نمط الحياة الذي نعيشه ربما دفعنا دفعا إلى تفضيل العزلة أحيانا باختيارنا وأحيانا بفرضها علينا ويقول موراكامي "ليس ثمة من يحب العزلة، إننا فقط نكره الخيبات" وهذا يناقض ما نقوله إننا اخترنا العزلة بأنفسنا؛ ولاحظت مؤخرا حتى بين الأصدقاء أنهم يهربون من التجمعات والخروج فهذا يغلق هاتفه وهذا لا يرد على رسائله ويظهر بعد اليوم المتفق عليه ويتحجج بأنه لم يكن متاحا أو تعرض لشيء ما أو كان نائما حتى، فما الذي يجعل الشخص يصل إلى هذه المرحلة ويفضل عزلته على الانخراط في المجتمع بشكل حقيقي فيكتفي بالتواصل الإلكتروني كطريقة أمنة للاختفاء وقتما يريد؟
"ليس ثمة من يحب العزلة، إننا فقط نكره الخيبات" ما رأيكم بذلك؟
للإجابة على السؤال نعود إلى النقطة الأولى وهي نمط الحياة، فالتسلية اليوم مثلاً، لا تقتصر على الخروج مع الأصدقاء والمغامرات والأماكن، فقد أصبح وجودنا الفيزيائي يتقلص يوماً بعد يوم يوم ووجودنا الافتراضي يزدهر. في حقب سابقة كنت سأقول مثلما قال هاروكي أن العزلة اختيار، لكن اليوم أصبحت تفضيل وليس اختيار، فلم يعد للعلاقات البشرية أهمية كبيرة في حيواتنا .
فلم يعد للعلاقات البشرية أهمية كبيرة في حيواتنا .
أختلف معك شهد؛ فرغم ندرة اللقاءات الفعلية ما بين الأهل والأصدقاء، الا أنها دائما ما تتحلى بطابع خاص وقوة وجدانية، تمنحنا دفعة لمواصلة حياتنا الإجتماعية الإفتراضية كما ذكرت!
نعم البعض أصبح يكتفي مثلا بالمعايدة عبر الرسائل، لكن ذلك لم يقلل أبدا من أهمية وقيمة الزيارات العائلية بمختلف المناسبات..
"ليس ثمة من يحب العزلة، إننا فقط نكره الخيبات"
لا، هناك من يحبونها ويفضلونها على غيرها، وبمختلف الأوساط والمناسبات..ومن ضمنهم أنا!
فالعزلة لفترة محددة تمنحني قدرا كبيرا من السلام النفسي، وتجدد قدراتي الفكرية بشكل عام، والنقدية والإبداعية منها بشكل خاص..
ليست سلوكا عاما بالطبع، فهي بمثابة فترات مؤقتة ومتقطعة من الإنعزال عن صخب العالم الخارجي..
فمثلا بالمناسبات الاجتماعية حيث الزحام والضوضاء الشديدة، أتطلع كثيرا لإقتناص دقائق معدودة بعيدة عن تلك المشتتات.
هذه حالة طارئة أعتقد نحتاج لها على الدوام بين الحين والآخر، ولكن الفكرة كلها أن من يعتزل الناس بالعموم، هو شخص تعرض مرارا وتكرارا للخيبة، ومنها سيلجأ للعزلة كوسيلة للحماية، ولكن بصفة مستمرة، أعرف نفس هكذا بعد أن كانوا اجتماعيين بدرجة كبيرة
أعتقد أنه يمكننا أن نفرق بين من يحب رفقة نفسه أو يشحن طاقته بالعزلة وبين من يمتهن العزلة كأسلوب حياة ولا يقدر على دخول أي علاقات أو الحفاظ عليها.
بالنسبة للنقطة الأولى فهي طبيعية ولا علاقة لها بفكرة الخيبات، بل ربما تكون العزلة أمر صحي بالنسبة له وقادرة على إعادة طاقته الاجتماعية.
