مرارًا وتكرارًا، أجد نفسي في نفس الدائرة: نفس المهام، نفس الأنماط اليومية، في البداية كنت أعتقد أن هذا الروتين يمكن أن يكون مفيدًا، لكن مع مرور الوقت بدأت أشعر بأن الإبداع يتلاشى شيئًا فشيئًا، أصبح العمل وكأنه مجرد روتين بلا تجديد أو حافز جديد، ومع أنني أستمتع بالتحديات الصغيرة إلا أن التكرار المستمر بدأ يؤثر على مستوى الحماسة لدي، وقد فكرت في كيفية كسر هذا الجمود وإعادة إشعال شرارة الإبداع داخلي، فبدأت أبحث عن طرق للتغيير، سواء كانت من خلال تعلم مهارات جديدة أو حتى تغيير طريقة العمل. برأيكم كيف يمكننا الحفاظ على إبداعنا في ظل التكرار اليومي للمهام؟
تكرار نفس المهام، كيف يمكن لك أن تحافظ على إبداعك عندما تشعر أنك تؤدي نفس الأشياء يوميًا؟
عندما أصل إلى هذه المرحلة، غالبًا ما أخذ هدنة مدة زمنية وإعادة ترتيب أولوياتي بناءً على أهدافي الحالية، فإذا كان الروتين السابق يساعدني في الخطة الجديدة، إذن سأكمل على ما كنت عليه، أما إذا كان سبب لأي تعطيل، فسأتراجع عنه وقبول المخاطرة كحافز يدفعني لتبني روتين جديد إجباري حتى أصل للنتيجة التي أريدها. وإذا كان الروتين الحالي للوظيفة غير قابل للتغيير، سأضع أهداف صغيرة يوميًا، مثل الكتابة في مجال جديد كليًا ل 15 دقيقة مثلًا، أيضًا القراءة في مجال جديد ضمن العوامل التي تساعد جدًا على تجديد الابداع واكتشاف النفس بشكل مختلف، وأخيرًا أبحث عن نشاط جديد (رياضة جديدة، مهارة جديدة أو حتى إعادة تغيير ديكور الغرفة).
أعتقد أنه قد يكون هناك نقطة يجب أن نكون حذرين منها وهي أن التغيير المتكرر قد يسبب نوعًا من التشويش الداخلي، خصوصًا إذا كنا لا نأخذ الوقت الكافي لفهم السبب وراء شعورنا بالركود. هل هو بسبب الروتين نفسه، أم أن هناك عوامل أخرى كالإجهاد أو فقدان الدافع؟ في بعض الأحيان، يمكن أن يكون التغيير المستمر محاولة للهروب من مواجهات صعبة مع الذات، وقد لا يؤدي دائمًا إلى التجديد المطلوب.
أما بالنسبة للأنشطة الصغيرة التي ذكرتها، مثل الكتابة في مجال جديد أو قراءة موضوعات متنوعة، فهي بالفعل خطوات فعالة للتحفيز الذاتي، لكن ينبغي أن تكون هذه الأنشطة متوافقة مع ما يشعرك بالمتعة ولا تتحول إلى مهام إضافية تُثقل كاهلك. النشاطات التي تكون مصدر سعادة وشغف هي التي تفتح المجال للإبداع الفعلي.
