كيف يمكن أن تؤثر مشاعرنا الداخلية على قدرتنا على التفاعل بشكل صحي مع الآخرين؟

أرفض تمامًا إسقاط المشاعر السلبية على أشخاص ليس لديهم أدنى ذنب فيما مررت أو شعرت بوقت ما، لأن للأسف هذه ظاهرة منتشرة جدا، تجدين زوج مديره ينهره بكلمات صعبة، يذهب بهم محمل لزوجته وأولاده ويحولهم يومهم لجحيم، والعكس يحدث إن كان سعيد، واسقطي هذا المثال على الكثير، الأصدقاء، وحتى الأخوات، لذا لا مبرر أبدا لهذا التصرف مهما كان ما مررت به، الأفضل التعامل مع هذه المشاعر والتسامح معها بفهم أبعادها والتحرر منها نهائيا، قد نحتاج أحيانا مساعدة ودعم ممن حولنا لنخرج من هذه الحالة

في رأيك، هل يمكن تبرير تصرفات الأشخاص غير السوية أو الظالمة بأنها ناتجة عن مشاعرهم التي هي ناتجة عن تعرضهم لظروف صعبة فلذلك هم غير مذنبين ؟

تؤثر مشاعر الأشخاص على تصرفاتهم بالطبع ويمكن أن تمثل الضغوط عذر لهم، لكن كيف سنعرف متى نبرر ومتى لا نبرر؟

يمكن أن نبرر ونعذر للشخص تصرفه إذا رأينا منه ندم على ما صدر عنه من إساءة، لكن لا يمكن أن نبرر إذا كابر وتمسك بالخطأ حتى لو كان مضغوط.

يمكن أن نبرر ونعذر في حالة إذا لم يكن الضرر الناتج عن سوء المعاملة كبير، كما يتوقف ذلك على مدى عمق علاقتنا بالشخص وأفعاله المعتادة معنا.

من المشوّق كذلك أن بعض الأشخاص يفتقدون القدرة الطبيعية على المسامحة، فما أن تخطىء إليهم تكون هذه هي النهاية، كما يتذكرون الإساءة أبد الدهر.

أعتقد أن إسقاط مشاعرنا السلبية على الآخرين هو تصرف غير مبرر بتاتًا، مهما كانت الظروف التي مررنا بها. هذا النوع من التصرف لا يسبب ضررًا للشخص الذي أمامنا فحسب، بل يعكس ضعفًا في إدراكنا للمسؤولية تجاه مشاعرنا. مثلًا، عندما يمر شخص ما بتجربة صعبة ثم ينقل هذا العبء على من حوله، سواء كان زوجًا أو صديقًا أو أحد أفراد العائلة، فإنه يضر بعلاقاتهم بشكل غير مبرر. في النهاية، لا يمكننا أن نلقي اللوم على الآخرين بسبب مشاعرنا الداخلية أو الظروف التي نواجهها، بل يجب أن نتعلم كيف نواجه هذه المشاعر بطريقة صحية، ونتعامل معها بتفهم ووعي، ونبحث عن طرق للتخفيف منها دون التأثير على من حولنا.

لكن ما هي تبعات ذلك؟ الأب يضرب أبناؤه ويهين زوجته لأنه واجه يوما شاقا في العمل والظالم لا بأس بظلمه لأنه بالتأكيد ظروفه هي التي دفعته لذلك وإذا كنا مكانه سنكون مثله. قاعدة All villians are broken heroes لا تعمل إلا في الأفلام.  لكن المشاكل والضغوطات هي أمور طبيعية يجب أن يُواجهها الإنسان بشجاعة، لا أن يستسلم لها ليجعلها مبررًا للخطأ. التحديات والظروف الصعبة جزء من الحياة، لكنها ليست عذرًا لإلغاء الأخلاق أو تجاوز الخطوط الحمراء التي تحكم العلاقات بين الناس. على العكس، هذه الظروف هي التي تختبر صلابة قيمنا ووعينا، وتُظهر مدى قدرتنا على ضبط النفس.

لا أعتقد أنه يمكن تبرير التصرفات غير السوية أو الظالمة بناءً على مشاعرنا الداخلية أو الظروف الصعبة التي مررنا بها. صحيح أن المشاعر تؤثر بشكل كبير على تصرفاتنا، ولكن هذا لا يعني أن الشخص غير مسؤول عن أفعاله. نحن كبشر نمتلك القدرة على التفكير واتخاذ القرارات، بغض النظر عن مشاعرنا.

المشاعر قد تساهم في تشكيل سلوكنا، لكن يجب أن نكون قادرين على التحكم فيها والتحلي بالوعي الكافي لفصلها عن أفعالنا. الغضب أو الحزن لا يجب أن يكونا مبررًا للإيذاء أو الظلم تجاه الآخرين. التعامل مع المشاعر بشكل صحي يتطلب منا أن نكون صريحين مع أنفسنا، ونعترف بمشاعرنا، ولكن أيضًا نعمل على إيجاد طرق صحية للتعبير عنها.

لا يمكن أن تكون المشاعر دائمًا مبررًا للتصرفات السلبية؛ فقد نتعرض لظروف صعبة، لكن هذا لا يعني أننا نمتلك الحق في إيذاء الآخرين أو أن نتصرف بشكل غير لائق. نحن مسؤولون عن أفعالنا، ويجب أن نكون قادرين على التأثير في مشاعرنا بطريقة تؤدي إلى تصرفات تظل متوافقة مع قيمنا وأخلاقنا.