تقابلنا مشكلة في الشركة حيث كثيراً ما نعقد مقابلة عمل لأحد الوظائف لحديث التخرج ويكون المتقدم ممتاز من كل النواحي ولكن بعد شهر أو أقل يتكاسل عن العمل ويعتذر عن الوظيفة, لماذا من وجهة نظرك وما هي أفضل عوامل نحدد بناءاً عليها اختيار حديث تخرج للعمل ؟
ما هي أسباب عدم استمرار حديثي التخرج بالعمل؟
كنت أستمع إلى إحدى حلَقات بودكاست "برنس بالعربي"، ووجدت أن الضيف يتحدث عن نفس المشكلة، والسبب في ذلك أن معظم الجيل الجديد تُسيطر عليه فكرة ريادة الأعمال وال Startups، ولا يرغبون في العمل بصفتهم موظفين لدى أي مسؤول، مع غياب وجود أي خبرة سابقة أو حتى مهارات تقنية تؤهلهم من الأساس لدخول مجال ريادة الأعمال، بمعنى أنهم يتعاملون مع الوظيفة أنها مرحلة مؤقتة فقط سواءً في مرحلة الجامعة أو عند التخرج، ومعظمهم يريد أن يحصل على راتب كبير دون بذل المجهود المستحَق.
في وجهة نظري أفضل عوامل يتحدد عليها اختيار حديثي التخرج هي مهاراتهم الناعمة بالإضافة إلى العقلية المتبناة في الحياة الشخصية، وهذا يمكن اكتشافه في أثناء مقابلات العمل، كلما كانت الأسئلة مدروسة بدقة، يمكن التعرف إلى مهارات المتقدمين الفعلية، على أنني أرجح أيضًا وجود مدة تدريب قبل استلام العمل، لا يجتازها سوى من لديه جدية فعلية ومسؤولية تجاه وظيفته الجديدة.
بالفعل ولذا في أحد الندوات تحدثت عن تلك النقطة تحديداً وكانت لماذا أنشئ startup ومشاكل سقوط الشركات الناشئة, وكان الحديث كله بالفعل عن نقص الخبرة عند الإقدام على عمل مثل هذا, فالمثل العربي يقول "المهنة التي لم تكن فيها صبياً لن تصبح معلم" أي يجب علينا الاستمرار فترة في سوق العمل حتى نستطيع الاعتماد على أنفسنا وخبرتنا لإنشاء ستارت أب أو شركة صغيرة
صحيح، كما أن العمل في الوظائف المختلفة يخلق المهارات التي تؤهلك لاحقًا لإنشاء شركتك الخاصة، وبالإضافة لذلك، توفر لك ما تحتاجه من علاقات مهنية قوية تساعدك على النجاح وخاصة في السنوات الأولى للمشروع، لأن -حسب الدراسات- 95% من الشركات الناشئة تفشل في خلال أول ثلاث سنوات، إما لمشكلات سوء إدارة وتخطيط، أو مشكلات أقتصادية وعدم قدرة على إدارة المخاطر.
عملت في أكثر من شركة، لي تجارب في العمل التقليدي وأقول لك بأن نسبة تدوير الموظفين من شبّان عالية جداً سواؤ كان حديث التخرج أم لا، الشبّان للأسف لا يعرفون الثبات بشركة أكثر من ٣ أشهر بدون إما أن يتركها طوعياً أو يقلل من أداءه فيطرد منها، هذا ما لاحظته بعيني، الشبّان بمعظمهم وخاصة حديثي التخرج لا يقبلون أي ضغوطات بالعمل ويريدون كل شيء كما تابعوه على السوشال ميديا والتلفزيون، سهل ومريح، على أن الواقع ليس نتفلكس، الواقع هو عمل وضغوطات، لا أقول أحزان وتعب لا، ولكن الضغوطات أمر لا مفر منه، آخر فترتي بالعمل التقليدي صاروا معظم من يريدون توظيفي يسألون أول شيء: كيف همّتك بالتعامل مع ضغط العمل؟ - يبدو أن هذا الموضوع مؤرّق لأصحاب الشركات، على أنه لا يوجد لا خطاب لتوعية الطرفين، ولا زيادة رواتب من الشركات ولا اهتمام أعلى بالمسار الوظيفي من قبل حديثي التخرج، يعني المنظومة كلها على بعضها فيها خلل مركّب!
بالطبع ياصديقي فللأسف التأثر بالسوشال ميديا أصبح سلبي جداً الحياة الافتراضية هي قشور ومظاهر التأمل بها ينسينا كيف يصلون لتلك المظاهر !! فالشخص الجالس على مكتب يدير منظومة ماذا حدث معه في سنواته الماضية وماذا بذل من جهد حتى ترى صورته تلك ؟ هذا يغيب عن وعينا, بالنسبة لنقطة الرواتب فلو أنا حديث تخرج وحديث خبرة يجب أن أستمر براتب حتى لو كان متواضع مقابل الحصول على لقب والحصول على خبرة ثم بالتدرج سأصل لما أريد أي أحتاج إلى صبر وتعلم, لهذا نقطة توازي الراتب مع الخبرة هامة جداً
سأخبرك بالسبب، وهذا الكلام جاء على لسان أحد رواد الأعمال الذين لهم باع طويل في توظيف الطلاب وحديثي التخرج. المشكلة مع الشخص حديث التخرج أنّه يأخذ الخبرة من العمل في شركتك، لأنها على الأغلب ستكون من أوائل التجارب له، ثم يشد حيله ويرى شركة أخرى تعطيه مقابل مادي أكبر يناسب الخبرة المُضافة إلى تجربته المهنية أو حتى تتوفر له فرصة ليتعلم شيء جديد بعد أن يكون قد اكتفى من شركتك وأصبحت الأمور روتينية تُعاد وتكرر كل يوم فلا جديد يتعلمه لديك. وأحيانًا تكون أنت وفرت له تدريبًا وتعبت في ذلك ولكنه يبحث عن مصلحته.