لحفاظ على إبداعك في ظل التكرار اليومي يمكنك تغيير طريقة أداء المهام مثل التبديل بين الأدوات أو ترتيب المهام بطرق مختلفة كما أن تعلم مهارات جديدة، وأخذ فترات استراحة قصيرة وإعطاء نفسك تحديات صغيرة يمكن أن يساعد في تجديد حماسك. التعاون مع الآخرين ومشاركة الأفكار قد يفتح أمامك آفاقًا جديدة ويكسر الروتين مما يعيد إشعال شرارة الإبداع
في مثل هذه الحالات، أعتقد أنه من الضروري أن آخذ استراحة قصيرة، حتى لو كانت لمدة ساعة فقط. ألاحظ أنه بعد هذه الراحة، أستعيد حماسي وأشعر برغبة أكبر في استكمال المهام. صحيح أن الروتين لا يزال قائماً، لكن التغيير البسيط من خلال أخذ فترات استراحة يساهم بشكل كبير في تجديد طاقتي وحماسي. كما يمكن أن يساعد تغيير طريقة أداء المهام أو تعلم مهارات جديدة على إضافة لمسة من التجديد والإبداع في العمل اليومي، مما يعيد تحفيز حماسي ورغبتي في تقديم الأفضل
ساقول لك الإبداع ليس شيئًا ثابتًا، بل هو عملية ديناميكية تتطلب تغذية مستمرة. يمكن أن نحافظ على الإبداع من خلال إعادة صياغة المهام المتكررة، تغيير البيئة المحيطة، تعلم مهارات جديدة، وأخذ استراحات إبداعية. هذه الاستراتيجيات يمكن أن تساعد في كسر الجمود وإعادة إشعال شرارة الإبداع. بالاخير الحفاظ على الإبداع في ظل الروتين يتطلب وعيًا بالمشكلة ورغبة حقيقية في التغيير. إذا كنت ستشعر بالرتابة، فابدأ بتجربة استراتيجيات جديدة واعطِ نفسك الوقت الكافي لترى النتائج. الإبداع هو مهارة يمكن تطويرها، وكل خطوة صغيرة تقوم بها يمكن أن تقربك من تحقيق ذلك.
لكن أعتقد أن المشكلة ليست في الروتين ذاته، بل في طريقة التعامل معه. في بعض الأحيان يكون الالتزام بروتين معين هو ما يسمح لنا بتحقيق إنجازات طويلة الأمد، لكن عندما يصبح هذا الروتين آليًا دون إدراك لقيمته، يبدأ الشعور بالملل.
وجدت أن الحل لا يكون دائمًا في كسر الروتين تمامًا، بل في إدخال عناصر جديدة داخله. مثلًا، بدلاً من تغيير طريقة العمل بالكامل، يمكن إضافة تحديات صغيرة أو أساليب جديدة لإنجاز المهام المعتادة، مثل تجربة طرق جديدة في التفكير، أو استخدام أدوات مختلفة، أو حتى إعادة ترتيب بيئة العمل لتكون أكثر تحفيزًا.
برأيكم كيف يمكننا الحفاظ على إبداعنا في ظل التكرار اليومي للمهام؟
هناك مهام نمطية جدا، هذه سوف يتخلص منها الذكاء الاصطناعي، أي سوف يتم إزاحة تدخل العنصر البشري في أغلب المهمة، أما بالنسبة للمهمام التي تحتمل التجديد، فهي كما هو واضح من كلامي (تحتمل التجديد)، أي أن الشرط الأساسي هو توفر هذه الإمكانية كجزء من طبيعة المهام الموكلة إليك، فالمهام النمطية (الروتينية) مآلها أن تذهب إلى آلة ما من الآلات الروحية، أو سوف تقتلك وتجعلك تلتف حولها بفعل أي تسالي يشغلك عن أداء العمل.
لذا، إذا كان العمل متاح فيه الإبداع، هناك إتجاهين (وجهين لنفس العملة)
أن يكون التجديد جزء أصيل من طبيعة المهمة: أنا مثلا أراجع الكتب، كل يوم أراجع كتاب مختلف، وبطريقة مختلفة.
أو، أن يكون المجال، يسمح بالتطلع لمسارات مختلفة: المحامي كل يوم يقدم استشارات أو مرافعات مختلفة بحسب طبيعة كل قضية، حتى المحاسب لم يعد دوره مقتصرا على جمع البيانات، والمهندس هناك تصميم مختلف (ولو قليلا) ينفذه كل مرة، والطبيب يتقاطع عمله مع حالات إنسانية عديدة (تجد الكثير من الأطباء أدباء أو فنانين).
رغم أن الروتين يعزز الإنتاجية، إلا أن تكراره المستمر يقيد الإبداع. في البداية قد يبدو مصدرًا للراحة، لكن مع مرور الوقت يظهر أن الإبداع يحتاج إلى التنوع والتحديات، وهو ما ألاحظه معي كثيرًا.
لتجاوز هذا الجمود، أبحث عن طرق صغيرة كفيلة بإضفاء تغيير على النمط المتكررة. من بينها، تغيير البيئة المحيطة. فبدلًا من الانشغال بالمهام داخل حدود المنزل المألوفة، أحيانًا أجد في الذهاب إلى مقهى أو مكان عام نسبة من الهواء الطلق تساعدني على استعادة الحماسة.
التعليقات