كثير منا يحاول أن يبرر سلوكياته وأفعاله أو يحاول إقناع الطرف الآخر بقوة ومنطقية موقفه، لذا؛ تُعدّ مهاراتي التبرير والإقناع من أهم المهارات التي نحتاجها في حياتنا اليومية، سواءً في العمل أو العلاقات الشخصية أو حتى في المواقف العادية، لكن ماذا لو تحوّلت هذه المهارات إلى سلوكٍ سلبيّ؟ ماذا لو أصبحتْ ذريعةً للهروب من المسؤولية أو التلاعب بالآخرين؟ ماذا لو اكتشفنا وجها آخر لهما، ذلك الوجه الذي قد يكون مضرًّا أكثر من كونه مفيدًا.

يُعدّ التبرير سلوكًا فطريًا لدى الإنسان، حيث نسعى بشكلٍ لا شعوريّ إلى تبرير أفعالنا وسلوكياتنا، حتى تلك التي ندرك خطأها لكن، ماذا لو تحوّل هذا التبرير إلى سلوكٍ مُفرط؟

عندما يعيق التبرير الطويل قدرتنا على تحديد أخطائنا والاعتراف بها يصبح مضرًا، فيعدل وجهتنا من مواجهة الواقع والتعلم من تلك الأخطاء إلى الانغماس في دوامة التبريرات والأعذار التي لا توصلنا إلى الحلول الحقيقة.

ماذا إذا عن الإقناع؟ فلا شك أنه مهارةً ضروريةً في العديد من مجالات الحياة، لكن ماذا لو تحوّل إلى سلوكٍ سلبي مُفرط؟ يُصبح الإقناع المُفرط مُضرًا عندما نستخدمه للتلاعب بمشاعر الآخرين ودفعهم إلى اتّخاذ قرارات لا تُناسبهم أو لا تُحقّق مصالحهم، فنتحول من محاولة احترام آراء الآخرين وقناعاتهم، إلى استخدام قدراتنا اللغوية وتلاعبنا بالألفاظ وخداعنا لهم لإقناعهم بوجهة نظرنا، حتى لو كانت خاطئة، وعند اكتشاف ذلك يضر بعلاقاتنا معهم.

بالطبع لا يعني ما سبق أنّ التبرير والإقناع مهاراتٌ سيّئة، بل على العكس، هما مهارتان ضروريتان في حياتنا لكن، تكمن المشكلة في الإفراط في استخدامهما بشكل سيئ، حيث يُصبحان سلوكين سلبيين يُعيقان قدرتنا على التطور والتعلم من أخطائنا.

لذلك، من الضروري إدراك حدود التبرير والإقناع دون إفراط، فالإفراط فيهما يُعيق قدرتنا على تصحيح أخطائنا، كما يصبح الإقناع المُفرط أيضا تلاعبًا بمشاعر الآخرين وقد يهدد مصداقيتنا وفقد الثقة فينا واحترام الآخرين لنا.