استخدمت الواسطة عدّة مرات في حياتي، كيف تراها فعل إيجابي مشروع أم سلبي بشع؟

هو ليس فعل إيجابي وهو غير مشروع بالطبع، لكن هنا نقطة وهي فساد الموظفين أنفسهم، حتى الجهات الحكومية، إذا ذهبت لتستصدر ورقة فهناك طريقان "عادي أو مستعجل" هذا قانوني لكن فيه تمييز أيضًا، إن كنت تدفع أكثر ننجز أعمالك بشكل أسرع، لكن تحت غطاء قانوني، فما بالك بكثير من الموظفين الذين يرون سوء حالة أصحاب المصالح واحتياجهم لانجاز أمورهم بأقل وقت وجهد لكنهم بدلًا من التنظيم والمساعدة يطلبون أن تدفع أكثر من المستحق.

ما العيب في الوساطة التي تمنحنا حقنا الذي لا يجب أصلًا أن نضطر لطلب المساعدة من أحد لنناله؟!

لكن الوساطة لأن نأخذ حق الآخرين، أو لتقوية فرصنا على حساب مبدأ تساوي الفرص؛ فتلك هي المشينة بالتأكيد.

كيف ترون الواسطة فعل إيجابي مشروع يحق لكل مواطن طالما لا يؤذي غيره أو فعل سلبي بشع بغض النظر عن طريقة الاستخدام؟ ولماذا؟

بكل تأكيد، الواسطة فعل سلبي لا أخلاقي ويؤذي الغير، فصاحب الواسطة يقضي مصالحه على حساب وقت ومصالح غيره. فعل يعزز أنانية المواطنين ويشجع الموظفين على ابتزازهم، والاغتناء بطرق غير مشروعة.

وهي منتشرة في المجتمع، وتجلي حجم الفساد الذي يتخبط فيه المواطنون، ورغم حملات التطهير التي تقوم بها الحكومة من فترة لفترة، إلا أنها تبقى غير كافية.

والأمر يتطلب جهودا حثيثة، وتعاون كل الفعاليات، لتخليق الحياة العامة، وتفعيل القوانين، وتطبيق العقوبات في حق أي مخالف مهما كان وضعه.

هو أمر أخلاقي، وغير إيجابي بكل المقاييس، ولكن الغريب أنه هنالك العديد من الناس يرونه شيء عادي بنفس رؤية الطالب للغش اثناء الامتحانات بما أنه لن يستفاد شيئا من هذه المادة فما المانع من أن يغش في الامتحانات! نفس الأمر في موضوع الوساطة، ولا يوجد ما يسمى بأنه لا يؤذي غيره هنا بل هو يؤذيه ويأخذ دوره في هذه الخدمة المقدمة أو دوره في أي شيء، بسبب الوساطة هذه يفقد الناس حياتهم بسبب تأخر دورهم في فحص طبي أو إجراء عملية جراحية، فهو أمر غير مقبول بالمرة، ولو تم قبوله على الأشياء الصغيرة فمع الوقت سيتم قبوله على كل شيء وهذا ما وصلنا إلى هذه المرحلة في بلداننا.

فى السابق كنت أفكر أن الواسطة شئ منبوذ وغير محبذ أن يستخدمه المرء وأنه مضر على المستوى الفردى، على عكس صديقي الذى كان يرى العكس تماما ويحب إستخدام أى واسطة يعرفها حتى يحقق مايريد.

ولكن قرارك سيكون نفس قرار صديقي حينما أصف لك سيناريوهين على السيناريو الأول :

على الأقل لتقضي ورقة أو طلب من مصلحة حكومية معينة يتواجد فيها من 20 - 30 شخص يريدون تنفيذ نفس الشئ ومن أجل تحقيق طلبك تجلس من ساعتين إلى ثلاث فى المكان الواحد مابالك بخمس أو ست أماكن فأنت على الأقل 3 أيام حتى تخلص طلب أو ورقة واحدة، وبالإضافة إلى ماذكرته لك يتعامل الموظفين فى المصالح الحكومية ببرود لايوصف سامحنى إن كان لك أحد الأقارب فى مصلحة حكومية بالطبع ليسوا الجميع، فأنت ستصاب بإنهيار أعصاب إن لم تتشاكل مع أحد.

السيناريو الثاني:

صديقي يذهب إلى المصحلة الحكومية ذاتها لطلب نفس الأوراق ذاتها فيجد صديق والده يحضر له كوباً من الشاى ويجلسه على المكتب ويقوم بنفسه يخلص له جميع أوراقه فى غصون خمس دقائق ليذهب ويحضر ورقة من مصلحة أخرى ويعود له فى نفس اليوم لينهى أوراقه فى غصون 3 ساعات.

أيهما تفضل ثلاث أيام أم ثلاث ساعات؟!

هذا الأمر يعتمد على الحكومة فمعظم دول العالم فعلت الأوراق الرقمية لذا لما لم تفعل ذلك حكومتنا حتى الأن ونحن فى 2024؟!