رغم أن الإنسان علم بفناءه منذ إدراكه للحياة من حوله، وأن حياته على الأرض مقدرة بعشرات من السنين فقط، إلا أن غريزة حب الحياة التي زرعت فيه تدفعه حثيثًا كل يوم على الظن أنه خالد، أو محاولة جعل ذلك صحيحًا بالفعل، فيلم اليوم مثال حي على ذلك، رغبة البطل في الخلود جعلت المخرج أرنوفسكي المعروف بأفلامه الفلسفية، يصوره في 3 أزمنة مختلفة، العصور الوسطى والحاضر والمستقبل، كل مرة قصة مختلفة ولكن الهدف واحد، إيجاد الخلود.
طرح الفيلم متناسب مع رغبات العلم اليوم في رأيي، لا تنفك علوم البيولوجيا وخصوصًا الطب التجديدي، عن إبراز رغبتنا كبشر في البقاء مدة اطول، تقنيات مثل العلاج بالخلايا الجذعية وتعديل الجينات، وحتى دخل على الخط أيضًا علوم مثل الذكاء الاصطناعي وفرضيات مثل الحياة داخل روبوت في المستقبل.
لكن ما أعجبني في الفيلم هو جانب مختلف لم يتناوله غيره، حتى وهو مصنف كخيال علمي مثلهم، وهو تقبل الفناء كجزء من السلام النفسي، سواء كان فناءك الخاص، أو موت المحبوبين لك، أرى أن الفيلم أيضًا يدعي أن بحثنا عن الخلود هو في الأساس رغبة مننا في التصالح مع الموت، لأننا قد نتصالح مع أشياء قاسية فقط إن لم تكن ستمسنا، قد يرفض كثير منا الخلود كمفهوم افتراضي لأنه يظن أنه لا يخشى الموت أو موت من يحب، لكن حين تجيء اللحظة الفعلية قد يكون الأمر مختلفًا.
وهو ما يدفعني للتساؤل، إن نجح الإنسان في المستقبل القريب في الوصول إلى سر الخلود، هل ستفضل الحصول عليه أيضًا لو كان في متناول يدك؟
التعليقات