تعددت النظريات حول العلاقة بين العقل والجسد على مر التاريخ الفكري، وتعد النظرية التفاعلية واحدة من أبرز وأوقع تلك النظريات.. حيث نشأت وفقا لمنظور فلسفي وعلمي يؤكد على الترابط والتفاعل المستمرين بين العقل والجسد، والتأثير المتبادل بينهما، وذلك بدلاً من اعتبارهما كيانين منفصلين..

ومن أهم التطبيقات التي نتجت عن النظرية التفاعلية، علم النفس الفسيولوجي، وطب العقل والجسد.. وهما مجالان طبيان يركزان على التأثير المتبادل ما بين العوامل النفسية والعاطفية، وبين الصحة البدنية.. ويعتمد كل منهما على تقنيات علاجية متنوعة...

لكن هل نشعر فعلا بذلك التأثير المتبادل بين العقل والجسد بحياتنا!!

الطبيعي ان معظم البشر يشعرون بذلك. وعن نفسي، كثيرا ما أشعر بتأثير حالتي النفسية المتقلبة على قدراتي الجسدية، فمثلا، ألاحظ أن قدرتي على العمل والإنتاجية تختلف بإختلاف حالتي النفسية والشعورية، والعكس صحيح أيضا... لكن معظمنا قد سمع عن بعض الوظائف، التي تتطلب قدرا هائلا من الثبات الإنفعالي، والسيطرة التامة على المشاعر والحالة النفسية، وعدم السماح لهما بالتأثير على الجسد وإنتاجيته، كذلك عدم السماح لأي شيء بالتأثير على القرارات، وضرورة إتخاذها بموضوعية تامة، ولعل مهنتي الطب، والقضاء، من أبرز الأمثلة على ذلك..

لكن برأيكم، هل بإمكاننا السيطرة فعلا على ذلك التأثير المتبادل بين العقل والجسد، خاصة بأوقات العمل؟!