ما رأيك في فكرة إلغاء الامتحانات التقليدية التي تُجرى في المدارس واستبدالها بمشاريع عملية تهدف إلى تقييم مهارات الطلاب أكثر عبر مشاريع لها ارتباط بالحياة العملية؟ هل أنت مع هذه الفكرة أم ضدها؟ ولماذا؟
مع أم ضد: إلغاء الامتحانات التقليدية في المدارس واستبدالها بمشاريع عملية؟
فكرة جيدة ولكن إذا كانت المشاريع داخل المدارس وبنفقات الدولة أو جهة المسؤولة، ولكن إذا كانت المشاريع من جهد الطالب لقياس مهاراته فستظلمه وتظلم أغلبهم، في هذه الحالة سيتم إلغاء الطبقة المتوسطة والأقل في المجتمع اقتصادياً.
أي أنِّي مع الفكرة المناسبة لأغلب الطلاب
لم أفهم ما الذي تقصدينه بأن تكون هذه النفقات التي قد تفرض خارج المدرسة، أرجو التوضيح. ولكن بالعموم أنا مع أن يدفع الطالب مقابل التعليم وأن لا يكون ما يدفع حتى رخيصاً، للاسف التعليم المجاني أنا برأيي هو أكثر ما يجعلنا نستخف بالتعليم كناس وأكثر ما يجعلنا ننتج كميات كبيرة من الخريجين الغير عاملين، العاطلين عن العمل!
لنفترض مثلًا أنه تم طلب مشروع من طلاب صف معين، الواقع أن الطلبة لا يعتمدون على أنفسهم في تنفيذها بل يلجأون إلى الأهل الذين يتنافسون في إظهار مهاراتهم أو قدراتهم وغالبيتهم يلجأون لمختصين لتنفيذ المشاريع مقابل المال، هنا ستكون النتيجة الأفضل لمن يدفع أكثر مقابل مشروع احترافي، هنا لن تكون التقييمات بناء على قدرة الطالب نفسه أو مهارته التي لو اعتمد عليها فعليًا فلن يكلف المشروع الكثير.
بالإضافة أن التعليم مكلف بالفعل وتلك الأنشطة إذا زاد الاعتماد عليها بدلًا من الاختبارات ستزيد من أعباء الأسرة، ولن تعود على الطالب بفائدة حقيقية.
المشكلة أن هناك جانبًا آخر تمامًا نغفل عنه، وهو أنه بمجرد إعلان إلغاء الامتحانات التقليدية واستبدالها بمشاريع عملية، ستبدأ جميع المكتبات في تنفيذ المشاريع الدراسية للطلاب، مما سيؤدي إلى أنهم لن يستفيدوا بشكل فعلي من التجربة العملية، لذلك أؤيد وجود اختبارات شفوية وعملية حقيقية ينفذها الطلاب أمام المعلم داخل المدرسة، حيث يمكن للمعلم تقييم مهارات الطالب بشكل مباشر ومعرفة مدى استيعابه للمواد الدراسية، ولكن يجب أن يتوافر الوقت المناسب لتحضير الطلاب لهذه الاختبارات بحيث يكونوا قادرين على إظهار قدراتهم الفعلية دون ضغط مفرط.
صحيح وهذا يحدث الآن بالفعل في كثير من الكليات حتى الهندسة، وهذا حله ليس سهلًا ولكن بسيط في رأيي، وهو تعزيز جوانب مناقشة المشروع من الأساتذة وتوجيهها بحيث يعلم الأستاذ حقًا مدى فهم الطلاب للمشروع، وقد يعزز ذلك أيضًا تطبيق إلكتروني وهو لوحة العمل، فلم لا يتم تسليم أجزاء المشروع على فترات وتوضيح دور كل شخص بها بطريقة طويلة الأمد بدلًا من فجأة مناقشة لمشروع في أخر العام بعد انقطاع شهور؟
أري أن المشاريع العملية وسيلة فعّالة لتقييم المهارات التطبيقية والفكرية وتعزز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب، كما تربط التعليم بالحياة الواقعية وتُشجع على التعلم الذاتي.
أما الامتحانات التقليدية توفر معيار موحد يمكن من خلاله قياس التحصيل الأكاديمي بشكل موضوعي
أعتقد استخدام نظام التقييم الهجين الذي يدمج بين الاختبار الأكاديمي والمشاريع التطبيقية يضمن تقييم متكامل للطلاب.
يمكن تنفيذه بشكل مبدئي كالاتي
50% من الدرجة النهائية تعتمد على الامتحانات التقليدية لقياس المعرفة النظرية والفهم الأكاديمي.
50% تعتمد على المشاريع العملية لتقييم المهارات التطبيقية والإبداعية.
الجمع مع التقليدي يعني أن من وجهة نظرك أن للامتحان التقليدي الأكاديمي فائدة وفائدة كبيرة أيضاً، أنا للصراحة لا أعرف ما الذي يمكن أن استفيد منه من مواجهة سؤال يريد أن يجعلني أخرج ما احفظ غالباً لا ما أفهم وأطبّق، ولكن مهتم بالطريقة التي ترى فيها الامتحانات التقليدية حتى قررت أنها مهمة في العملية التعليمية.
