لطالما كانت مهنة التعليم من أكثر المهن قدسيةً ونبلاً، وتتطلب الكثير من التدقيق والمراجعة لتأليف حلقات البحث وكتابة الواجبات والأوراق البحثية. واليوم بدأ قسم كبير من الطلاب والباحثين للأسف بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنجاز هذه المهام بسرعة، متجاهلين المخاطر الناجمة عن ذلك وغاضين النظر عن آراء مدرسيهم فيه ورفضهم القاطع لاستخدامها، وربما تكمن الكارثة الكبرى من وجهة نظري في أن معظم الطلبة المعتمدين عليه لا يقرأون حتى ما كتبه الروبوت، ويكتفون بكتابة وصفٍ قصيرٍ جدًا للوظيفة أو الواجب المطلوب منهم، ويحصلون على نص مطول يتضمن كافة المعلومات الضرورية، ومع المزيد من المطالبات والمعلومات المزودة للروبوت سيحصلون على إجابات أكاديمية أكثر تطورًا وذكاءً وعمقًا (والصفات هنا تقود للنص الذي ولّده الروبوت وليس الطالب نفسه).

لكن هذا ليس التهديد الوحيد الذي يستدعي القلق، بل إن التحدي الأصعب مرتبط بعملية تقييم هؤلاء الطلاب فعندما يكتب الطلاب الواجبات وحلقات البحث بأنفسهم، دون مساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإنهم في الغالب سيرتكبون أخطاء بشرية يسهل اكتشافها كالأخطاء في القواعد والإملاء ومنطق المناقشة الضعيف وفوضوية طرح الفقرات، وما إلى ذلك.. وبذلك يكشف الأستاذ مستويات الطلاب ويميز الطالب النجيب عن الطالب المتوسط والكسول.

أما مع استخدام روبوت الدردشة ChatGPT أو أي روبوت مماثل فيستغرق الأمر وقتًا أطول بكثير، وسيجد الأستاذ أن جميع الواجبات مثاليةٌ ومكتوبةٌ بقواعد صحيحةٍ وطرحٍ منطقيٍّ للأفكار. بمعنى آخر، سيبدو كل الطلاب أذكياء وموهوبين، في حين أنهم ليسوا كذلك، ويؤثر سلبًا بكل تأكيد على الطلاب المتفوقين حقًا والذين بذلوا الكثير من الجهد والبحث بإعداد الواجب.

وبالتالي، أرى أن ChatGPT يمثل تهديدًا كبيرًا لعملية التعليم، وأعتقد أنه ما لم تصبح الأدوات التي تتحقق من استخدام الذكاء الاصطناعي قويةً بما يكفي لتمييز العمل البشري عن العمل المنجز من قبل الروبوتات، فإن التعليم خلال السنوات القادمة سيصبح في خطرٍ حقيقي.

برأيك ألا ترى أن الذكاء الاصطناعي بات يشكل خطرًا حقيقيًا على العملية التعليمية؟ ولو وضعت نفسك مكان المدرّس أو الأستاذ الجامعي ما هي الإجراءات التي ستتبعها مع طلابك لتفادي أو تقليل الغش المولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي؟