السبب بسيط للغاية وهي أنها أول تجربة له, وفي العادة يتخلى العديد من الأشخاص عن الاستمرار في نشاطات يمارسونها لأول مرة وهذا يتجاوز مجال العمل للتعلم الدراسي والرياضة وغيرها من المجالات, لأن التجارب الأولى تكون صعبة في بداياتها وغير متوقعة فيتخلى عنها الإنسان ولكنه يحصل على تجربة جيدة تفيده في الخطوة التالية عندما يحصل على فرصة عمل أخرى في مكان آخر.
حديثي التخرج يسيطر عليهم التشتت ربما يندفعون إلى اسم أكبر أو راتب أعلى أو وظيفة بمهام أسهل أو بمكان أجمل، هم بهذه المرحلة كالطيور الهاربة التي لا تعرف وجهة استقرار لها، واعتقد أن هذا ما يجعل القدامى أكثر استقراراً منهم لأنهم قد جربوا وأدركوا قيمة الوظيفة الحالية واقتنعوا واستقروا بها.
صحيح هم يعيشون تضاربًا بين تصوراتهم عن بيئة العمل وواقع بيئة العمل، وهنا علينا أن نناقش الأسباب التي أدت إلى تشكل هذه الفجوة بين التوقعات والواقع، برأيك هل على الجامعات أن تبذل جهداً أكثر لتجهيز الخريجين لسوق العمل وهل تتحمل مسؤولية تكوين هذه الصورة المشوهة عن واقع بيئة العمل؟
كلامك صحيح, فعادة عندما نرى أحد يريد الاستقالة من وظيفته بسبب مايراه ضغط أو قلة راتب أو للبحث عن فرص أعلى نجد القدامى ينصحونه بالاستمرار لفترة أطول خصوصاً لو لم يكن هناك فرصة غيرها
أهم شيء في هذا الأمر هو بيئة و العمل و الأمر يختلف من شركة لأخرى، و رأيت هذا الأمر فعلا حيث بعض الشركات تعتهم بكل الموظفين سواء كان موظف جديد أو قديم في الشركة، و تقوم بتوفير دورات تعليمية مدفوعة لهم في كل مرة أو حتى إرسالهم لبعض الدورات حضوريا و يكون على حساب الشركة، أما البعض الآخر من الشركات فيكون إهتمامهم الكامل على الموظفين القدماء فقط و لا يوجد أي نصيب من هذا الأمر للموظفين الجدد و بالتالي هذا النوع من التفرقة يأثر على نفسية العامل الجديد مما يؤدي به إلى عدم العمل في هذه الشركة.
الأهم من سبب تركه للعمل هو سبب قبوله من الأساس
من أسباب ترك الخريجين الجدد لوظائفهم بالرغم من آدائهم الممتاز هو:
- فقدان الشغف
- عدم إيجادهم الهدف الذي جاؤوا من أجله
- وجدوا فرصا أحسن
- كفاءتهم أكبر من المنصب المطروح
- الفجوة في طبيعة التفكير بينهم وبين الموظفين القدامى.
- وغيرها من الأسباب...
لذا قبل تعيين أي موظف يعتبر سؤال ما هدفك من التقدم لهذه الوظيفة أحد الأسئلة المهمة التي تكون في مقابلات العمل، أما أثناء تقديم الاستقالة فيجب المطالبة بتبرير لسبب المغادرة، ومتابعة مؤشر دوران الموظفين، فقد يكون هناك عامل داخلي يتسبب في هروبهم فما لا يمكن قياسه لا يمكن تحسينه.
الفجوة بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل.
التعليم الأكاديمي ينتج مختصين في مجال البحث العلمي أما سوق العمل يحتاج إلى النتائج حسب المخطط الزمني و السؤال المطروح هنا ما الذي يمكنني أن أستفيده من توظيفك؟ وأنا أتحدث عن العائد .
لذلك تفضل أغلب المؤسسات أثناه توظيف الخريجين الجدد إعطاء الأولوية لأصحاب الشهادات المهنية كونهم موجهين لسوق العمل بدرجة أكبر وإذا ارادت توظيف الأكادميين فقد تطلب شهادات مهنية تكميلية للشهادة الأصلية حيث أن الأكادميين موجهون غالبا للبحث العلمي وعلى الخصوص لمراكز الأبحاث، ولأن السرعة مطلوبة تتبنى تلك المؤسسات شراء البيانات المطلوبة من مراكز الأبحاث بدلا من اجراء البحوث بنفسها.
جميل جداً فقد وصلت من خلال مساهمتك لنقطة جيدة جداً يمكن أن تنفعنا وهو معرفة الهدف الشخصي والنفسي للفرد قبل إعطاءه الدور ويمكن استغلال هذا لمعرفة الدور الأنسب لكل شخص أثناء المقابلة.
نقطة الفجوة بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل أعتقد أنه يمكن تلافيها عن طريق قبول الأشخاص ذوي الأنشطة المجتمعية الأكثر حيث لديهم الاستعداد لاكتساب الخبرة وقد يكونوا اكتسبوها بالفعل أثناء تلك الأنشطة.
التعليقات