لماذا يرفض الكثير منا الاعتراف بأنهم مخطئون؟

الاعتراف بالخطأ اعتراف بالحق، والاعتراف بالحق فضيلة، وعناد الإنسان في عدم اعترافه بأخطائه كبر، وهو مذموم بكل المقاييس، ومن ذا الذي لا يخطئ؟ فكل بني آدم خطاء ، ولله در القائل:

من ذا الذي ما ساء قط؟!

ومن له الحسنى فقط ؟!

الذين لا يعترفون بالخطأ يحاولون بشتى الطرق الحفاظ على صورتهم الشخصية أمام أنفسهم، ظنا منهم أن الصورة محافظ عليها في نظر الأخرين فهم لا يملكون في الغالب إلا صورتهم هذه فلو تأثرت ضاع منهم الكثير وهذا تفكير سلبي منهم، فكما نقول الاعتراف بالحق فضيلة ومن ضمن الحق هو الاعتراف بالخطأ وتقبله أيضا ليمهد الطريق للتطوير الشخصي، فمشكلتهم هي التفكير الخاطئ نفسه.

وللعدول عن هذا التفكير لابد أن يرى الشخص الجانب الإيجابي من الاعتراف:

• وهو التقدير المقابل من الأشخاص من حوله عند اعترافه،
• ويغير وجهة نظره ويعلم أن السبيل للتطور يبدء بالاعتراف بالمشكلة التي لديه ومن ثم العمل على تقبلها ليسفاد منه
• وتجنب الأعذرا الواهية والأعذار بشكل عام لأن العذر يفتح مجالا أكبر لعدم الاعتراف.

هذا السؤال يشغلني كثيرًا منذ سنوات، فنادرًا ما أجد من يعترف بأخطائه، لدرجة أفقدتني الثقة بنفسي، فلا أحد يخطئ غيري، جل من عرفتهم لا يخطئون، وتبريراتهم حاضرة، ولديهم من الثقة بالنفس والإقناع ما يدهشني، من أين لهم هذه الثقة؟ هم مقتنعون فعلًا أنهم على صواب!

لاحظت أنه في العلاقات الثنائية هناك طرف مخطئ دائمًا وفي جميع الحالات، فإذا كانت العِلاقة بين رجل وامرأة، فبداهةً الرجل هو المخطئ، أيًا كان الموقف، وفر على نفسك عناء الشرح والإقناع واعترف بخطئك، كذلك الحال إذا كانت عِلاقة بين رئيس ومرؤوس، فالرؤساء والمدراء لا يخطئون!

أما إذا كانت عِلاقة بين ندين متساويين، فكلٌ وشطارته، لا يهم أن تقلب الحق باطلًا والباطل حقًا، المهم أن تخرج بمظهر المنتصر ولا تسمح لأحد بهزيمتك!.

إن الاعتراف بالخطأ يعتبر بلا شك تحديًا، فهو يتضمن اعترافًا بالضعف والتقصير، وهو أمر قد يتعارض مع الصورة القوية التي يسعى الناس لبنائها عن أنفسهم. ومع ذلك، يمكن استغلال هذا التحدي لصالح الشخص بطرق متعددة. على سبيل المثال، يمكن استخدام الاعتراف بالخطأ كسلاح للتأثير على المشاعر وتحقيق المزيد من الدعم والتعاطف من الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الاعتراف بالخطأ كوسيلة للتحكم في الصورة العامة، حيث يمكن للشخص استخدامه لتشكيل صورة إيجابية عن نفسه برغم وجود الأخطاء، مما يزيد من مصداقيته ويضفي عليه طابعًا إنسانيًا. وبالطبع، يمكن استخدام الاعتراف بالخطأ كوسيلة للتجاوز من المسؤولية، حيث يمكن للشخص استخدامه كذريعة لتبرير أخطائه وتفادي العقوبات. في النهاية، يعتمد نجاح استخدام الاعتراف بالخطأ على السياق والأهداف التي يسعى الشخص لتحقيقها، وقدرته على استخدامه بذكاء وبراعة.

ولكن ينسون

أن الاعتراف بالخطأ هو عملية مهمة في النمو الشخصي والتطور الذاتي ويساهم في التعلم المستمر وتقبل الأخطاء كجزء طبيعي من العملية التعليمية والتطور الشخصي، فعندما يتعلم الفرد من أخطائه، يمكنه تطوير مهاراته وتجنب تكرارها في المستقبل، مما يؤدي إلى تحسين الأداء وبناء الثقة بالنفس. و يساعد الاعتراف بالخطأ في تحسين العلاقات الاجتماعية فإنه يظهر للآخرين أنه يحترمهم ويقدر آرائهم.

لماذا يرفض الكثير منا الاعتراف بأنهم مخطئون؟

سأجيبك من أقصر طريق؛ القدرة على الاعتراف بالخطأ تستلزم قدرًا من المسؤولية، وللأسف كثيرون منا يفتقرون إلى هذا القدر من تحمل المسؤولية.

بالإضافة إلى استخدام الاعتراف بالخطأ لتحسين العلاقات وبناء الثقة،

لا أحبذ تصدير مسؤولية "الاعتراف بالخطأ" على أنها أداة لتحسين العلاقات وبناء الثقة، ربما يكون هذا صحيحًا على نطاق المؤسسات والشركات، لكن على مستوى الأفراد؛ فالاعتراف بالخطأ هو أقرب وسيلة لاحترام الذات.

