"ليتنا أنا وأنت جئنا العالم قبل اختراع التلفزيون والسينما لنعرف هل هذا حب حقا أم أننا نتقمص ما نراه." كتب أحمد خالد توفيق هذه الجملة في كتاب قصاصات قابلة للحرق، وكأنه يشاركني نفس السؤال وهو كيف أثرت السينما على مفهومنا للحب والرومانسية؟ لأنه أحيانا يأتي في مخيلتنا وخصوصا في سن المراهقة أن الحب هو ما نراه على الشاشة، ولكن الواقع يكون بعيد كل البعد عن هذه الرؤية الحالمة وأحيانا نصاب بالخيبات عند دخولنا في قصص حب يمكن أن أقول عليها محاكاة لقصص السينما!
كيف أثرت السينما على مفهومنا للحب والرومانسية؟
كلمات أحمد خالد توفيق تعكس بعمق تأثير السينما والتلفزيون على تصورنا للحب، وخاصة في سن المراهقة، حين يكون الإنسان في مرحلة تكوين أفكاره ومشاعره. السينما ترسم نسخة مثالية ورومانسية من الحب، مليئة بالمشاهد الحالمة والمشاعر الجياشة التي تبدو وكأنها تعبر عن "الحب الحقيقي". لكن هذه الصور المشوهة لا تعكس الواقع، الذي قد يكون أكثر تعقيدًا وغير مثالي. أصناف الناس، وطرق تعبيرهم عن الحب أكثر تنوعا بكثير مما تظهره شاشات السينما. قد تتسبب هذه الصورة الخاطئة في أن يرفض أحدهم طريقة شريكه في التعبير عن الحب فقط لأنها ليست مثل الأفلام.
أثرت السينما على مفهوم الحب بشكل كبير لدرجة أنها أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على الأجيال الجديدة، لقد غيرت المفاهيم المتعارف عليها وجعلت الجميع يكتفي بالتقليد على اعتبار أن أبطال السينما هم قدوة لا بد أن يُحتذى بها، ومن المحزن أن هناك بعض الأفعال التي تدعمها الأفلام والمسلسلات وهي دخيلة على مجتمعنا، وتهدم القيم والمبادئ السليمة، إذ يتم اقتباسها من الغرب على اعتبار أن ذلك هو الحب والرومانسية رغم أنها بعيدة كل البعد عن ذلك، نتمنى أن يتم نقل صورة حقيقية من الواقع للحب بحيث تحمل السينما رسالة سامية تتعلمها الأجيال بدلًا مما نراه في الوقت الحالي من مهازل.
أثرت السينما على مفهوم الحب بشكل كبير لدرجة أنها أصبحت تشكل خطرًا كبيرًا على الأجيال الجديدة،
عن نفسي أرى تأثيرها على الأجيال الأقدم أكبر، فيما يخص مفهوم الحب، ربما لأنهم لم يمروا بتجارب أو يتعرفوا على تجارب كثيرة مقارنة بالجيل الجديد الذي برأي هو يمتلك معرفة أكبر بهذه الأمور وحتى لو كانت معرفة سطيحة ولكنها معرفة أكبر بكل تأكيد. ما وجهة نظرك في هذه النقطة أن الأجيال القديمة كانت أكثر عرضه للتأثر بالسينما فيما يخص مفهوم الحب؟
أرى بالفعل أن السينما والشاشات قد أثرت بشكل كبير على رؤيتنا للكثير من الأمور، ليس فقط الحب والرومانسية. مثلًا ربما تجد بعض الأفلام الأجنبية تصور العرب أنهم همج يعيشون في الصحراء، فتجد الأجانب يتبنون هذا التصور فعلًا ويتفاجأون عندما يزورون أي دولة عربية ويتضح أنها متقدمة بقدر تقدم دولهم.
أرى أن الحل هو إعطاء نموذج صحيح لما عليه الأشياء، ولم يعد هذا الأمر صعبًا الآن لأن الأفلام ليست هي المصدر الوحيد لمعرفة الأشياء العائبة عنها، بل حل محلها بشكل كاسح وسائل التواصل الاجتماعي، بالأخص التيك توك بالنسبة للجيل الجديد.
لذا عرض نموذج صحيح لما يكون الحب والرومانسية سيكون كفيلًا بتكوين صورة واضحة عنهما حتى لمن لم يجربهما.