أما الناحية الأخرى وهي العزلة كأسلوب حياة، فأتفق في أنها قد تكون تجنبًا لخيبات مستقبلية، أو بسبب خيبات سابقة قد لا يستطيع الفرد بعد تخطيها، لكن في كل الحالات لا أشجع عليها بل يجب على الإنسان أن يحاول الخروج منها وتقبل أن الحياة مليئة بالخيبات وهي طريق الوصول إلى النهايات الطيبة كذلك.
النقطة الأولى بالفعل أراها ضرورية وحية جدا، لفترة من الزمن، والنقطة الثانية هي هروب وأحيانا خوف، وتتحول إلى إدمان مع الوقت لو لم يستطع الإنسان الخروج منها، ولكن السؤال هنا كيف يخرج من هذه العزلة برأيك؟
من خلال تجربتي الشخصية لم أجد طريقًا أفضل من أن يقحم المرء نفسه في الحياة الاجتماعية عن طريق تجربة أنشطة جديدة والذهاب لمناطق أكثر مثل الذهاب إلى صالة الرياضة أو النادي مثلًا
ومن ناحية الأنشطة يمكنه أن يختار نشاطات مناسبة لشخصيته مثلاً قمت بالذهاب إلى تجمع نادٍ للقراءة وكنت لا أعرف أحدًا هناك، لكن ساعدني على ممارسة القراءة والنقاش بشأنها -وهو أمر أحبه- وفي نفس الوقت التعرف على أناس يشاركونني تلك اهتمامات ولهم شخصيات مميزة ساعدت فيما بعد على نشوء علاقات حتى لو بسيطة ساعدتني على الخروج من العزلة تدريجيًا، حتى لو لم يكن الإنسان في البداية لديه الطاقة أو الرغبة في ذلك فمع مرور الوقت والدخول في التجارب سيلاحظ التغيير
سيكون ردي بسيطًا جدًا، ما يحدث في الوقت الحالي هو محاولات لتجنب الانتقاد اللاذع، وحتى الهروب من شكوى الآخرين واختيار الشعور بالراحة النفسية مقابل أي ثمن، سواءً بالعزلة أو بالسفر أو باي وسيلة تجعل الشخص ينفصل عن العالم السريع من حوله؟
بالنسبة لي لا أفضل العزلة، أحب التواجد مع الناس، ليس التجمعات الكبيرة بالطبع لكن وجودي مع شخص او اثنين على الأقل سواء بالعمل أو الخروج يجعلني مرتاحة نفسيًا، خاصة إذا لم أكن بمزاج جيد.
أما بالنسبة لاعتزال الناس، فأنا لا أعمم الامر، من يزعجني وجوده لا أخالطه او أتواجد معه في مكان واحد فقط أبتعد عن المؤذيين وهذا يكفيني.
يهربون من التجمعات والخروج فهذا يغلق هاتفه وهذا لا يرد على رسائله ويظهر بعد اليوم المتفق عليه ويتحجج بأنه لم يكن متاحا أو تعرض لشيء ما أو كان نائما حتى
اعتقد ان يختار العزلة كنمط حياة بإرادته لا يحتاج لإعطاء مبررات للآخرين، هو في الغالب واثق بنفسه، ويكون مبدأه الأساسي هو الوحدة، أما من يبحث عن مبررات للآخرين فهو قلق وغير واثق من نفسه ويحاول الهروب.
فيكتفي بالتواصل الإلكتروني كطريقة أمنة للاختفاء وقتما يريد؟
هذا هو السبب، قرأت مقالاً يتحدث عن كلا الأمرين ألا وهم الوحدة زادت مع كثرة إستخدام وسائل التواصل الرقمي، نعم التواصل الرقمي أصبح شئ يسهل الوصول لمن نحب ونصادق ولكنه أصبح سبب كبير من أسباب العزلة والوحدة لأننا نصل لمن نريد من البيت فما الداعى للخروج.
نخرج من البيت لنعمل فى مكتب ومن ثم وجدنا بديلاً لنعمل من البيت فلما نخرج إلى المكتب إذاً؟! هو الشئ نفسه.