أعتقد أن السبب وراء عدم الأعتراف بالخطأ بجانب ما ذكرته هو الكبرياء وهو أمر أكرهه بشدة فالأنسان الذي يظن أن الضعف هو الاعتراف بالخطأ هو لم يفعل شيء سوى انتهاج نفس سلوك أبليس عند عصيانه أوامر الله ، في حين أن الاعتراف بالخطأ هو من شيمة الأقوياء ، القوي وحده هو فقط من يملك القدرة على الاعتراف بالخطأ مهما كان سيكلفه هذا من مواجهته لنظرات من حوله له بأنه قد يكون ضعيف أو مهزوم أو أو .. ألخ

أعتقد أن الغرور هو السبب. فنحن نعتقد أن الاعتذار فيه انتقاص مم شأننا وقدرنا في المجتمع بالرغم من ان الأمر عكس ذلك. فالإصرار على الخطأ بالرغم من وجود الخطأ ينم عن مفاهيم خاطئة لدى الطرف الآخر. والمقصود بالمفاهيم للخاطئة أي تلك القائمة على تصور أن الاعتذار عن الخطأ هو سلوك غير قويم والخطأ هو جرم. على العكس الخطأ وارد جدا وهو ما يعتقد الإخرين أنه لا يلائم الطبيعتة البشرية.

قد يكون ما تراه أنت و آخرون ( خطأ ) أراه أنا صحيحا و صوابا ، و العكس وارد .. لذلك فالإنسان يتمسك و يفضل رأيه أولا و لكنه مع مرور الوقت و ازدياد التعلم و الخبرة في الحياة سيتغير رأيه بعد أن يكتشف أن هناك الكثير من الناس يفضلون و يختارون بوعي و بكل حرية و إرادة أن يحملوا أراءا غير منطقية ، لهذا على الشخص المنطقي أن يدرب نفسه على تقبل وجود أراء غير مقنعة له و لمنطقه من باب إحترام الرأي الشائع و ليس من باب أن الرأي السائد هو الحقيقة .. يمكن و يحق لكل شخص أن يكون له رأيه الخاص و قد يكون رأيا أصوب و أدق و أصح من الرأي السائد ، و مع ذلك ينبغي فهم نقطة أن الناس تتمسك بالسائد و الشائع و لا يمكنهم التمييز بشكل عقلي جيد بين الرأي السديد و بين الرأي غير ذلك ، يحكم الناس منذ زمن بعيد ( المتعارف عليه ) و لذلك ظهور ( رأي جديد ) لا يحدث أي فرق ما لم تدعمه و تنطق به الأغلبية .. فرأي الأغلبية هو ما يسود حتى لو كان الرأي الواحد هو الصحيح عقلا و منطقا و هو الأفضل و الأنجع .. فالناس تتبع مصالحها و بالتالي فإنهم يتبعون الرأي القوي المدعوم عدديا ، فهم ينطلقون من دافع حماية الذات و جلب المنفعة و ليس من دافع اكتشاف الحقيقة المستقلة و المجردة عن التحيزات و الرغبات الشخصية .. فالصحيح عندهم هو الشائع و هو المدعوم عدديا و لا يمكنهم رؤية أن الشائع قد ينافي الحقيقة ، أو ربما هم يدركون و يرون ذلك و لكنهم يفضلون التحفظ على ذلك و لا يجدون رغبة ملحة في تطبيق الرأي الأكثر حكمة و صوابية ، أو ربما يخشون المبادرة فهم منقادون و يفضلون دوما أن تكون هناك كباش فداء و أشخاص مضحون يقفون خلفهم و يضحون بهم لإختبار الرأي الجديد ، لهذا لا ينبغي انتظار أن يبادر الناس مثلما يبادر أشخاص قياديين ، فالناس من طبيعتهم الإنقياد و الخوف من المبادرة و من الإقدام و التي هي مهمة القادة ، و للرأي السديد قادته أيضا الذين صوته غير معترف به كونه يفتقر للأعداد و للأصوات الناطقة به ، فهو غني بالحجة و بالأدلة و لكنه لا يسود و يبقى حبرا على ورق بسبب غياب الناطقين به ، و ربما بسبب كون الأغلبيات لا تهمهم الحقيقة و الحجة بل يهمهم الأمان و تهمهم مصالحهم فقط ..

الصلابة النفسية، لم أجد مصطلح أكثر قرباً من الذي في بالي من هذا، تشعر بأنّ عقله حجر من يقوم بهذه الأمور، هذا الأمر نراه كثيراً خاصة بالمجتمعات الغير مثقفة، حيث يواجه بعض الأشخاص صعوبة في تغيير رأيهم حتى عند تقديم معلومات جديدة لهم، قد يكونون مرتبطين جداً بمعتقداتهم الحالية ويقاومون أي تحدي لهم، بينهم وبين ذاتهم يدركون فعلاً أنّهم على خطأ ولكن لا يعترفون بسبب هذه الصلابة أو اعتياد الصلابة من الأهل الذين يورثون هذا العناد أحياناً إلى أولادهم، وللأمانة حتى أكون صريح أنا أيضاً استخدمت هذا الأمر في حياتي ولكن كان له سبب مهم من وجهة نظري، حماية موقفي، كنت مهتم بالأمر، في بعض المواقف قد يكون للاعتراف بالخطأ عواقب. يومها كنت أخاف من هذه العواقب. العائلة والمجتمع الصحي يجب دائماً أن يذكّروا بأهمية أنّ الاعتراف بالخطأ ليس ضعف، من المهم أن نتذكر دائماً أن الاعتراف بالخطأ ليس علامة ضعف، بل إنها في الواقع علامة على القوة والنضج، علامة تظهر أنني منفتح على التعلم وعلى استعداد للتطور دائماً.

كل من اعرفهم في حياتي اعترفو باخطائهم صاروا ناجحين اما الاشخاص الغير معترفين باخطاهم فاشلين في كل الاصعدة