في الحقيقة، الامتحانات التقليدية قد تكون مثارًا للجدل بالنسبة للكثيرين. من خلال وجهة نظري، يمكن للامتحانات التقليدية أن تكون نموذجًا موحدًا للقياس، حيث تتيح طريقة موحدة لتقييم جميع الطلاب وفقًا لمعايير ثابتة بغض النظر عن خلفياتهم أو أساليبهم في التعلم. من خلال هذا النظام، يمكن للمدرسين والمربين مقارنة مستويات التحصيل الأكاديمي بشكل موضوعي ودقيق.
مثال عملي على ذلك هو في مجال الطب، حيث تُجرى الامتحانات التقليدية التي تشمل أسئلة متعددة الخيارات أو أسئلة مقالية لتقييم المعرفة النظرية حول التشخيص والعلاج. هذه الامتحانات يمكن أن تساهم أيضًا في تحفيز التفكير النقدي والتطبيق العملي. فعلى سبيل المثال، قد يُطلب من الطلاب في الامتحان تفسير حالة طبية معينة باستخدام المعلومات النظرية التي تعلموها، مما يتطلب منهم تطبيق معرفتهم في سياق واقعي.
ممتاز إذاً علينا أن نسأل، ما زال أنا وأنت ومعظم من كتبوا لي على المساهمة مهتمين جداً بمسألة المشاريع بدل الامتحانات التقليدية، إذاً لماذا بظل هذا التوافق العام لا نجد أي توجّه عام أيضاً باتجاه هذا الأمر؟ ما الذي يمنعنا من تطبيق هذه الأمور؟!
عبر مشاريع لها ارتباط بالحياة العملية
أعتقد أن تنفيذ ذلك يحتوي على جزء من الصعوبة، بسبب أن المناهج الدراسية ليس لها علاقة كبيرة بالواقع العملي، لكن سيكون التفكير في ذلك وسيلة جيّدة جداً، حيث سيؤدي لتصميم مناهج أكثر عملية، وأكثر ارتباطاً بالواقع العملي، مما يرجع بالفائدة على كلاً من الطالب وسوق العمل.
يعني بتطبيق هذا الاقتراح ترى أنه سينعكس بدوره على المناهج ويغيّرها لتتناسب مع واقع الطرح العملي بالامتحان؟ هل ما ينقصنا لتصميم مناهج واماحانات مماثلة برأيك فقط المال والخبرة أم أن هناك أمور أنا لم أذكرها وهي تساهم بشكل رئيسي في هذا الخلل بمنظومتنا الامتحانية والتعليمية؟
أعتقد أن هناك فجوة بين سوق العمل وبين النظام التعليمي، فالنظام التعليمي يركز على المعارف النظرية، ويهمل بشكل كبير المعارف العملية والتدريب الفعلي، فتجد الصحفي والكاتب لا يتدرب في جريدة إلا بعد انتهاء كل سنوات الكلية، وتجد المحامي لا يشاهد محاكمات حقيقية إلا بعد نهاية التعليم، كان الممكن توفير تلك السنوات إذا احتوى نظام التعليم على فصول دراسية مخصصة للاحتكاك بالواقع العملي ولو بالحضور واكتساب الخبرات، حتى يتخرج من التعليم جاهز للمشاركة.
كوني حاليا ادرس الهندسة، وهي تعتبر من أكثر المجالات التي تحتاج إلى التركيز على الشق العملي أكثر من الشق النظري، اعتقد أننا في أمس الحاجة إلى ذلك.
مشاريع التقييم العملية يمكن أن تكون خيارًا أكثر عدلًا وفعالية. أتخيَّل أن يتم تقييمنا في مادة الاستاتيكا مثلا على أساس تصميم نموذج عملي لجسر، أو تطوير حل برمجي لمشكلة هندسية، أو حتى دراسة حالة حقيقية وتحليلها! هذه المشاريع لا تقتصر على قياس المعرفة النظرية فقط، بل تظهر قدرتنا على البحث، التحليل، الإبداع، والعمل الجماعي، وهي أمور جوهرية في الحياة العملية ليس في الهندسة فقط بل في اي سوق عمل
أعتقد فكرتك تصلح للجامعات والمعاهد بشكل أكبر عن المدارس.
مثلا لو طلبنا من طالب أن يقوم بعمل مشروع في مادة التاريخ أو الفلسفة أو الدراسات الإجتماعية ، أو ربما الجغرافيا والرياضيات فكيف سيكون شكل المشروع؟
لكن بالجامعة سيكون الطالب قد جمع معرفة كافية لعمل مشروع كامل. أو عمل بحث شبيه ببحوث الماجستير والدكتوراة في حالة كانت دراسته نظرية كالتاريخ والدراسات الإجتماعية والتربية الإسلامية
يمكن تطبيق نفس الفكرة على نطاق أصغر، يعني مثلا بالفلسفة يمكن طرح عدة مواضيع تجمع وتغطي المنهج الدراسي، ويبدأ بالبحث والتحليل للمعلومات فالجيل الحالي لديه قدرات تقنية أعلى مما نتصور، ثم تصميم بوربوينت بأي اداة خاصة بوجود أدوات الذكاء الاصطناعي التي تنشيء العرض التقديمي بدقيقة، وويمكن عرضه أمام فصله والمعلم ومناقشة الطالب فيه، هذه الطريقة ممتازة وسيتعلم من خلالها مهارات لم نتعلمها إلا بالجامعة، وستعز لديه القدرة على التعلم لا ينتظر أحد أن يأتي إليه بالمعلومة
التعليقات