الماء أحد عناصر الطبيعة الموجودة لتكفي جميع متطلبات الكائنات الحية، من المستفيد من تحويله لسلعة تباع وتشترى؟

إن موضوع الماء والغذاء في العالم موضوع شائك ومعقد، فهنالك بلاد غنية بالموارد الطبيعية والمياه الموسمية ومع ذلك تحدث لديها المجاعات ويموت الأطفال جوعاً وعطشاً! أعتقد أن لذلك أسباب عديدة:

• بعض الدول تذهب ثرواتها بالكامل لدول أخرى إستعمارية كما نجد في بعض الدول الإفريقية التابعة لفرنسا فلا يبقى للشعب المحلي إلا الفتات من ثرواته.

• الفشل في تخزين المياه الموسمية إلى مواسم الجفاف.

• تفشل حكومات بعض الدول في إيصال المياه إلى المناطق النائية مما يسبب موت أهلها عطشاً، رغم أن الماء قد يكون فائضاً عن الحاجة في مناطق أخرى.

• النزاعات حول مصادر المياه بين الدول والتي تؤدي إلى حرمان بعض الدول من الماء.

• فشل العديد من الدول في تحلية المياه المالحة أو حفر الآبار و شق الأقنية.

فلولا تلك الأسباب لكان الماء كافياً لجميع سكان الأرض بل ويزيد عن حاجتهم.

ولكن العطشانين في كل أنحاء العالم سيموتون من العطش قبل أن تتغير موازين القوى في العالم يا دينا،

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن المياه المتاحة في العالم تنفد وان الطلب على المياه سيرتفع بنسبة 55٪ خلال الخمسة عشر عامًا القادمة. وحينها ستلبي موارد المياه العالمية 60٪ فقط من الطلب العالمي.

ولذا فلابد في رأيي من ضغط ودور تقوم به منظمات المجتمع المدني الحقوقية، سواء بالتوعية بأهمية المياه وترشيد استخدامها من ناحية وبتتبع سياسات المستثمرين المهتمين بهذا الأمر على مستوى العالم من ناحية أخرى حتى يتم كشف أي اتفاقات خفية أو مشاريع وهمية تضمر في حقيقتها استغلال مصادر المياه ومنعها من الوصول للجميع كحق عام مقابل رسوم معقولة تحددها الدولة وحكوماتها الشرعية ، وليس العرض والطلب ولا سوق المال.

وأن نكون جميعا يد واحدة ونهتم بما يحدث من سياسات مائية في اي دولة حتى لو كانت في الجانب الأخر من الارض لأن ما يحدث هناك ليس بعيدا عنا طالما هي نفس المعاناة حول المياة. من بابا الأخوة في الإنسانية من ناحية ومن باب حرصنا على مصلحتنا ايضا كمن يساعد في إخماد النيران إذا اشتعلت عند جيرانه حتى لا تصل إليه.

ستنقلب بإذن الله بكل تأكيد لأنه لن يصح إلا الصحيح حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولذا فمن كل بد علينا برفض الحجة القائلة بأن أفضل طريقة للتعامل مع هذه الأزمة هي إدخال المياه إلى اقتصاد السوق وبيعها مثل النفط والغاز ، لأننا بذلك نننقل رعاية وحماية المياه من أيدي الناس وحكوماتهم إلى يد رأس المال الخاص حيث الدافع الاول للربح الوفير.

المأمول أن ينحصر دور القطاع الخاص في المساعدة على التعامل مع أزمة المياه ، مثل مد الأنابيب وبناء البنية التحتية والمساعدة في إيجاد تقنيات مياه نظيفة جديدة وأكثر ملاءمة وأمان.

هناك مقولة شهيرة لمارتن لوثر كينج يقول: التشريع قد لا يغير القلب لكنه سيكبح عديم القلب. ومن هنا فنحن بحاجة لسيادة القانون. وبدونه ستنهار حماية المياه على كوكب الأرض

لم تختفي تجارة المياه يا عفاف ، وإنما هي نشأت منذ عقدين من الزمان وفي اتجاهها للتزايد، ونحن نهدف من هذه المساهمة إلى طرح الفكرة والنقاش حول ما يمكننا فعله لوقف الزحف المالي نحو هذا القطاع الإنساني الهام .

نحن بحاجة إلى أخلاقيات مائية جديدة تضع حماية المياه والعدالة المائية في قلب جميع السياسات والممارسات طوال الوقت. بحيث ندرس التأثير الواقع على المياه جراء كل ما نقوم به وكل سياسة نبتكرها.

يجب أن نرفض التسليع لأن الافتقار إلى الوصول إلى المياه النظيفة هو أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في عصرنا ، وهو على وشك أن يزداد سوءًا مع انخفاض منسوب المياه.

يجب أن نحاصر دور الشركات الخاصة التي تستهدف تحقيق الربح للمساهمين. مقابل تأكيد دور الشركات الوطنية في توفير المياه الصالحة للشرب للفقراء من خلال الصنبور أو أي وسيلة زهيدة التكاليف.

بتحلية المياه وبيعها مقابل أسعار معقولة، ولا أجد فيها احتكارًا للماء.

بلى يا سهى ، هو بداية الاحتكار . ربما لا نلاحظ ذلك في ظل توافر مياه الصنابير، ولكن لو تداول الناس المياة الصالحة للشرب فقط من خلال هذه الزجاجات المعبأة ، هل تعتقدين أن هذا شيء عادل؟

إن المبيعات العالمية للمياه المعبأة في ارتفاع هائل. وقد باعت الصناعة أكثر من 115 مليار جالون خلال عام 2020 ، وما تزال تجارة المياه تنمو في جميع أنحاء العالم، حيث تسمح هذه التجارة بتحويل تصاريح المياه إلى ممتلكات مائية يمكن شراؤها وبيعها في السوق المفتوحة.

لعلك تعرفين أوسكار أوليفيرا ، زعيم "حرب المياه" في بوليفيا، كان قبل عقدين من الزمان مجرد مواطن عادي يعمل كصانع أحذية ويتاجر بها، وقد ألهمته سياسات حكومته تجاه المياه وغضبه من ظلم هذا الوضع شجاعة المواجهة التي لم يكن يعلم أنه يمتلكها.

ما الذي حدث؟

بتوجيه من البنك الدولي، سمحت بوليفيا لشركة "بكتل" بخصخصة وتشغيل خدمات المياه الخاصة بها. ضاعفت الشركة سعر المياه ثلاث مرات ، مما جعلها باهظة الثمن بالنسبة لغالبية السكان الأصليين الفقراء. انتفض الشعب على الصعاب الرهيبة وحدثت المواجهة التي أصيب فيها الكثير ، وقتل البعض. لكنهم لم يتراجعوا واضطرت في النهاية شركة بكتل للتخلي عن بوليفيا.

وغندما سألوه : لماذا يصارع من أجل الماء؟ برغم أن هناك العديد من المظالم الفظيعة الأخرى التي تحملها شعبه.

أجاب بأن: الماء هو الحياة. والمياه المحلية ملك لنا. فكيف يجرؤون على المطالبة بها للمستثمرين، وقال إنه يفضل الموت برصاصة على الموت من العطش.

ومازال هناك فرصة نتفادى بها تكرار ما حدث في بوليفيا، هو أن نرسخ فكرة الحكم الديمقراطي للمياه باعتباره منفعة عامة. واعتبار الاستغلال الاقتصادي للمياه أمر غير أخلاقي وهذا يستتبع عدم إنشاء حقوق خاصة متعلقة بالمياه.