في يوم العم فلنتين هذا كل الناس يتهافتون الى الشكولاتة والدباديب الحمر، أما أنا فأذهب للمتنبي، لأحادثه عن حكاية حبي الأولى وأنا في الثالث عشرة، يوم دقت نار الحب لأول مرة من بين قوافيه الصعبة المتداخلة، واحر قلباه ممن قلبه شبم، لم تكن بالنسبة لي مجرد مواساة وحتى تعبيرا جيدا عن الذات، بل كانت خلقا لشاعرة جديدة في قلبي تصنع الجمال هي الأخرى في كل شيء تراه، وسأكبر ويكبر معي المتنبي، فأجده في كل مكان حاضرا ومكتسحا، إن في التربية أو السياسة أو الأخلاق أو الاجتماع...الخ، فهل المتتبي إلا شاعرا أعطته اللغة مفاتيح النظر بغير ادراك، أم أنه فيلسوف طوًّع اللغة وجعل الفكر شعرا ، بيانا وتسهيلا وإمتاعا؟

قد يتساءل البعض، ما بالها تخلط الأدب بالفلسفة، وكيف لشاعر هو الأكثر عند العرب تبجيلا ودرسا ومباحثة، أن تدخله الفلسفة هكذا ببساطة ونحن نعرف أن الفلسفة أبعد ما تكون عن الشعر بل هو منبوذ منها –عند افلاطون على الأقل-؟

حسنًا..سأذكر بعض مبررات ادعائي لعلها تبين شيء مما أريد:

  • تربينا على أن المتنبي هو شاعر الفخر بنفسه فقط، لكن الفخر ليس إلا جانب من جوانب شعره، وهو الجانب الواضح في كل شعر العرب وليس المتنبي فحسن.
  • شعر المتنبي ومسيرته كلها من صباه الى شيبه كانت حربا على السياسة، وطمعا فيها أيضا، وهذه بعض خصال الفيلسوف أن يطح للملك وأن ينقذه في آن واحد.
  • كل الحكم التي يحويها شعر المتنبي هي حكم أخلاقية من الدرجة الأولى" الظلم من شيم النقوس فإن تجد ذا عفة فلعة لا يظلم".
  • أهم ما يميز المتنبي عن كل الشعراء من يومه الى الان، هو جرأته على النقد والانتقاد والبحث عن الحقيقة والحق فيما يقول، دون أي خوف من أي قوة، وهذه أهم صفاة الفيلسوف يقول في ابن كيغلغ:

ارفق بنفسك إن خلقك ناقص*** واستر أباك إن أصلك مظلم

ومن البلية عذل من لا يرعوي ***عن غيه وخطاب من لا يفهم

في رأيكم: ما لفاصل بين الشعر والفلسفة؟ هل ترون معي أن المتنبي فيسلوفا؟ ماهو جمل بيت تحفظونه للمتنبي وفيه حكمة أو بعد فلسفي؟