من منّا لم يُشاهد فيلماً من أفلام الغرب الأمريكيّ، التي تعرف عربيّاً باسم أفلام رعاة البقر؟ أظنها القلة فقط، لكن ما علاقة هذه الأفلام بأفلام مارفل الحديثة التي نعرفها اليوم؟

هذه الأفلام صَنعت طفرةً ملحوظةً في أربعينيّات وخمسينيّات القرن الماضي، ثمَّ فقدت بريقها مع بداية الستينيّات؛ لإلف متابعيها ماهيةَ الأحداثِ والحبكات، ونفورهم من البطل الذي يقذف الرصاص من مسدساته بسرعة البرق، دون إخطاء أهدافه/أعدائه. ومع ذلك؛ وبمجرد أن خرجت موجة جديدة أكثر دراميّة من هذه الأفلام، تصدّرت شباك التذاكر مرةً أخرى، وأصبحت محط تنافس جديد بين المخرجين، وهذا بالضبط ما أظنه سيحدث مع عالم مارفل السينمائي.

بدايةً، أفلام مارفل (لمن لا يعرفها) هي تجسيد لقصص كرتونيّة مصورّة لأبطال خارقين، بعضهم بشري ذو ملكات فريدة مطوّرة، وبعضهم نتاج تجارب علميّة، وبعضهم مخلوقات استثنائيّة قابلة للتحول والتماهي مع الطبيعة. هذه الشخصيّات لكلٍّ منها قصة وعالم فريد، وأحياناً تتلاقي هذه العوالم الفريدة.

كانت شركة مارفل في أول أمرها تبيع حقوق الانتفاع بهذه الشخصيّات الكرتونيّة لشركات الانتاج؛ لعدم تمكنها من تمويل وصنع أفلام شخصيّاتها بنفسها، وضعف مسئولي قيادتها في تلك الفترة. لكن مع بدايات العام الثالث من القرن الحالي (2003)، اقترح أحد منتجي الشركة فكرة ثوريّة على مجلس إدارتها، وهي اعتماد الشركة على نفسها في صنع أفلامها وطلب الدعم الخارجي. وبعد مفاوضات مطولّة ومضحكة، استطاعت الشركة أن تحصل على عرضٍ مخيف من شركة ميريل لينش الاستثماريّة، ملخصه أن تحصل شركة مارفل على خمسمائة وخمسة وعشرين مليون دولار لتمويل أفلامها، وإذا لم تنجح في تحقيق نسبة أرباح معقولة فإن حقوق جميع شخصيّاتها ستئول لشركة ميريل. وبعد خمس سنوات من اقتراح الفكرة الثوريّة، قدمت شركة مارفل أول أفلامها (الرجل الحديدي) بميزانيّة وصلت لمائة وأربعين مليون دولاراً، ليحقق الفيلم أحلام الشركة، متجاوزاً التوقعات بتحقيق أرباح تخطت الخمسمائة وخمسة وثمانين مليون دولاراً.

النجاح الأسطوري يساوي صفقةً جديدة:

يبدو أن أعضاء مجلس هذه الشركة لم يضيّعوا لحظة للتفكير في هذا النجاح الأسطوري وكيفيّة المحافظة عليه، فما هي إلّا أشهر وتم بيع الشركة التي لم تساوي بالأمس أكثر من أربعمائة مليون دولاراً، إلى شركة ديزني بأربعة مليار دولار بنهاية عام ألفين وتسعة، ليدخل عالم مارفل رحلة جديدة وفريدة من نوعها، انقسمت (إلى الآن) إلى أربعة مراحل، كلُّ مرحلةٍ أكثر تشويقاً وإبداعيّةً من أختها. لكن وكما حدث مع أفلام الويسترن، بدأ الجمهور يتوقع الأحداث ويملُّ صمود الخارقين، ويراهم بعيدين عن تحقيق طموحاته؛ لذلك يتوقع بعض النّقاد اقتراب عالم مارفل من السقوط، بل ووضع بعضهم عام ألفين وثمانية وعشرين كحدٍ أقصى لاستمراره، وهو ما لا أتفق معه، فماذا عنكم؟

في الختام، حُبُنا أو عدمه لهذه النوعيّة من الأفلام لن يلاشي حقيقة أنها أعلى سلسلة أفلام دخلاً على الإطلاق، وأنها نقلت الوعي الفردي للجيل Z نقلة فريدة، سواءً اتفقنا معها أو اختلفنا؛ لذا أخبروني هل تابعتم هذه السلسلة أو أحد أفلامها؟ وكيف ترون تأثيرها على جيلنا الحالي؟ وهل تظنون أنها نجحت في استقطاب الجيل Y أو غيره من الأجيال الأكبر سنّاً؟