لم أكن أتوقع يومًا ما أن أقرأ أنّ ثمة اعتقاد بل يقين يقول أن الخبرة قد تقتل الإبداع حقًا، فلطالما رفعنا ونرفع شعار الخبرة كونه يعدُ أمرًا ضروريًا من أجل الحصول على العمل أو حتى لتأسيس مشروع أو شركة خاصة كرائد أعمال!، ولكن يبدو أن الكاتبة البريطانية من أصل إيراني "سحر الهاشمي" أتت بِرأْي مخالف لما نعتقد، فالخبرة برأيها تقتل الإبداع! توقفت هنيهة لأتساءل، هل حقًا من الممكن أن تكون الخبرة عامل من عدة عوامل تؤدي إلى قتل روح الابتكار والإبداع عند الأشخاص؟! هل هذا الأمر يقتصر على رواد الأعمال أم الجميع؟!

قبل فترة وقعت عيني على كتاب التيقظ لهذه الكاتبة، ولكن الفضول دفعني الي قراءة الصفحات الأولى من الكتاب والتي كانت عبارة عن سيل من عبارات المدح والثناء تتدفق بغزارة على الكاتبة وكتابها  من قِبل مؤثرين وأصحاب شركات عالمية مثل ؛ شركة إنفوسيس، جيست، إيكيا ثم دفعني الفضول أيضًا للمضي قدمًا لقراءة باقي صفحات الكتاب بتأثر واندهاش.

 لكن ما لفت نظري حقًا وما جذبني نحو الكتاب هو العادة الرابعة من العادات الثماني للعقلية المتيقظة التي ذكرتها الكاتبة في كتابها، هذه العادة تتحدث عن أهمية الافتقار إلى الخبرة، حسنًا..يقصد من هذه العادة أن نفرغ ذهننا وننسى رصيدنا من المعرفة وأن ننتبع نهج جديد في عملنا بدلًا من قول اعتدنا على هذا وذاك. فبرأي الكاتبة أن المعرفة والخبرة يمكنهما أن تضعا غمامات على قدراتنا الابداعية!

الكاتبة استشهدت ب"هنري فورد" أشهر الصناعيين الأمريكيين في السيارات كمثال، فورد كان يحاول أن يجعل الحزام الناقل الخاص بشركته يعمل على نحو أسرع، فسأل موظفيه ممن لديهم باع طويل وخبرة في المجال عن كيفية القيام بذلك. فكان إجابتهم كالتالي :"سيد فورد، لقد عملنا على خط التجميع هذا على مدار 25 عامًا. صدقنا لا يمكن أن يعمل هذا الخط على نحو أسرع". تخيلوا ماذا سيكون رده ولعله فأجاني حقًا عندما طلب منهم بأن يحضروا شابًا في عمر 19 عامًا وعدم اخباره بأن الخط لا يمكن أن يعمل على نحو أسرع. ففورد يرى أن الشخص الغير مقيد بالخبرة هو من سيبدع وبالفعل أبدع هذا الشاب.

المخترع "جيمس دايسون" أيضًا يرى أن العامل الأساسي وراء نجاح شركته هو توظيفه لخريجي الجامعات الجدد ويقول في هذا الصدد:

"إن السبب الرئيسي لذلك هو أنهم أنقياء؛ فهم لم يتقيدوا في بذلة ولم يتعلموا التفكير على يد شركة لا تفكر في شيء إلا الربح على المدى القصير والتقاعد المبكر".

ثمة نصائح رافقت العادة الرابعة قرأتها وربما الكثير على معرفة بها مثل؛ تجنب فخ النجاح، هزيمة الروتين، التخلص من عقلية العمل الفردي والاستعانة بالغرباء عن المجال، عدم القلق من المنافس و التخلص من عقلية أن هذه الطريقة مجربة بالفعل أو هذا ما اعتدنا عليه إلى جانب نصائح أخرى.

يبدو أن من كثرة الأمثلة وبعض الأدلة- المرفقة في الكتابة حول الخبرة- بدأت قناعتي التي كانت شبة ثابته حول أن الخبرة مهمة ولا يمكن استثناءهًا في التوظيف تتراجع ولكن بحذر، فنقاء الذهن و الابداع والحماس، يعدُ بالنسبة لي في الاولوية لكن في نفس الوقت لا ننكر أهمية الخبرة في بعض الأمور.

وأنت ما رأيك؟ هل من الممكن أن يكون حديثي التخرج أفضل ذوي أصحاب الخبرة؟ لو كنت صاحب شركة، من ستوظف من هؤلاء؟