أعتقد أننا كلنا استيقظنا مرة -على الأقل- ليلًا من حدة الأفكار التي راودتنا، أو ربما لم نستطع النوم من الأساس. والغريب أن كل المحاولات لإلهاء العقل لا تأتي أي نتيجة، بل العكس يزداد الموقف سوءًا، وربما يصاحبه صداع مزمن وألم معوي يظل معنا حتى الصباح.

في الحقيقة، لو أننا ركزنا على تلك الأفكار، سنجد أنها لم تظهر ليلًا فجأة، بل غالبًا متعلقة بموضوع يشغلنا منذ أيام، أو شعور نتجنبه بكل الطرق الممكنة، والسؤال هنا: لماذا نتجنب تلك الأفكار؟ لما لا نعطيها مساحتها في الحضور إلى وعينا؟ الإجابة بسيطة جدًا: لأن تلك الأفكار أو المشاعر لا تتناسب مع "الصورة الطبيعية" لنا، ولذلك نرفض الفكرة، فمثلًا: لو أنني قلقة من قضاء وقت مع أفراد العائلة، أو أشعر بشيء من الضيق، فالتفكير المضاد سيكون: ولما أشعر بذلك فهؤلاء عائلتي، ومن الطبيعي أن أستمتع بقضاء الوقت معهم، ولا يجوز أن أفكر بتلك الطريقة!

وهنا تكون المعاناة بين "الذات الحقيقية" و"الذات المزيفة"، ومزيفة هنا تعني تلك التي نظهرها في العموم حتى نندمج في المجتمع، ونكون مقبولين. أما حل الأرق والأفكار المتراكمة، فهو السماح لأنفسنا بقبول أفكارنا ومشاعرنا كما هي، ومعالجة ما يؤرقنا بدلًا من رفضه، فالرفض يؤدي إلى الخدر وفقدان الشعور بمرور الوقت، فمثلًا في موقف العائلة، ما أحتاج إليه هو أخذ فترة بسيطة للتأكيد على ما أشعر به ومحاولة البحث عن أسبابه، ومن ثم الاستعداد بوضع سيناريوهات سريعة أتعامل بها إذا حدث ما أخشاه في لقاء العائلة، وهكذا يسير الأمر بالنسبة إلى مختلف المواقف، فهل تميلون أكثر إلى معالجة أفكاركم بصدق، أم تجنبها خشية من اكتشاف ما يضايقكم؟