مرحبًا،

لديّ مشكلة شخصية مع محتوى المواقع التقنية العربية؛ وأنا هنا أُعمم ولا استثني أحدًا. مشكلتي يا سادة ياكرام هي في نوعية المحتوى وقيمة المعرفية. وسوف أوضح ذلك لكني دعوني أعطي أمثلة:

  1. خبر عن تطبيق فيسبوك يضيف خاصية الوضع الليلي

  2. تطبيق قوقل للبريد يسمح بمزامنة جهات الاتصال ..

  3. سامسونج تطلق هاتف

  4. تويتر توقف خاصية إعادة التغريد

وسق على هذه الأمثلة من المحتوى الإخباري. أنت لا تراها مشكلة أنا أراها مصيبة وسوف أخبرك لك لماذا؟

توقف عن الترجمة .. أين محتوانا التقني؟

أتفهم جدًا أن المواقع الاخبارية من صميم عمليها تغطية الأخبار، ومن الطبيعي أن تقرأ مثل هذه الأخبار سريعة الهضم (التي تموت بعد يوم من نشرها) ولا تكاد تضيف أي قيمة للقارئ.

المشكلة أن تكون كل الجهود والمواقع العربية بنفس الفكر، استهلاك إعلامي دون قراءة حقيقية للواقع التقني؛ سيكون رد الغالبية العظمى أن التقنية أصلها في الغرب والأخبار التقنية تصدر عن الشركات هناك من الطبيعي أن تكون أخبارنا كلها مترجمة، وحتى أكون أكثر صراحة معكم كنت أحمل نفس هذه الفكرة الناقصة المعيبه حتى بدايات العام 2010 وأنا أحمل هذا الفكر.

لكن عندما بدأت من احتراف الكتابة التقنية بشكل كامل في العام 2013 ومع نهضة الشركات الناشئة في منطقتنا العربية، وتعاوني مع عدة منصات نشر لكتابة قصص الشركات الناشئة وجدت أن الأمر مختلف. هناك كنوز من القصص يجب أن يتم روايتها. أكتشفت أن أخبار الهواتف ومتابعتها مضيعة للوقت، بل ملوثة للعقل. لدينا رصيد معرفي في التقنية يمكن روايته بعدة صور لا حصر لها كمثال.

  1. الكتابة عن تأثير التقنية على المجتمعات العربية، نحن نمر بمرحلة انتقالية في المجتمعات العربية، كيف كان تأثير التقنية على هذا الجيل، ما هي القصص التي يمكن كتابتها عن دور التقنية في خلق الوظائف، تسهيل حياة الناس، توثيق حياتهم، ربطهم مع ببعض.

  2. جيلنا تعلّم من المنتديات - لن أخطئ الصواب إذا قلت أن من يقوم الإنترنت العربية اليوم هم جيل تعلّم من المنتديات أو كان لها تأثير كبير في حياته المعرفية. اليوم ما هي المصادر المعرفية العربية؟ صحيح أن لدينا منصات عربية للتعليم بشكل مجاني مثل أكاديمية حسوب التي بناها مستقلون من كافة إرجاء الوطن العربي. لماذا جهرنا المحتوى نحو الشبكات الاجتماعية!

  3. النصّ، الصورة، الصوت، الفيديو .. هذه الأشكال الأربعة من المحتوى كان لنا نماذج عربية و رواد فيها، اليوم (تويتر، فيسبوك) وغيرها من الشبكات الاجتماعية توفر كل هذه الأشكال ضمن موقع واحد. عليك أن تفكر لماذا تبني محتوى لا تملكه! .. صحيح أن المشرعين في كافة أنحاء العالم يضغطون الآن على قوقل وفيسبوك للدفع إلى الناشرين. وأستراليا يبدو نجحت في ذلك وربما تتبعها دول أخرى. أعني الناشرين في مجال الأخبار. وربما الدور قادم على المستخدمين حيث ربما تدفع الشبكات الاجتماعية للمستخدمين نضير استخدام بياناتهم الشخصية من قبل طرف ثالث. والحديث في هذا الجانب قد يبدو (أضغاث أحلام) لكنه قادم. ومع ذلك كله لا أجد أن الشبكات الاجتماعية مفيدة حتى لو دفعت لي. لأن إسهاماتها في المحتوى دومًا يأتي على حساب المستخدم.

  4. التّدوين: في فترة من الفترات كان للتدوين مجد عظيم؛ اليوم هناك المئات من المدونين العرب الذين ليس لديهم حساب على الشبكات الاجتماعية و يدونون باستمرار. لمست هذا الشيء عندما أطلقت (أيام التدوين العربي) و تواصلت مع مدونين جادين جدًا في صناعة محتوى بعيد عن الشبكات الاجتماعية.

  5. مجتمعات التقنية؛ اليوم لدينا مجتمعات لكل أشكال التقنية مثل التصميم، تجربة المستخدم، البرمجة بكل لغاتها. يمكن أن تنتج محتوى قيّم عن كل هذه المجتمعات، من هم؟ كيف يعملون؟ ماهي المنتجات التي يعملون عليها؟ ماتأثير عمليهم على الويب العربي؟ سؤال مثل : كم راتب المبرمج، ما هي طبيعة عمله؟ لن تجد لها إجابات في الويب العربي برغم أهميتها. (الموقع التقني لا يعني خبر عن هاتف) :)

  6. كيف يعمل؟ مقالات تتحدث عن بناء المنتجات والتطبيقات وتعلّم كيفية استخدام المنتجات، في أكاديمية حسوب هناك المئات من هذه المقالات، لكننا نريد المزيد من المواقع التي تشرح مواضيع تقنية متخصصة لا نتطرق لها في الاكاديمية.

