تتوزع أعمال الإنسان على وقته، لكن يحوز بعضها على النصيب الأوفر من وقت الإنسان كمًا وكيفًا، فالكم معروف، والكيف يشمل الجهد والاهتمام والمعاناة أو التلذذ.
فالأعمال التي يملأ به أحدنا وقته خمسة أقسام:
القسم الأول: قسم تقوم به حياته، وهو الوقت الذي يسعى فيه لطلب المعاش الذي يكفيه بالحدّ الأدنى أو المقبول.
القسم الثاني: قسم تقوم به رفاهيته، وهو الوقت الذي يسعى فيه لطلب أجر أعلى من الأجر الذي يقيم حياته، ويكون ذلك لأجل المتعة أو الادخار لمفاجآت الزمان أو لغير ذلك، مما هو غير ضرورة له في وقته الحالي، بل ولا في المستقبل في الظروف الطبيعية.
القسم الثالث: قسم يقوم فيه بالحقوق الواجبة عليه، سواء كانت حقوقًا وظيفية، فتدخل في القسمين الأولين، أو حقوقًا دينية، كالصلاة وصلة الرحم، أو اجتماعية، كالمشاركة المجتمعية
وهذا القسم بعضه يُستكثر منه لأن فيه أجرًا في الآخرة أو ذخرًا في الدنيا، وبعضه يفعل على وجه الإكراه لكونه من نكد الدنيا على الحرّ، كإصلاح الأعطال وتنظيف الأواني.
القسم الرابع: قسم يطلب فيه الإنسان المعالي، بإنجاز يخلّد فيه ذكره عند الله تعالى أو عند الناس.
القسم الخامس: قسم يمضي في متعة أو ألم
والغالب أن هذا القسم لا يضيف إلى الإنسان شيئًا، بل هو مهدور من وقته، والفائدة الموجودة فيه غير منكرة ولكنها لا توازي الهدر الناتج عنها.
وهذا الوقت في الأصل ضرورة، لكن بالقدر الذي يُنشّط الإنسان للأوقات الباقية فحسب، غير أن واقع الناس أنهم يتوسعون في المتعة بقدر ما يستطيعون، ويضيعون من الوقت حال الألم ما يقدرون عليه.
وقد يخلّد المرء نفسه بالأقسام الثلاثة الأولى بإحسان النية وقصد الخير وإتقان العمل وشدة المواظبة، لكنه تخليد لا يأتي في العادة إلا بإفناء العمر في تلك الأمور التي قد تكون مجرّد إتمام أو تكرار لعمل من سبقوه من المخلصين.
أما القسم الرابع فهو القسم الذي ضرب فيه الرجال الذين خلدهم التاريخ بسهم وافر
التعليقات