نستيقظ في التوقيت نفسه، نرتدي الملابس ذاتها، نشرب قهوتنا، نخرج إلى العمل، نعود في المساء، ثم نعيد الكرة في اليوم التالي. نطلق على هذا "الروتين"، ونخشى أن يكون سجنًا، أن يحول حياتنا إلى دوائر مفرغة من التكرار. لكن، ماذا لو كان هذا التكرار هو ما يمنح الإبداع حياته؟ ماذا لو كان في الروتين سرٌّ لا نراه؟
الإبداع ليس ضيفًا عابرًا، بل عادة تُبنى. الكاتب العظيم لا ينتظر الإلهام، بل يكتب كل يوم حتى يأتيه. الموسيقي لا يعزف فقط عندما يشعر بالرغبة، بل يكرر الألحان حتى يجد تلك النغمة التي لم يكن يسمعها من قبل. الروتين، حين يُفهم بشكل صحيح، ليس عدوًّا للإبداع، بل هو الإطار الذي يسمح له بالازدهار.
لكن هناك خيطًا رفيعًا بين الروتين الذي يغذي الفكر، وذلك الذي يخنقه. الروتين الذي يصنع الإبداع هو ذلك الذي يحتوي على لمسات من التجديد: كأن تغير مقعدك المفضل، تأخذ طريقًا مختلفًا للعمل، تجرّب نكهة قهوة جديدة، أو تبدأ يومك بسؤال لم يخطر ببالك من قبل. هذه التفاصيل الصغيرة قد تبدو بلا أهمية، لكنها تشبه فتح نافذة في غرفة مغلقة، فتسمح للهواء الجديد بالدخول.
الإبداع ليس ضد التكرار، لكنه ضد الجمود. فكيف يمكننا أن نصنع روتينًا يوميًا لا يحدّ من إنتاجيتنا، بل يفتح لنا أبوابًا جديدة من الإلهام؟
التعليقات