هذا ما رآه الفيلسوف الفرنسي فولتير.. حيث اعتبر ان عدم الإتفاق بمثابة فشل لطرفي الخلاف أو النزاع أيا ما كانت مواقفهم وآرائهم!
فلو افترضنا جدلا صحة هذا الرأي..
فما هي الطريقة الأمثل لإنهاء جدالاتنا وخلافاتنا دون إطالة برأيكم؟.. وهل لشخصية الطرف الآخر وعقليته دور في تحديد طريقة ومدة الاختلاف معه؟!
عدم الاتفاق على ماذا بالضبط؟ لأن وجهة النظر هذه يمكنني أن أعارضها عندما يكون هنالك من هو يستقوى على الضعيف ويناقشه في مسألة ما ربما مرؤوس وموظف ويقتنع الموظف برأي مديره حفاظا على لقمة عيشة وهذا ما تناوله تشيخوف في قصة المغفلة، لذا الطريقة هي موازنة القوى بين الطرفين وهذا نادار ما نجده فلو تناقش صاحب رسائل دكتوراه مع غيره ليس حاصل على الدرجات العلمية فعليه تجريد نفسه من ألقابه بحيث لا يكون النقاش وكأنه أوامر من أعلى إلى أسفل أو يبحث عن من يمتلك موازين القوى مثله ليجادله، وهكذا في أي جدال يا أما تتجرد من قوتك حتى لا تستخدمها ضد من ليس لديه القوة حتى نصل إلى نقاش حقيقي، أو تبحث عن من هو قريب لك في القوى.
فلو تناقش صاحب رسائل دكتوراه مع غيره ليس حاصل على الدرجات العلمية فعليه تجريد نفسه من ألقابه ..
حتى لو كان الخلاف حول موضوع في صلب تخصصه ودراساته؟.. فلماذا لا يمكن لصاحب الدكتوراه ذلك أن يستخدم تلك الميزة، لإقناع الطرف الآخر بأن رأيه مبني على أسس علمية!
لكن البعض لا يقتنعون حتى بعد إثبات ذلك، فكيف نتصرف عند الاختلاف مع تلك الفئة برأيك؟!
لأنه في هذا الموقف لن يكون جدالا بل سيكون مناظرة وهو سيلقي ما تعلمه على غيره الذي بالأساس ربما لا يريد هذا الرأي أو يرى صاحبه ينظر له بنظرة استعلاء، تماما مثل ما حدث من محاورات ما بين العاقد وطه حسين وقال طه حسين أن العقاد لم يصحل على درجات علمية فكيف لي أن استمع إلى رأيه رغم أن طه حسين مفكر عظيم وكبير لا يختلف شخص على هذا وكذا العقاد ولكن لأن لكل منهما نهجا فكان يستمر الخلاف الفكري لسنوات. لهذا أقول بالتخلي عن القوى التي يمتلكها الشخص، وكان لديكارت تقريبا نفس وجهة النظر وهي التخلي عن القديم وتخلي الشخص عن معرفته القديمة لو أراد أن يصل إلى حل في مسألة ما وانه لا فرق بين من تعلم وحصد الدرجات العلمية وبين من لم يحصل عليها لو تجرد كل منهما من القوى التي تسطير عليه.
لذا اختيار من نتجادل معه مهم او التخلي والنزول إلى عقل من تتجادل معه لو كنت في مكان أعلى منه.
وكنت نشرت مساهمة فيما يخص كيف نختار من نتجادل معه ربما تطلعين عليها كان للزملاء أراء فيها أعتقد أنها تساعد اكثر على شرح وجهة نظري.
مساهمة مفيدة بالفعل حمدي، ولفتني تعليق الزميلة@BasmaNabil17 بشكل خاص..
لكن بالمثال الذي ذكرته ما بين طه حسين والعقاد أعتقد أن كلاهما امتلك قدر كاف من مبادئ وأخلاقيات الحوار والاختلاف، وهو ما جعلنا نقدرهما رغم اختلافهما الفكري..
لكن من يفتقدون لتلك الاخلاقيات كثيرا ما تضطرنا الظروف لمحاورتهم ومجادلتهم خاصة بمجال العمل؛ فأذكر مثلا أحد رؤسائي بالعمل كان كثير الجدل حول كل شيء تقريبا حتى المعلومات العلمية، وبعد معاناة طويلة توصلت لأسلوب مناسب للتعامل معه.. وهو الإنسحاب من الجدال فورا دون إبداء أي إعتراض.. فأحياناً ما أصمت ليتوقف الآخرين عن الكلام!!
