كلنا أثناء فترات تعلمنا لا بد وأننا تعرضنا لأخطاء في عملية تعليمنا سواء من المدرسين أو نظام المدرسة أو نظام التعليم عمومًا أو بتقصير غير مقصود من الأهل. قد يكون الخطأ هو أسلوب التعليم كاستخدام التعنيف أو طريقة التدريس نفسها غير مناسبة لقدرات وطريقة استيعابنا، أو اختيار المسار الغير مناسب لنا، أو إهمال بعض الجوانب كالرياضة أو الفنون، فما هو الخطأ الذي تراه أثر على حياتك ومسيرتك التعليمية وكان بإمكانها إحداث فارق على مستقبلك المهني لكي تجنبه لابنك؟
ما الأخطاء التي عانيت منها أثناء فترة تعليمك وتريد أن تجنبها لابنك في المستقبل؟
كنت متفوقًا في الدراسة، وفي فترة من الفترات، خلال نهاية المرحلة الابتدائية، توقفت عن ممارسة رياضة كرة القدم. كنت مشتركًا في أحد الأندية وأذهب بانتظام، ولكنني توقفت حينها بسبب انشغالي بالدراسة، أو ربما بسبب تركيز أهلي على أن الدراسة هي الأهم. هذا القرار الذي أراه اليوم قد حرمني من شيء مهم، لن أحاول تكراره مع ابني.
سأحرص منذ البداية أن يمارس رياضة بانتظام، وأن أزرع فيه منذ نعومة أظافره الفهم العميق بأن الرياضة ليست وسيلة فقط للترفيه، إنما تساعده أن يكون طالبًا أفضل، تقوي جسمه وتحفز عقله على التركيز، وتزيد من مهاراته في إدارة الوقت والانضباط والصبر.
الرياضة شغف وللعلم أن إتقانها أو تميز فيها هو نوع خاص من أنواع الذكاءات التي يتميز بها العقل البشري وتميز كل إنسان عن غيره وكبت أو حرمان العقل من أن يقوم بما يبرع فيه وتحميله أعباء لا تناسب أفضل آلية لعمله لن ينشأ سوى جيل محبط، روتيني، لا يهدف سوى التخلص من عبء المسؤوليات لا أن يبدع أو يبتكر أو يضيف. للأسف الأهل يظنون أن المسار الأكاديمي التقليدي هو طوق النجاة الوحيد مع أنه أصبح حاليا أقل الطرق تحقيقا للأمان المستقبلي ويحتاج الإنسان إلى جانبه العديد من الاستراتيجيات الأخرى لكي يضمن ذلك.
لم أكن مجتهد أثناء دراستي، وكان عندي شعور دائم بأن التعليم مجرد واجب ثقيل يجب أن أنجزه. عندما أتذكر تلك الأيام أرى كيف كان النظام التعليمي يركز على الأسلوب التقليدي والدرجات فقط، دون أن يساعدني على اكتشاف نفسي أو مهاراتي الحقيقية. كنا نتعلم بطريقة واحدة، وكأننا جميعا نسخة متشابهة من بعضنا، دون النظر إلى اهتماماتنا أو قدراتنا الفريدة.
أعتقد أن أكبر خطأ كان هو عدم التركيز على تنمية التفكير النقدي والفضول، فلو كان لدي تشجيع على استكشاف الأشياء التي أحبها أو حتى تعلم مهارات جديدة خارج الكتاب، كان من الممكن أن أكتشف مجالات جديدة مبكرا وتكون أكثر ملاءمة لي.
لو كان بإمكاني تعليم ابني شيئ واحد، فسيكون أن يتعلم حب الاستكشاف والتعلم الذاتي. التعليم ليس فقط للحصول على درجات، بل هو عن اكتشاف النفس وتطوير المهارات بطريقة تمنحك القوة لمواجهة التحديات في الحياة والعمل.
أنا برغم شعوري بما مررت به ولكن استطعت مواكبة هذا النظام كنت متفوقة طبقا لمواصفات النظام التقليدي ولكن لم استفد من هذا شيئا على أرض الواقع! عانيت كثيرا لأفهم نفسي وأكتشف ما أبرع فيه وما أريد تحقيقه في الحياة! كانت لدي فضول حول تجربة العديد من الأشياء في مجالات بعيدة عن المواد الدراسية كالرياضة والفنون ولكن لم يهتم أحد لذلك. كانت حياتي لتكون مختلفة تماما لو كانت لدي القدرة على التمرد على هذا النظام القاتل للنمو البشري وللإبداع ولكن الأكيد أن أهم ما سأعلمه لأطفالي أن النجاح ليس له مفهوم محدد وعليهم بأنفسهم تجربة كل شيء حتى يكتشفون بأنفسهم ماذا يريدون أن يصبحوا.
بالنسبة لي، الخطأ الذي أثر عليّ خلال تعليمي كان التمييز في التقدير. كنت أبذل جهدًا كبيرًا في دراستي، وأحقق درجات نهائية، لكن لم يكن هناك أي اهتمام أو تقدير يُذكر، وكأنني غير مرئية، لأن تركيز والديّ كان منصبًا بالكامل على نتائج أخي الأكبر.
