أثناء بحثي حول تعريف للجاهل وجدت أنه شخص يوصف بنقص العلم والمعرفة والإطلاع، فالجاهل يعتبر نفسه عالمًا في كل الأمور، فيقوم بإدلاء رأيه في أي موضوع كان وهو عادة يسيء التصرف، ولا يحكم عقله في الحديث، وتراه يستخدم أسلوب النقاش العصبي، والمتطرف من أجل إثبات رأيه، وجعلك تقتنع به.

ويلجأ الجاهل لإستخدام أساليب متعددة فتراه يخطئ غيره، ويبدي صحة وجهة نظره دون الآخرين.

لاعتقاده أنه الأكثر علماً ونباهة، والطرف الآخر أقل ذكاءً منه ومعرفة بالمواضيع المطروحة.

لذلك تراه يختار الطرق السلبية في الحوار، كالصراخ، ورفع الصوت، وتسفيه الرأي، والاستهزاء، والضحك أحيانًا على رأي الآخرين، ولا يشعر بأخطائه ولا يعترف بها.

يقول ويليام ماكدو: من المستحيل هزيمة رجل جاهل في نقاش.

في ضوء هذه المقولة نتذكر أنفسنا في ذات يوم، ونحن نناقش شخصًا جاهلًا في مسألة نحن أدرى بها، ونعرف بها جيدًا.

كأن يناقشك أحدهم بجزء معين من تخصصك، فتحاول إقناعه، وأنت متأكد أنك درستها، واختبرت بها، بل وقد علمتها لآخرين، وهي موجودة في الحقيقة، لكنه يستمر في نقاشه الجاهل معك، رافضًا كل الأمر بقوة وغرابة! حتى تكاد تشعر أنه مع شدة إصراره سيتفوق عليك في النقاش!!

هنا لابد أن تظل مستمرًا في نقاشه، مهما شق عليك النفس وتعبت من مجاراته، لأنك في حال تركت له الساحة، جعلته يظن أن رأيه هو الصواب! وهذا لاشك يخالف العقل.

بعض الأشخاص سوف يقولون: لا أحب مجادلة الجاهل، لأن الناس لن تفرق بيننا! وذلك لأن تشدد كل شخص برأيه، يظهر الإثنين في مظهر الجُهال!

وهنا أريد أن أبرز أن النقاش الفعال هو من أجل إقناع الجاهل بما ينفعه، ولتغيير الأفكار الخاطئة لديه، وإلا كيف سيتعلم الجاهل..؟

المهم هو أن يكون للشخص العارف والعالم أسلوب حواري ونقاشي جيد، وأن يتحلى بالصبر ليصل إلى نتيجة إيصال رأيه لهذا الجاهل..

أرى أن مقولة ويليلم ماكدو ليست صحيحة، فهناك أمثلة كثيرة تضحدها أرض الواقع، وكم رأينا برامج حوارية، يتغلب فيها الشخص العالم على الجاهل، يبطحه برأيه وبدراساته، وبحججه المقنعة، بل يشعر الجاهل أن محاوره فذ وقوي، وصاحب حجة مقنعة، فيخضع ويخنع، ويسلم راياته له.

وهنا أتذكر نقاشي أنا وأحد الأشخاص، حول موضوع متعلق بأهمية أن تضع الأم نفسها في أول سلم الأولويات، ولا تضع أبناءها أو زوجها أو أهلها في سلم الأولويات، وخلال حواري، ظل الشخص الآخر مصرًا أن الأم يجب أن تكون في نهاية السلم!

ثم بعد أن وضعت أمامه الحجج، والبراهين، والأدلة، وأعطيته محاضرة ليسمعها، جاءني في اليوم التالي، وقد شعر بمعنى كلامي، ودقته، وقد أرضخته كل البراهين.

هل أنت ترى مقولة ويليام ماكدو صحيحة؟ وهل لا يمكن مناقشة جاهل والفوز بنتيجة مرضية لك؟

وإذا وقعت بمجادلة مع شخص جاهل، هل تكمل النقاش، أم تتهرب تاركًا له المساحة لرأيه الخاطئ!