بمنتهى البساطة يمكن تقبل الخلاف وأنه على الأرجح الطرفين سيبقون على خلاف في الرأي، لكن يصعب على تقبل فكرة أن عدم الاتفاق يعني الفشل فإذا لم أتفق مع أحد الأشخاص وكان رأيه عنصري مثلًا فهذا فشل أخلاقي من جهته وليس من جهتي على الإطلاق.
فهذا فشل أخلاقي من جهته وليس من جهتي على الإطلاق.
رغم أن معظم الأحكام الأخلاقية تخضع للنسبية بدرجة كبيرة، لكن بالمثال المذكور مثلا، يمكن إعتبار أن الفشل من ناحيتك يتمثل في عدم تمكنك من إقناع الطرف الاخر بالتخلي عن عنصريته، أو على الأقل الاعتراف بوجهة نظرك أو قبولها.
لماذا هو فشل بالنسبة له! ليست مسؤولية أي إنسان أن يقنع بالضرورة الطرف الآخر برأيه، فبعض الأشخاص يكونوا مجرد متحيزين بشكل أعمى لرأيهم فهو بالنسبة لهم كالنصوص الإلهية غير قابلة للنقاش، هؤلاء الأشخاص ليست لديهم حتى ثقافة وجود آراء أخرى غيرهم ولن أقول تقبل بل حتى وجود! فمهما قدمنا من حجج وبراهين وتجارب واثباتات لن يقتنعوا لأنهم ببساطة لا يريدون الاقتناع، لا يريدون تحطيم الصنم الذي يشكل لهم كل معتقداتهم وأسسهم في الحياة،فضلا عن أن البعض ببساطة قد تكون معاييره مختلفة عنا فلإقناعه بصواب أو خطأ شيء ما عليه أولا أن يؤمن بالمعيار الذي تحكمي من خلاله، مثل لنحاول اقناع الغرب أن حرية العلاقات لديهم خطأ استنادا للأحكام الدينية الخاصة بنا، هل برأيك سيقتنعوا؟
بالنسبة لي لا يطول الخلاف عن خمس دقائق، أما أن أقنعك أو أقتلك 😂
لكن بعيدا عن المزاح فزيادة الخلاف بالنسبة لي أن محور النقاش نفسه فيه مشكلة مثل قضبان القطار التي فيها عَطَب في منتصف الطريق؛ فإما أن ننهي الخلاف من باب اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية؛ أو نعود نتفحص مواضع هذا الخلاف فنحاول تقويمها وإصلاحها.
دوما ما أجد أن الحل الأمثل لأي خلاف هو الاستماع النشط والفعال، ليتمكن كل طرف من فهم وجهة نظر الطرف الآخر بكل عناية، ومن خلال ذلك يمكن إيجاد أرضية مشتركة يمكن البناء عليها، وهذا بالتأكيد سيخفف من حدة الخلاف على الأقل، ولكن مهم جدا أن يكون الطرفان لديهما الرغبة بذلك، وإلا ستكون عملية حل الخلاف صعبة، وأحيانا تكون مستحيلة مع بعض العقليات
ولكن مهم جدا أن يكون الطرفان لديهما الرغبة بذلك، ..
هذا أكثر ما نفتقده بخلافاتنا؛ فكثيرا ما يفتقد أحد طرفي الخلاف أو الجدال لأساسيات الحوار وأخلاقيات الإختلاف، إن لم يكن كليهما.. فهل من سبيل لتجنب الخوض في مهاترات وجولات من الجدل العقيم مع مثل هذه الشخصيات؟!
للأسف وجهة نظره تصلح في بعض الخلافات البسيطة التي يكون فيها الحق واضحًا لمن ينظر ولولا نقص المعلومات عند أحد الأطراف او ضيق البصيرة ما كان هناك خلاف. لكن الواقع أن الخلافات الحياتية معقدة جدًا ولا يمكننا أن نعتبرها 1 و 0 ونادرًا ما يتفق شخصان بالكامل على وجهة نظر واحدة حتى لو كانت نابعة من أرضية مشتركة.
لذلك لا أرى الهدف من الخلافات عمومًا أن نصل لنتيجة نتفق عليها سويًا ولكن الهدف -وهو ما أراه إجابة لسؤالك أيضًا- أن ندرك ما الذي نتفق فيه؟ وما الذي نختلف فيه؟ ولماذا نختلف في هذه الأجزاء تحديدًا؟ الاتفاق المبدأي يجعل الناس يتقبلون اختلافاتهم بشكل أكبر. وكذلك يجب علينا تجنب أكبر قدر ممكن من المغالطات المنطقية أو الإطناب بلا داعي لعرض وجهات النظر فحسب فيكفي التواصل الصادق والمباشر عما نفكر فيه ليصل للطرف الأخر بسلام حتى لو لم يتفق معه.
التعليقات