ما تعلمته من هذه التجربة، وأود تطبيقه مع أطفالي في المستقبل، هو أن التقدير لا يجب أن يكون مشروطًا أو مقتصرًا على شخص دون الآخر. سأحرص على أن يشعر كل طفل بأهميته وقيمة إنجازه، مهما كان حجمه، لأن التقدير الصادق هو ما يصنع الدافع الحقيقي للاستمرار والتطور.
التمييز معضلة صعبة جدا يوقع بها الأهالي أنفسهم للأسف! وتأثيره قد يكون مدمر على علاقة الاخوات ببعضهم البعض وللأسف لا يدرك الناس هذا إلا متأخرا جدا والبعض إذا أدرك لا يهتم بل ويظهر ذلك التمييز علنا دون أي مراعاة ومع ذلك قد يكون بعض الاهتمام الزائد مبررا بنوايا حسنة وإن كان خاطئا فمثلا في حالتك قد يكون أخيك مستواه أقل منك ولهذا يخشى عليه الأهل أكثر منك لأنه في ظنهم أنت لن تخفقي فهم مرتاحين من ناحيتك أو لأنهم يريدون لأخيك كونه رجل أن يلتحق بتخصص معين ليضمن مستقبل مادي جيد له في حين أنهم يرون أنك ماديا مسؤولة منهم وبالتالي لديك حرية أكبر في الاختيار أكثر منه.
أخطاء المدرسين" و"نظام المدرسة" هو كلام عام لا معنى له! النظام التعليمي فاشل من الأساس، ولا يمكن إصلاحه بمجرد تجنب بعض الأخطاء! المشكلة ليست في المدرسين أو الأساليب، بل في نظام تعليمي يعتمد على الحفظ والتلقين بدلًا من التفكير اما عن إهمال الرياضة أو الفنون هو كلام سطحي! المشكلة ليست في إهمال هذه الجوانب، بل في نظام تعليمي يقتل الإبداع والمواهب! الأخطاء التعليمية ليست مجرد "تجارب شخصية"، بل هي نتيجة لنظام فاشل يحتاج إلى إصلاح جذري!
كأب أنت لا تستطيع تغيير النظام بأكمله ولا التحكم فيه أنت قادر فقط على اتخاذ القرارات بشأن ابنك وبالتالي دور الأهل هنا أن يجدوا حلول خاصة تجنب أبنائهم ويلات هذا النظام التعليمي الفاشل. هناك مسارات تعليمية مختلفة متاحة غير النظام التقليدي ولكنها مكلفة، وهناك أفكار كثيرة يمكن أن تكسب الأطفال المهارات التي لا تعلمهم ولا تكسبهم إياها المدرسة أو النظام التعليمي العادي، كالمشاركة في المسابقات، الدورات التدريبية، التطوع مع المؤسسات، ولكن هذه الحلول تحتاج عقول واعية لا تندب الحظ على المتاح بس تسعى لبذل كل جهد على تعويض التقصير بالبدائل الأفضل.
فما هو الخطأ الذي تراه أثر على حياتك ومسيرتك التعليمية وكان بإمكانها إحداث فارق على مستقبلك المهني لكي تجنبه لابنك؟
أحد الأخطاء التي أثرت عليا هي التركيز على الدرجات أكثر من الفهم الفعلي للمواد. كنت أركز على النجاح في الامتحانات بدلاً من الاستفادة الحقيقية مما أتعلمه، مما جعل بعض المعلومات مجرد شيء مؤقت يختفي بعد الاختبار. أيضاً، لم يكن هناك توجيه واضح لاكتشاف ميولي المهنية مبكراً، فكان الاختيار مبنياً على ما هو متاح أو ما يراه الآخرون مناسباً، وليس بناءً على قدراتي واهتماماتي الحقيقية. لذلك، سأحرص على أن يحصل ابني على مساحة كافية للتجربة والاستكشاف، مع دعمه لفهم أن التعلم ليس مجرد درجات، بل رحلة لتطوير ذاته وبناء مستقبله بوعي
من الأخطاء التي عانيت منها أثناء فترة تعليمي والتي أود تجنبها لابني في المستقبل هي الانشغال بنظام التعليم التقليدي الذي يركز فقط على الدروس الأكاديمية دون الاهتمام بالمهارات الحياتية أو الأنشطة الإبداعية مثل الرياضة والفنون. هذا النوع من التعليم قد يجعل الطفل يفتقر إلى التوازن في تطوير شخصيته ومهاراته. كما أن التركيز المبالغ فيه على التفوق الأكاديمي دون مراعاة الاهتمام بالجانب النفسي والاجتماعي قد يؤثر على شخصيته في المستقبل.
أيضا، كان من الممكن تجنب الخطأ المرتبط بعدم الاستماع الكافي لاحتياجاتنا كطلاب، حيث كان أسلوب التعليم في بعض الأحيان غير مناسب لطريقة استيعابنا. هذا ما جعلني أؤمن بأهمية أن يُتاح لكل طفل التعلم بأسلوب يناسبه ويشجعه على الاكتشاف والابتكار بدلاً من مجرد الحفظ. سأحرص على أن يكون تعليم ابني أكثر توازنًا ومرونة، حتى يتمكن من تنمية كافة جوانب شخصيته بشكل متكامل
التعليقات