لا أتفق معك في هذه النقطة بل أعتقد أن وسائل التواصل قد خلقت أنواعًا جديدة من التواصل مختلفة عن التواصل الواقعي، وقد لا تكون دائمًا أقل جودة منه.
كما تسمح لك بالتواصل مع فئة أكبر من الناس وأقرب لك فكريًا من مجرد التواصل مع الفئة المحيطة بك والتي قد لا تكون قريبة لك بل مجرد البيئة المحيطة، لذلك وسائل التواصل ميزة كبيرة لمن يستطيع استخدامها لتحسين جودة حياته الإجتماعية
لا أتفق معك في هذه النقطة بل أعتقد أن وسائل التواصل قد خلقت أنواعًا جديدة من التواصل مختلفة عن التواصل الواقعي، وقد لا تكون دائمًا أقل جودة منه.
بل هي أقل جودة وأسوأ من التواصل الحقيقي، أنا أكتب إليكي الأن وقلتى أنتى شيئاً مضحكاً جداً هل ضَحكى عليه سيكون بمثل ما أنكي قلتيه أمام عيني؟! أيهما سيكون حقيقي؟! غالبا كل ما سأضحكه هو "ههههههههههه" كتابياً فقط أما أين الضحكة فعلياً أنا لم أضحك بل فى نفسي كنت مسروراً مما قلتي ولم أضحك فعلياً، ألا تجدى مشكلة فى شئ كهذا؟! هل لو أنكى قلتى لى نفس الشئ ونحن سوياً وضحكت مثل ما ضحكت الأن بدون أن يظهر على وجهى هل ستكملى حديثكي معي؟! بالطبع لا.
Stand up comedy and ted talks الضحك فيهم يكون أقوى وأعلى وله أثر أكثر من الضحك فى الأفلام الكوميدية المسموعة وحيداً فى البيت أليس كذك؟! هى ممتعة ولكن أيهما نسمع فيه صرخات الضحك أكثر؟!
قيسي امر الضحك هذا على باقى التفاعلات البشرية ستجدي أن وسائل التواصل تؤدى إلى الوحدة وما ذكرته لكى هوا ليس رأيي بل هي دراسة تم إجرائها وهذه نتائجها، إذا شئتي أرسل لكي رابط هذه الدراسة.
أنا أفهم نقطتك، ولكن تخيل أنك تتواصل فقط مع أصدقائك عندما تتقابلون
وقد يكون هذا مرة في الأسبوع أو مرة في الشهر وفي المنتصف لا تعرف عنهم أي شيء ذو قيمة. بينما في المقابل يمكنك التواصل معهم وتبادل النقاشات والأشياء المضحكة وكذلك الحوارات العميقة التي ربما قد لا يقدر بعض الانطوائيين على خلقها في الواقع.
هذا ناهيك عن إمكانية تكوين صداقات تشبهك بالفعل وليس فقط أناس تصادف أنهم قريبون منك.
أنا أفهم نقطتك، ولكن تخيل أنك تتواصل فقط مع أصدقائك عندما تتقابلون
حينما يكون هناك تواصل حقيقي بشكل مستمر مع من نحب وبشكل دورى إذاً فالسوشيال ميديا لم تؤثر علينا بعد ولكن متى وصلنا إلى أن تواصلنا فقط أصبح مع المقربين ومادون ذلك سوشيال ميديا فهذا هو الإشكال.
- أطب منكي طلب، أريدكى أن تستخدمى السوشيال ميديا فى إسبوعٍ ما المدة المتوسطة المعودة ساعتين أو ثلاث يومياً، ومن صم الإسبوع التالي لاتستخدمى السوشيال ميديا نهائياً.
قارنى بين التواصل الإجتماعي الحقيقي فى كلا الإسبوعين، من دون تنفيذ أيهما تظنى الأن أنهما سيحققان تواصل حقيقي أعلى؟!
التعليقات