لماذا العالم العربي على حاله من الركود وانعدام المشاركة في الحضارة الإنسانية؟ هل ينقصنا الموارد الطبيعية؟ أعتقد أن الإجابة لا. أظن ان الإجابة تكمن في أفضلية طبيعة العقل الغربي عل طبيعة العقل العربي.

في كتابه ( تاريخ الفلسفة الغربية) يعرج برتراند راسل على إسهام رجال الفلسفة والعلم العربي فيصف دورهم بالوسيط الناقل لا أكثر. هنا الرجل لا يتجنًى علينا وإنما يقول ما يراه صواب فقط. راسل لا يحكم في كتابه على أفضلية أي من العقلين ولكن يقرر حقيقة فقط. يقول راسل أن هناك فارق بين العقلين. فالعقل العربي مرتبط بالمحسوسات أكثر ولذا فهو ضحل الخيال. فحتى النظريات لديهم لم يبتدعوها وإنما عدلوا فيها بصورة بسيطة ونقلوها فقط. أما العقل الغربي فهو عقل تجريدي يميل إلى التجريد أكثر ومن هنا كانت النظريات وفلسفة الإغريق وفي قمتها هندسة اقليدس. تجريد الخيال وسعته يعني تعقد الفكر وتركيبه على النقيض من واقعية المحسوسات الضيقة.

ولكن هنا علينا أن نسأل أيضاً: لماذا العقلية الغربية أكثر خيالاً وتجريدا من العقلية العربية؟ لا أعتقد أن ذلك مرتبط بالجينات او العرق وإلا كنا عنصريين ولكن الأمر مرتبط أكثر بطبيعة البيئة التي نشأ فيها العربي وتلك التي نشأ فيها الغربي. فبيئة العربي بيئة ساذجة أي بسيطة وصريحة ومن هنا طبعت فكرهم بالسذاجة. فالبيئة صحراوية فكان العربي ينظر فوقه فلا يجد إلا الشمس في كبد السماء والقمر مثلها بالليل. أما البيئة الغربية فهي تكتنفها الأشجار و الغاباتو الظلام ومن هنا الخيالات المعقدة و الإحتيال وتركيبية التفكير وتنامي الخيال. لعل هذا يفسر حقيقة عدم وجود ملاحم عربية في الشعر العربي كملاحم هوموروس و فرجيل واتصاف الشعر العربي بالغنائية فقط.

إذن فالأمر مرتبط بطبيعة البيئة التي قولبت عقولهم على هذا النحو فأصبحت أدمغتهم أكثر تركيبا من أدمغتنا فورثوا ذلك لاعقابهم. ما رأيكم في هذا التفسير وهل ترون أسباب أخرى لتقدمهم وتأخرنا؟

: