أحد أصدقائي المقربين، يدير شركة تقنية ناشئة في قطاع غزة. كانت شركته تقدم حلولًا مبتكرة في مجال البرمجيات، وقد نجحت في جذب العديد من العملاء الدوليين من الشرق الأوسط وغيره. ولكن بعد القصف العنيف المتلاحق على القطاع منذ شهر أكتوبر تشرين الأول، واجهت شركته تحديات كبيرة. تضررت البنية التحتية، وتعطلت الاتصالات، وأصبح من الصعب على فريق العمل الوصول إلى المكاتب أو حتى العمل من المنزل بسبب الانقطاعات المستمرة في الكهرباء والإنترنت. اضطر صديقي في النهاية إلى إغلاق شركته مؤقتًا، مثل آلاف الشركات الأخرى في القطاع، حيث لم يعد بإمكانهم الاستمرار في ظل هذه الظروف القاسية. يطرح هذا الوضع سؤالًا حيويًا: كيف يمكن للشركات الناشئة في غزة ضمان استمرارية العمل والتكيف مع هذه الأزمات المتكررة؟
كيف نضمن استمرارية العمل في الشركات الناشئة خلال الأزمات والحروب؟
كيف يمكن للشركات الناشئة في غزة ضمان استمرارية العمل والتكيف مع هذه الأزمات المتكررة؟
سؤال محير، في الحقيقة لا أعتقد أنه يمكننا ضمان استمرارية العمل في الوقت الحالي، خاصة بعد تأثر جميع القطاعات وارتفاع نسبة البطالة إلى 80%، ولكن يثير إعجابي حقًا أن سكان غزة مازالوا يحاولون البحث عن فرص عمل عبر الإنترنت، وذلك هو ما يمكنهم فعله في الوقت الحالي إلى أن تتحسن الأمور وتزول الأزمة، أعانهم الله على ما هم فيه.
صراحة سؤال صعب الإجابة عليه مع الظروف الحالية وانهيار منظومة الاتصالات الغزاوية، لكن هذه بعض الأفكار التي طرأت لي على اعتبار توقف القصف، ولو مؤقتا بالطبع.
- محاولة الاعتماد على الطاقة الشمسية ليكون لهم مصدر طاقة مستقل، وتجربة استخدام Starlink (الموضوع ما زال قيد النقاش لكن على الأغلب سيسمح لهم باستخدامه قريبا).
- بناء علاقات مع شركات دولية؛ خاصة من قد يقبل بتقديم الدعم لهم لوجيستيا، أو إمدادهم بالموارد في هذه الأزمة.
- جعل بعض فرق العمل من خارج القطاع (من دول أخرى)؛ بحيث تستطيع الشركة الاعتماد عليهم في إتمام الأعمال عند الدخول في وضع حرج.
- التخطيط لخطط طوارئ مع موظفينه؛ بحيث يتفقوا ويغطوا مع بعضهم كافة الاحتمالات الممكنة، وكيفية التصرف فيها. هذا وحده يجلب نوع من الاستقرار، ويجعلهم لا يتحركون بعشوائية مع دخول الأزمات.
- التواصل مع منظمات الدعم الدولية، ومحاولة الاستفادة من برامج الدعم، أو أي مساعدات للشركات في حالة الأزمة.
أعانهم الله، وهناك بعض الحلول التقنية أيضا لجعل بعض البرمجيات الضرورية تعمل حتى مع الإنترنت الضعيف. وهم أدرى بذلك؛ والله إنه الواحد تعلم منهم الكثير على مدار الشهور الماضية.
مشكلة صعبة بالفعل ولا اعتقد ان أحدًا لم يعشها قد يطرح حلولًا واقعية فعالة.
لكن أفكر في فكرة، قد ينجح صديقك في التواصل مع العملاء الدوليين الذين تعامل معهم وبإمكانه إيجاد شريك له في مشروعه بحيث يقدم لصديقك البنية التحتية والموارد كما لو كان يؤسس شركة بالخارج، بينما يقدم له صديقك فكرة المشروع كجزء الشراكة من جانبه، مع إمكانية توظيف الموظفين السابقين عن بعد لمن تتوفر له قدرة الوصول إلى الإنترنت بمهام معينة تفوض إليهم أو ساعات عمل مرنة.
فكرة جيدة جدا خصوصا وأنه بذلك يستطيع إعادة هيكلة شركته من جديد. لكن ماذا عن المنكوبين تحت القصف من موظفيه القدامى؟
هذا السؤال قد يولد أفكار وأسألة لها علاقة بالجوانب الأخلاقية, فهل أنا كصاحب شركة أبحث عن ممول خارجي أو حاضنة أعمال تمول تأسيس مقر خارج البلاد مثلا في دول الخليج أو أوروبا أم أظل في بلدي وأساعد ذويي وأقربائي للتغلب على الحرب... ولكن عموماً للإجابة على سؤالك يوجد العديد من حاضنات الأعمال الدولية التي تمول الشركات الناشئة عن طريق الدعم الفني والمالي والقانوني وقد شاركت في عدد منها ومن أشهرها وأفضلها ( 500seeds, Rally Accelerate, Zayed Sustainability, Startup10, EBRD) لو كانت الشركة تقدم حلولاً مبتكرة يقدم في دورات هذه الحاضنات وفي حالة تأهله سوف يقدمون له الدعم الذي طلبه سواء تأسيس مقرات خارجية أو تمويل مادي أو فني أو استشاري أو غيره
في ظل هذه الظروف أعتقد أنه لا يوجد سبيل حتى لضمان الحياة نفسها، وأرى أن الاهتمام بمثل هذه النوعية من المشاريع سيكون صعب للغاية.
التعليقات