مثلًا ربما تجد بعض الأفلام الأجنبية تصور العرب أنهم همج يعيشون في الصحراء، فتجد الأجانب يتبنون هذا التصور فعلًا ويتفاجأون عندما يزورون أي دولة عربية ويتضح أنها متقدمة بقدر تقدم دولهم
المشكلة أنني رأيت العديد من المخرجين يقعون في هذه المعضلة وأشهرهم سبيلبرج الذي صور كازبلانكا والزي المغربي أكثر من مرة على أنه يصور في القاهرة وهؤلاء هم المصريين وكأنه من الصعب عليه أن يأتي بأحد المختصين بالديكور والتصاميم للمساعدة، وأيضا بالنسبة لنا يحدث هذا أيضا فنجد مخرجين يصورا الغرب بشكل عام أنهم منحلون أخلاقيا وخلافه فبالتالي الصورة النمطية تحفظ في العقل سواء هنا أو هناك.
لذا عرض نموذج صحيح لما يكون الحب والرومانسية سيكون كفيلًا بتكوين صورة واضحة عنهما حتى لمن لم يجربهما.
هل شاهدتي عملا فنيا كان يعرض الصورة الطبيعية للحب والرومانسية بدون مغالاة؟
صور كازبلانكا والزي المغربي أكثر من مرة على أنه يصور في القاهرة وهؤلاء هم المصريين
هل تظن أن فعلًا كهذا قد ينطوي على قدر من العنصرية؟ أعني بالنسبة لهم يظنون أننا كعرب كلنا واحد وثقافتنا واحدة ولن يبذلوا جهدًا في محاولة فهم وتصوير اختلافنا.
هل شاهدتي عملا فنيا كان يعرض الصورة الطبيعية للحب والرومانسية بدون مغالاة؟
أظن أن فيلم pride and prejudice مثال جميل على هذا.
كيف أثرت السينما على مفهومنا للحب والرومانسية؟
أثرت سلبًا، حتى شوهت كل المفاهيم الواقعية والطبيعية. لا أعرف مصدر معلومات صناع السينما لكن أظن أنها خيالات راودت أحد المعقدين نفسيًا لتعقيد حياة الناس، تصدير صورة قد تبدو مثالية لإقناع الشباب بتوقعات غير موجودة في الواقع، حتى إذا اصطدموا بالحقيقة أصيبوا بنفس العقد النفسية لصناع تلك الأعمال.
كلما فكرت بتلك الأفكار يصيبني الرعب حول توجهات الأجيال القادمة وطريقة تفكيرهم، وأخشي ألا نتمكن من توعية الشباب بصورة صحيحة لعدم الانسياق وراء الأفكار الخيالية والهدامة التي تصدرها السينما والدراما، نحن قد تجاوزنا تلك الأفكار لكن هل سيتجاوزونها هم؟
نحن قد تجاوزنا تلك الأفكار لكن هل سيتجاوزونها هم؟
أعتقد أن لديهم القدرة على التجاوز حتى أفضل منا والأجيال القديمة، فعلى الرغم من التعميم الكثير حول عقيلة الجيل الجديد وأنه غير قادر على صنع واتخاذ القرارت الصحيحة هو أمر نابع من تأثير الأجيال القديمة علينا أو بسبب تجاربنا الشخصية مع بعض أبناء الجيل الجديد لم تكن جيدة.
أحمد خالد توفيق يعبر بعمق عن تأثير السينما والتلفزيون على تصورنا للحب والرومانسية. السينما غالبًا ما تقدم صورة مثالية ومبالغ فيها للحب، مليئة بالمشاهد الحالمة والمشاعر الجياشة، مما يجعلنا نعتقد أن هذا هو "الحب الحقيقي"1. لكن الواقع يكون أكثر تعقيدًا وأقل مثالية، مما يؤدي أحيانًا إلى خيبات أمل عندما نحاول محاكاة تلك القصص في حياتنا الحقيقية2.
السينما لها تأثير كبير على تشكيل مفاهيمنا، خاصة في سن المراهقة عندما نكون في مرحلة تكوين أفكارنا ومشاعرنا1. الأفلام الرومانسية قد تجعلنا نعتقد أن الحب يجب أن يكون دائمًا مليئًا بالإيماءات الكبيرة والتصريحات العاطفية، بينما في الواقع، الحب الحقيقي يتطلب تفهمًا وتضحية وتواصلًا مستمرًا3.
هل تعتقد أن هناك طرقًا يمكننا من خلالها تحقيق توازن بين الاستمتاع بالقصص الرومانسية في السينما والاحتفاظ بتوقعات واقعية عن الحب في حياتنا اليومية؟
التعليقات