرِجٌ أو كاتِبٌ بفيلمه وهو يعرف أغلب خباياه، وهو الصانع لأغلب رموزه؟
الأمر يحتاج منهما إلى كثير من التدرُّب والتأني؛ ليتسنى لهما المشاهدة كواحد من الجمهور، وهي ممارسة معقّدة تختلف أساليبها أثناء التصوير السينمائيّ وقبله وبعده، لكننا لسنا بصدد الحديث عنها الآن. (أخبرني إذا كنت تريدنا أن نتطرق لها في مساهمة خاصة قادمة)
خِتامًا الملل الناجم عن السينما طارئٌ ونادر؛ بسبب العديد والعديد من الأسباب الملاشية له، لكنه مع ذلك ظاهرة تستحق الإشارة والنقاش. أخبروني هل صادفتكم هذه الظاهرة قبلًا؟ وما الأسباب التي أدت لذلك؟
التعليقات