في بعض الأحيان، يبدأ المستقل مسيرته بحماس كبير ورغبة في تلبية جميع احتياجات العملاء وإثبات كفاءته. ومع مرور الوقت، قد يشعر بأن ضغوط العمل تتراكم عليه، خاصة عندما يتطلب الأمر قول (لا) لطلبات معينة. على الرغم من أن تلبية احتياجات العملاء تعتبر مهمة أساسية، إلا أن التغاضي عن احتياجاتنا الشخصية قد يؤثر بشكل سلبي على صحتنا النفسية والجسدية. ما رأيكم في أهمية القدرة على رفض بعض الطلبات؟ وكيف يمكن للمستقل أن يتعامل مع هذا الموضوع بطريقة تحافظ على صحته النفسية والجسدية دون التأثير على علاقاته مع العملاء؟
كيف تؤثر القدرة على قول (لا) للعملاء على صحتك النفسية والجسدية؟ وهل تشعر أنها مهارة ضرورية؟
في مثل هذه الأمور يكون العقد هو شريعة المتعاقدين، وما لم يتم تحديده نصاً نرجع إلى تحديده عن طريق المعنى.
فإذا قلنا لعميل لن أدّخر أي جهد في أن تكون نتيجة المشروع على قدر توقّعاتك، يجب الالتزام بذلك. أما إذا حددنا من البداية شروط تسليم كل مرحلة من العمل وقبلها العميل ففي هذه الحالة يمكن تذكير العميل بذلك الاتفاق.
أما إذا كانت هناك طلبات لم يتم عمل حسابها من البداية من الطرفين، فيمكن التفاوض مع العميل إن تلك الطلبات مستجدة على العمل الاعتيادي لمثل هذه المشاريع (على أن يكون ذلك حقيقياً)، لذلك قد تكلف هذه الطلبات وقت أو قيمة مالية أكبر. وفي النهاية يمكن بالتأكيد وجود حل وسط.
بالتأكيد، التفاوض مع العميل هو جزء أساسي من بناء علاقة مهنية مستدامة. وجود تواصل مستمر وواضح حول التوقعات والتعديلات المحتملة على نطاق المشروع يمكن أن يساعد في تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات العميل وحماية صحتك النفسية والجسدية. في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الحل الوسط هو تقديم اقتراحات واقعية تستفيد منها جميع الأطراف، مما يعزز من التعاون ويضمن رضا العميل دون أن يؤثر على جودة العمل أو على حالتك الشخصية
جودة العمل كانت تؤثر بشكل كبير على حالتي الشخصية، خاصة عندما كنت أعمل تحت ضغط مستمر لتلبية توقعات العميل أو لإنجاز المهام في وقت ضيق. هذا الضغط كان يسبب لي توترا ذهنيا وجسديا، ويؤثر على صحتي النفسية، مما جعلني أواجه صعوبة في الاستمتاع بوقتي الشخصي. في بعض الأحيان، كنت أشعر بالإرهاق، وهذا كان يؤثر على قدرتي على التوازن بين العمل وحياتي الشخصية. على العكس، إذا كنت أقدم عملاً عالي الجودة وأشعر بالرضا عن إنجازاتي، فإن ذلك يعزز ثقتي بنفسي ويساهم في تحسين حالتي النفسية، مما يمنحني طاقة أكبر للتعامل مع تحديات الحياة الشخصية
من المهم أن نتساءل: هل فعلاً تلبية كل طلبات العملاء ستؤدي إلى تعزيز العلاقات معهم على المدى الطويل؟ أم أنها قد تجعلنا نعرض أنفسنا للإرهاق والتوتر المستمر، مما ينعكس سلبًا على أدائنا وصحتنا؟
القدرة على قول "لا" ليست مجرد مهارة ضرورية بل ضرورة لتوازن الحياة العملية. فالمستقل الذي لا يستطيع تحديد حدود واضحة قد يواجه مشاكل في الحفاظ على صحته الجسدية والنفسية، مما يؤدي إلى الانهيار في بعض الأحيان.
