حدث يومًا أن أمطر المحامون هنري فورد بوابلٍ من الأسئلة في إحدى القضايا التي رفعها، فما كان منه بعد صمتٍ طويل إلّا أن غضب وقال:"إن أردتم فعلا الإجابة عن هذه الأسئلة الغبية التي تسألونها، دعوني أذكركم أن لديّ صفا من الأزرار الكهربائية في مكتبي، بمجرد أن أضغط على الزر الصحيح يمكنني استدعاء الأشخاص الذين يستطيعون الإجابة عن أي سؤال أرغبه. الآن، هلّا أخبرتموني لماذا أزحم عقلي بمعرفة كل شيء في الوقت الذي فيه حولي أناس يمكنهم إمدادي بالمعرفة التي أريدها في أي وقت؟!"

في ما مضى، دائمًا ما دار بذهني أنّ رائد الأعمال هو نفسه الرجل الفاهم والعارف الذي يجلس في المجتمع فيعتبره النّاس من كبار المثقفين نتيجة إلمامه بعدد كبير من القضايا. ولكن، بعد ما قرأته عن رأي فورد تغيرت وجهة نظري إذ أنّ رائد الأعمال الذكي وبحسب فورد لا يثقل نفسه بالمعلومات التي تفيد ولا تفيد بل يكفي أن يسأل عنها المتخصّصين الذين يوظّفهم لهذه الغاية. والآن أعود وأذكّركم: فورد هو أحد أبرز رجال الأعمال في القرن العشرين والذي بدأ معه تقسيم العمل التفصيلي أي تقسيم انتاج السلعة الواحدة إلى مجموعة من المهام يشرف على كل واحدة منها عامل منفصل.

وهنا أتذكّر موقف آخر لمؤسس مجموعة فيرجين العالميّة ريتشارد برانسون. ففي إحدى اجتماعات العمل سأل برانسون أحد الموظّفين حول الفرق بين الربح الإجمالي وصافي الرّبح، ومن منّا لا يعرف هذا الفرق؟ فعاد لاحقًا برانسون ليضع تغريدةً على التويتر يصرّح فيها أنّ الفرق بين كلا الربحين هو أمر تعلّمه في مرحلةٍ متأخّرة من حياته وبعد عدّة أعوام من تحوّله إلى ملياردير.

المشترك بين برانسون وفورد أنّ كلاهما يوظّف الأفراد الأكثر ذكاءً وأصحاب الرساميل الفكرية أو المعرفيّة لكي يستلموا زمام العمل. ولكنّني ورغم نجاح كليهما في صناعة إسم في عالم الأعمال، لستُ مقتنعة بفكرتهما إذ أنّ المعرفة وبرأيي إحدى أهم ركائز صناعة رجل أعمال ناجح وخاصّة تلك المرتبطة الشق المالي الذي هو من أساسيّات أي رجل أعمال ناجح.

وأنتم برأيكم،

هل تقفون مع فكرة برانسون وفورد أم أنّكم ضدّهما؟ وهل هو أمر صحيح أن يريح رجل الأعمال نفسه من المعرفة خاصّةً المرتبطة الأمور الماليّة ؟