نحن نعرف جميعًا أن قدرتنا على المعيشة وتحمل الظروف البيئية هو نتاج سنوات وقرون عديدة من التحور الجيني والتكيف على المكان الجغرافي، فمثلًا، من يعيشون في شمال أوروبا، يتميزون ببشرة أفتح وشكل جسم أقصر من أولئك الذين يعيشون بالقرب من خط الاستواء. لكن هل تساءلتم كيف يحدث هذا؟ ولماذا؟
الإجابة ببساطة تكمن في تعريف التكيف، وهو الحاجة لحدوث تغييرات فسيولوجية لجسم الانسان، والتي تمكنه من العيش بسلاسة في البيئة المحيطة به. وهناك أشكال وأنماط عديدة للتكيف، ف هناك التأقلم قصير المدى، وهناك التأقلم التنموي، وكذلك التكيف الوراثي والذي يحدث على مدار أجيال عديدة. التنوع في لون البشرة هو مثال للتكيف الجيني الذي يحدث على مدرا سنوات، فلنفكر في بعض الأشخاص الذين يتعرضوا لأشعة الشمس (الأشعة فوق البنفسجية) بصورة مستمرة لأعوام عديدة، بالطبع ستجد لون بشرتهم يميل للون الغامق بسبب ترسب مادة الميلانين تحت الجلد، والتي تحمي من أشعة الشمس الضارة، على عكس الذين يعيشون بالقرب من القطبين الشمالي والجنوبي، ستجد لون بشرتهم أفتح لأنهم لا يتعرضون لأشعة الشمس كثيرًا، لذلك ليسوا بحاجة لترسب مادة الميلانين.
كذلك فأن شكل الجسم يختلف على حسب التوزيع الجغرافي، فنجد أن من يعيشون بالقرب من خط الاستواء أكثر طولًا من أولئك الذين يعيشون بالمناطق الشمالية لأن الطول يجعلهم أكثر قدرة على التخلص من الحرارة، بينما القصر يجعل الفرد أكثر قدرة على التمسك والحفاظ على الحرارة. بعض الأمثلة على التأقلم قصير المدى هو عندما تخرج من مبنى درجة حرارته منخفضة إلى درجة حرارة مرتفعة في شهر أغسطس، فأن الجسم يحاول التكيف سريعًا على هذا الوضع من خلال عملية التعرق من أجل التخلص من الحرارة وتبريد الجسم ليتلاءم مع البيئة المحيطة.
هناك صفات فيسيولوجية واضحة ستجدها عند المقارنة بين البشر الذين يعيشون في مناطق مرتفعة عن مستوى البحر والذين يعيشون عند مستوى البحر، فإن الفئة الأولى ستجد أن لديها رئتين أكبر من الفئة الثانية، وذلك يساعدها على التنفس بشكل طبيعي، فإذا قامت الفئة الثانية ب رحلة تسلق جبال مثلًا، ستعاني كثيرًا لأن رئتيهم ليسوا متأقلمين على هذا النوع من الضغط الجوي.
أثبتت بعض الأبحاث أن هناك نوع من البشر يستطيعون البقاء تحت الماء أكثر من غيرهم لمدة تصل إلى 10 دقائق أو أكثر، لأنهم يعتمدوا كليًا على البحر في طعامهم فتجد أنهم طوروا هذه الجينات على مر الأجيال، هل تعتقد أن هذه الصفات قد تؤهلنا للعيش تحت الماء بعد مرور السنوات؟
إذا كنا من أهل أفريقيا أو أمريكا الجنوبية، فعلينا بأخذ الاحتياطات من ملابس مخصصة عند زيارة بلاد شمال أوروبا أو آسيا، وتتأكد من وضع واقي الشمس إذا كنا نعيش في أوروبا وأردنا زيارة جنوب أفريقيا.
ما رأيكم في قدرة البشر الخارقة على تطوير هذه الصفات التي تفرق بين شعب وشعب كليًا من حيث الشكل والصفات وحتى التعاملات الثقافية؟ وهل من الصعب على الانسان الذهاب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب دون أن يواجه عقبات فيسيولوجية تضطره إلى التراجع في قراره؟ هل هناك أنواع أخرى من التأقلم لاحظتموها أثناء حياتكم؟
التعليقات