فعلاً، كما ذكرتِ، تلبية كل طلبات العملاء قد تخلق ضغطاً نفسياً وجسدياً كبيراً على المستقل، مما يؤثر على جودة العمل في النهاية. القدرة على قول (لا) أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية، يجب أن يكون هناك توازن بين تلبية احتياجات العميل والحفاظ على قدراتنا. يمكننا مثلاً تحديد أولويات الطلبات، وفي حال كانت بعض الطلبات تتجاوز الحدود المتفق عليها، ينبغي التواصل مع العميل لتوضيح تأثير ذلك على المدى الطويل. في النهاية، القدرة على وضع حدود واضحة منذ البداية وشرحها بطريقة مهنية تساهم في تعزيز العلاقة مع العميل على المدى البعيد دون الشعور بالإرهاق
للأسف هناك العديد من أصحاب المشاريع ممن يستغلون وجود الكثير من المبتدئين على منصات العمل الحر لعصرهم حرفيا وإنهاكهم جسديا ونفسيا بالعديد من الطلبات دون زيادة الإطار الزمني ولا سعر المشروع، وهو أمر يجب أن يتم التصدي له إما من خلال توعبة المستقلين المبتدئين بألا يقبلوا تلك الظروف أو من خلال وضع قيود على أصحاب المشاريع تجبرهم على تحديد المهام المطلوب تنفيذها وعدم زيادة أي شيء عليها
أتفق معك تماما، فعلاً العديد من أصحاب المشاريع يستغلون وجود المبتدئين ويضغطون عليهم دون مراعاة لظروفهم. ولذا يجب أن يكون هناك توعية مستمرة للمستقلين المبتدئين لعدم قبول هذه الظروف، والعمل على وضع شروط واضحة منذ البداية. إضافة إلى ذلك، من المهم أن يكون هناك نظام يفرض قيوداً على أصحاب المشاريع من أجل تحديد المهام بدقة وضمان احترام الوقت والأجر المتفق عليه. كيف ترى إمكانية تطبيق هذه القيود على المنصات نفسها؟
من واقع تجربتي أعتقد أنه من أهم الأشياء التي يجب أن تكون موجودة هي إمكانية إنشاء نماذج عقود جاهزة داخل المنصة تضمن تفاصيل واضحة للمهمة من حيث المهام المطلوب تنفيذها بشكل تفصيلي بالإضافة إلى الأجر، والمدة الزمنية، بحيث تكون مرجعًا رسميًا في حال النزاع أو طلب أي أعمال إضافية غير موجودة في العقد. هذا لا يضمن حق المستقل فقط بل يضمن حق صاحب المشروع أيضا في حال تم استغلاله بأي شكل من قبل المستقل أيضا وبالتالي فهو حل مثالي لجميع الأطراف
لا أعلم، لا ازال في بداية مسيرتي، لكنني لم اواجه ذلك حتى على الواقع.. الحقيقة، القدرة على قول "لا" عموما سواء في مجال العمل او غيره، لا أرى لها علاقة بالصحة النفسبة والجسدية! هذا تصعيد كبير برأيي، خي تتعلق بمدى قوة الشخصية ومرونته وحسب.
أفهم وجهة نظرك، وربما في بعض الحالات تكون القدرة على قول (لا) فعلاً مرتبطة بمدى قوة الشخصية والمرونة، ولكن في تجارب عديدة، قد تؤثر التحديات التي نواجهها من ضغط عمل مفرط أو طلبات غير محددة على صحتنا النفسية بشكل غير مباشر. فالضغط المستمر يمكن أن يؤدي إلى إرهاق أو تراجع في الأداء، حتى لو كان الشخص قويا أو مرنا
أنا مؤمن أن القدرة على قول لا عموماً لها فوائد جمة أقلها كسب الراحة والحرية، ولكن بالعمل أرى أن لفظة لا ليست سهلة خصوصاً لمن ألتحق بالعمل للتو أو لم يمتلك بعد قاعدة عملاء قوية أو تاريخ عمل طويل.
فهنا يخشى أن تكون لا التي يقولها نتيجتها الاستغناء عنه أو استبداله أو التقليل من فرص عمله، وأرى الأمر عادل نوعاً ما فلا أحد سينجح بسهولة وفي بداية كل طريق لابد من بعض التنازلات
أنت محق في أن المبتدئين قد يواجهون صعوبة في قول ((لا))، خاصة في بداية مسيرتهم، حيث يشعرون بالخوف من فقدان الفرص أو استبدالهم. لكن رغم هذا، من المهم أن ندرك أن التنازلات في البداية يجب أن تكون مدروسة. فالتوازن بين تلبية احتياجات العملاء والحفاظ على صحتنا النفسية والجسدية أمر أساسي. مع الوقت، يصبح من الأسهل تحديد حدود واضحة، مما يساهم في بناء علاقة مهنية قائمة على الاحترام المتبادل. ومن الجيد أن نعلم أنه ليس كل عرض عمل يجب قبوله، لأن التقييم المستمر لفرص العمل يساعدنا على تحديد ما يناسبنا حقا، ويتيح لنا الحفاظ على جودة العمل والراحة النفسية دون التضحية بكل شيء
التعليقات