لماذا نسعى بشكل دائم لإخفاء العيوب ونقاط الضعف رغم الإيمان بأن الجميع لديه منها الكثير ؟

بكل بساطة لأنها طبيعة الإنسان، نسعى دائمًا إلى إخفاء عيوبنا ونقاط ضعفنا لأن هذا جزء من طبيعتنا، كما نحب أن نظهر بصورة جيدة أمام الآخرين ونخشى أن يحكموا علينا أو ينتقدونا إذا لاحظوا أي ضعف فينا، حتى وإن كنا نعلم أن الكل لديه عيوب، إلا أن الخوف من أن نظهر أقل قدرة أو أقل قيمة يجعلنا نحاول إخفاء تلك الجوانب، كما أننا نسعى دائمًا للقبول والتقدير، وهذا يدفعنا لبذل جهد إضافي لنبدو في أفضل صورة ممكنة، حتى إذا كان ذلك يعني إخفاء حقيقتنا أحيانًا.

الإنسان بطبعه يحرص على صون صورته العامة، ليس بدافع الكذب أو الخداع بل من خوف غريزي من التهديدات المحتملة التي قد تنشأ من كشف نقاط ضعفه.. وهذا السلوك الذي يبدو أحيانا غير منطقي، ينبع من رغبة عميقة في الحفاظ على علاقات سليمة بعيدا عن استغلال الآخرين لعيوبنا. لكن.. هل هذا الخوف مبرر؟ برأيي هو جزء من تركيبتنا النفسية التي تعزز حاجتنا للحماية من النقد والمهاجمين المحتملين.. خاصة خبثاء النوايا كما أشرت.

مع أن العيوب ليست عائقا بل جزء من الإنسانية التي لا يمكننا الهروب منها.. مع ذلك نستمر في التخفى وراء الأقنعة.

ولكن من ذا الذي يجرؤ على أن يكون عارياً من هذه الأقنعة في هذا العصر الذي طغى عليه الظلم والاستغلال؟

لم أفهم المقصود بالعيوب تحديدًا، فالعيوب درجات، لكن على كلٍّ إن كان هذا العيب أو الضعف مما يُعيَّر به الإنسان، فيجب عليه هنا التخلص منه وتغييره، وغالبًا سيكون هذا العيب من جملة الذنوب، فيجب عليه كذلك التوبة ويسأل الله أن يعينه عليه ويخلصه منه.

فإن لم يتمكن الإنسان من التخلص من هذا الذنب أو العيب الذي يُعير به، فيجب عليه ستره وإخفائه، حفاظًا على نفسه وعلى المجتمع. فيظل أمام الناس محفوظ الوقار والهيبة، وكذلك لن يدخل في إثم المجاهرة بالمعصية، ولن ينتشر في المجتمع هذا العيب.

لكن إن كان هذا العيب من المباحات، لكن لا يمكن إظهاره للناس لأنه من خوارم المروءة مثلا، فهنا يمكن للإنسان إظهاره لأقرب الأقربين، ويخفيه عن عامة الناس، حتى لا تُهان رسالته أو دوره في المجتمع. مثال: المعلم أو الشيخ أو الطبيب أو المدير لا حرج عليه أن يمزح ويضحك ويلعب، لكن مع طلابه أو مع عامة الناس لا يبتذل هكذا بكل أريحية، حتى لا يزهد الناس في رسالته أو دوره، ويسهل عليهم إهانته.

كان إبراهيم بن أدهم يضحك في جلسة مع أصحابه وعلت أصواتهم بالضحك، حتى جاء سائل يطرق الباب، فاحتشم إبراهيم وجمع عليه ثيابه، وأمر أصحابه بالاحتشام، لأجل ذلك. إخفاء هذا الضعف هنا ليس منكرًا وإنما ممدوحًا، لأنه يعلم متى يظهر هذا الضعف ومتى يخفيه.

هذا الموضوع يكمله موضوع آخر طرحته صديقة بالمساهمات أستاذة @Amina_hachem بقولها بوضوح في رأس الموضوع : احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة.

وردي عليها بنفس الموضع هو ردي نفسه عليك ( أنا محكوم بتجاربي السابقة) التي جعلتني مجبراً على عدم الوضوح في علاقاتي أو بمعنى أدق (أخفي الكثير عن تفاصيل حياتي الشخصية) حماية لنفسي وآماني النفسي وحتى حفاظاً على العلاقات فليس من حق أحد التعرف على تفاصيل حياتي الشخصية ومشاكلي .. وحين تنكشف بعضها صدفة أو بطريقة غير مقصودة حينها أتعامل مع واقع الأمر هذا .. ولكن أخفي الباقي.