  7. السرد القصصي عن قصص الشركات؛ عملت على هذا المشروع وكتبت ما يزيد عن 50 قصة في مدونتي؛ ودومًا أكتشف جوانب في التقنية لم يتم تغطيتها بشكل جيّد عربيًا؛ خذ كمثال (سلاسل الإمداد) هي أزمة في التجارة الإلكترونية العربية لكنك لن تجد مقال واحد يتحدث عنها. ومع ذلك كل مجتمع ريادة الأعمال يشتكي منها في كل بلد عربي.

  8. تحفيز الجيل القادم، أسوأ شيء أن يعتمد الجيل القادم في تعلّمه على المصادر الأجنبية؛ وحتى أكون أكثر عدلًا هو جيّد من جانب أكتساب اللغة وسعة الإطلاع والمعرفة. لكنه سيء في اعتمادية كاملة على اللغة الإنجليزية من البداية ثم تجده يكتب ويؤلف ويشرح وكل محتواه باللغة الإنجليزية وهذا نفقده بشكل كامل. وفي الحقيقة وجدت الكثير من هؤلاء في مجتمع ريادة الأعمال تجده كمثال يسخر من مشروع عربي ويردد قائلًا "هناك نفس المشروع باللغة الإنجليزية، ليش تتعب حالك!"، أن الوصول لهذا النمط في التفكير هو حالة انهزامية، وفقد للهوية. أنت تنتظر منهم أن يفعلوا كل شيء لك. :)

أكتب لجمهور عريض جدًا، لا تستهويه أخبار الهواتف!

نعم هناك جمهور عريض يبحث عن محتوى جاد ومقالات نقدية تتعلق بالتقنية، وبعيدة كل البعد عن هرطقة أخبار الهواتف، (أضافوا ثلاث كاميرا في الهاتف .. طيب مبروك).

عندما أقول محتوى جاد ومقالات نقدية، أعني مقالات تحفز المستخدمين على بناء مشاريع تقنية، تشرح الأخطاء التي يقع فيها رواد الأعمال، تعطي المبرمجين مساحة من الحرية لعرض أفكارهم، تتحدث عن الجوانب الأخرى في التقنية وتقاطعاتها مع الاقتصاد، الحياة، العلاقات الإنسانية، الأمن.

اليوم كلنا متواجدون على الشبكة نسبة وصول الإنترنت عالية في كل البلاد العربية من الخطأ والمعيب أن يكون محتوانا التقني هو أخبار مترجمة عن الشركات.

هل فعلًا المحتوى الجاد ما يوكل عيش!

هناك من يفترض عبًا أن كتابة محتوى جاد لا يجلب الزيارات، ولا يحقق مردود جيّد، ولا يمنح أي فائدة .. ويكلف الكثير من الوقت، وغالبًا لن تجد كاتب متفرغ لهذا المحتوى، وفي حال وجدت ستجد أن سعره مرتفع. لماذا كل هذا المجهود وأنا لن أحصل على مقابل!

بداية من خبرتي أعلم أن الاستثمار في المحتوى هو (استثمار طويل الأجل) بمعنى لا تكتب محتوى قيّم وتنتظر أن يأتيك الزوار غدًا، هو علاقة ثقة ممتدة. وتحتاج إلى وقت. لكنها مربحة جدًا وتحقق دخل مرتفع. ولها نماذج ربحية كثيرة لعل أهمها وأكثرها شيوعًا هو (بيع المحتوى)، لكنك ستحتاج إلى الصبر.

لدينا نماذج عربية اجتهدت لكنها لم تستمر، لكن اليوم بدأت موجة جديدة من جيل الصحافة الرقمية الشاب؛ وهناك محتوى قيّم والأمثلة كثيرة جدًا. وأنا متأمل خيرًا ان شالله.

مقولة المحتوى القيّم ما يوكل عيش، هي مقولة لعديمي الصبر أو الذين لا يدركون ميزة (الاستثمار طويل الأجل)

كيف تحل مشكلة المحتوى الجاد

عندما تقرأ مقالات أكاديمية حسوب وتستشعر أن كل هذا المحتوى الضخم الذي تجاوز 7000 مقالة علمية ونقدية وقصة تجربة وأيضا ترجمة، تم بنائه من خلال جهود المستقلين. يمكنك عندئذ التفكير بذات الطريقة والأسلوب ... هل تريد محتوى قيم في مجال البرمجيات، أو تجربة المستخدم، أو التصميم، أو برمجة الألعاب ... يمكن الاعتماد على المستقلين في مستقل أو خمسات وبناء محتواك ورفع سقف طموحاتك إلى أبعد مما تتصوّر.

صدى صوتي :)

وحتى أخرج من دائرة (الناقد الذي يرمي التهم ولا يفعل شيء) أنا فعلت وقدمت محتوى بعيد عن كتابة أخبار الهواتف، أكتب بشكل منتظم من العام 2013 عن الشركات التقنية، وعن تقاطعات التقنية بالاقتصاد. وعن تأثير التقنية على حياتنا. يمكن قرائتها على مدونتي وعلى المواقع التي أكتب لها. لكني هنا أبحث عن إجابات، عن صدى لصوتي .. عن من يختلف معي