القنوات الإخبارية والثقافية، مناهجُ المدارس وكلام الناس ومواقع التواصل الاجتماعي، في كل ما سبق نرى هذه الكلمات تتردد جداً فيها، في هذه الأوساط: مُفكّر/ مثقّف. حيث تسمع المذيعة مثلاً تقول: نستقبل الآن في حديثنا المفكّر العربي كذا كذا. وفي أحاديث التواصل الاجتماعي يكثر أن ينقل الأصدقاء كلاماً ومن ثمّ يقوموا بنسبه إلى شخص بصفة مهنيّة: مثقّف. 

هل يصح فعلاً أن يُقدّم الشخص نفسه أو حتى يُعرَّف إلى الناس بصفته مُثقفاً أو مُفكّراً؟ 

لا أعتقد أنّ هُناك أي وجود لهذا الأمر في العالم فعلاً، هذا تشكيل عربي لا أعرف أنّهُ موجود فعلاً في أي منطقة أخرى، وهو تشكيل غير منطقي بالمرّة، لماذا هذا الأمر يفارق المنطق بالكليّة؟ لإنّ صفة المفكّر هي فقط صفة، وصف لشخص يفكّر، حاله، وضعه الآن، وضعه في الحياة، هي لا تعبّر لا عن عمله ولا تعبّر بالضرورة عن مهمّته في الحياة، الأمر غريب للصراحة ولتعرف فعلاً كيف نقع بالغرابة حين نقول عن فلان أنّهُ مُفكّر؟ أي أن تعرّف الناس عليه بالمفكّر؟ عليك أن ترى الأمور بهذه الطريقة حيث أن الأمر أشبه بأن تعرّف شخص على جماعة بأنّهُ جميل، هذه صفته، حاله، شكله، لكن هذه الكلمة لا تُعبّر عنّه نهائياً. 

ثُمّ حتى ننال لقباً في الحياة عليه أن يأتي من أمرين، إمّا من شهادة أكاديمية لتعطيه لقب أستاذية أو دكتور، أو لقب يأتي من المهنة التي يشتغل بها، بهذا نحصّل ألقابنا بالحياة وهناك طبعاً الألقاب القليلة التي يُصادق كل المجتمع على إعطائها كـ مثلاً: بطل، سفير النوايا الحسنة.. 

لكن مُفكّر أو مثقّف؟ فهذا برأيي أمر يستخدمه بعض الناس من أجل سببين في الحياة أو لأحداهما فقط، الأوّل ليجدوا ذريعة لكي يعلو بأنفسهم فوق المجتمع أو ثانياً ليصبح لكلمتهم معنى ويجدوا مطرح لهم بين الصفات والألقاب المحصّلة بالتعب والدراسة أو الجهد المضني. هو أمر برأيي يجب أن لا يكون مقبولاً اجتماعياً، وأنت ما رأيك بهذا الأمر؟ هل تشعر أنّك غير موافق للطرح الذي أقدّمه حالياً؟