هذه مراجعة قصيرة جدًا مستنبطة من فيلم استهلال (inception). يمكنك القراءة حتى لو لم تشاهد الفيلم؛ فلسنا بصدد سرد أحداثه.

هل يمكن للإنسان العيش دون أحلام؟ هل الأحلام الواعية تعادل غير الواعية؟ هل الأحلام تعبّر عن ضعف إنساني أم قوة خفية أم لا شيء منهما؟

هذه وغيرها من الأسئلة ربما تبَادرت إلينا على حين غفلة وسط زخم الحياة. وهي بالتأكيد قد راوَدت فكر غالب من شاهد هذا الفيلم.

فكما هي عادة كريستوفر نولان ألا يخرج إلا عملا فنيّا ملآنا بالصور الرمزيّة والتساؤلات الفكريّة. وأيًّا ما كانت إجاباتك على الأسئلة السابقة فهي صحيحة. 

لا تتعجّب؛ فمِعيار الصحة والخطأ في مثل هذه الأسئلة نسبيٌّ جدًا. فلربما أجبت سؤالي بخلفيّة ثقافيّة لم أُعايش أبعادها مثلك، حينها تتعدد الحقائق ويمكن لكل فرد منّا القاء نظرَتيّ إعجاب على إجابة صاحبه.

وهذه جمالية الأحلام عمومًا، تلك النسبيّة أو اللامنطقيّة التي تغذّي الحلم وتدْفعه دفعًا نحو التعقُّد أكثر فأكثر.

هذا بالنسبة للأحلام اللاواعية التي تبدأ مع المَرءُ منّا منذ لحَظاته الأولى، لا أقول منذ الولادة بل منذ كونه جنينًا في بطن أمه؛ كما أثبتت الدراسات الحديثة. (لا تسألني بماذا تحلم الأجنّة ؛ لأني لا أملك الإجابة).

يتبع ذلك بعد فترة طويلة نسبيًّا، تكوين الإنسان لنوع آخر من الأحلام، أو لِنقُلْ نوعٌ آخر من اليقظة. فالأحلام التي تسبق حركاته، وتلك التي يهرب بها من مشاكله أو يتخيل لها حلولا، هي أحلام واعية يوقن المرء منّا حينها أنه يحلم.

ويتميز هذا النوع بخاصَتيْن أساسيتيْن: مدافعة الواقع (إما بالهروب أو بالمراوغة) والشعور بالانجاز.

لكن هل يمكن للأحلام الواعية أن تنقلب أحلاما لا واعية؟ يخبرنا الفيلم بامكانية ذلك، وحينها يفارق الإنسان وجود مجتمعه ولا يستطيع التأقلم والمعايشة؛ لأن اللحن في هذه الحالة لا يوافق الكلمات!

أذكر مطلع قصيدة لمحمود درويش قال فيها: " لا أنام لأحلم بل أنام لأنساك"، فهل ترى تعبير الشاعر متوافقا مع طرحي للأحلام غير الواعية؟