"وجود الالم او عدم وجوده يتوقف على حاله الوعي" - عبد الرحمن منيف

أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي أشارككم فيها رأيي عن فيلم شاهدته، ولكني أردت مناقشتكم عن موضوع التكيف مع الألم من خلال منظور الفيلم. قصة الفيلم -دون حرق- طفل يتعرض لمشقات منزلية عسيرة في طفولته، أدت في النهاية لخلق نوع من التشوه النفسي داخله وجعلته "مضطر" للتكيف مع ألمه وواقعه بأي شكل وأسلوب، وللعلم منظور الفيلم يميل للواقعية الشديدة دون كليشيهات سينمائية فقط لزيادة حدة المشاهد أو التعمق في إظهار الألم من مواقف بشكل مبالغ، بل تركني الفيلم أتساءل هل يدفعنا الواقع أحيانًا لتقبله والاستسلام له بكل إرادتنا وقوتنا؟

أحيانًا نرى أمثلة للناجحين الذين لم يمروا بأي مشقات تًذكر بالنسبة للواقع ونجدهم يتحدثون عن قوة الإرادة والعزيمة، ولكنهم لم يتناولوا مثلًا إلى موضوعات كالألم الناتج عن الفشل المتكرر أو الشعور بالخذلان، أو الاضطرابات النفسية التي تنشأ من سوء التربية، أو كيفية التعامل مع الإحباط المستمر أو اليأس، والفكرة أن السيطرة على تلك الأمور هي التعريف الحقيقي لأول نجاح، وهو أن أصبح شخصًا سويًا قادرًا على التعامل مع الحياة.

شعور الألم النفسي هو نفس شعور الألم الجسدي (نفس المسارات العصبية في المخ)، ولكن الفكرة أن الألم الجسدي ينتهى مع زوال محفزه، وهذا عكس الألم النفسي الذي يظل قابعًا هناك ربما لسنين طويلة لم يُعالج، بل يدفع الشخص لتبني عقلية التكيف معه بأي وسيلة ممكنة، فقط لإخماده!

لذا سؤالي هو نفس ما بدأت به مساهمتى: إلى أي مدى يمكننا التكيف مع الألم وقبوله؟ وكيف نتعامل معه دون تسكينه فقط أو إنكاره؟