"اتعب دلوقتي عشان ترتاح بعدين"، هل بالحياة راحة فعلًا؟

أعتقد أن الدنيا دار ابتلاء وشقاء عمومًا وأننا هنا فقط لنختبر، وفكرة أن هناك شيء ما لو أنجزناه سنرتاح بقية حياتنا أمر لا حقيقة له، فمهما كان الطريق الذي سيسلكه الإنسان فانه سيلاقي الصعوبات وستقف أمامه العثرات وسيتعامل مع الناس بمختلف طبقاتهم وأخلاقهم، أهم شيء أن يحتفظ كل منا بأخلاقه وألا يتوه في الطريق، لكن الراحة النهائية في الدنيا لا أؤمن أن لها وجود على الإطلاق.

المقولات الشعبية والأمثال والحكم أغلبها تشعر بأنه غير متناسق مع نفسه مثل " كل اللي يعجبك وألبس اللي يعجب الناس" فهي ربما قيلت في مناسبة معينة ومع الوقت تناسينا أصلها وهي لا تناسب كل عصر لأنه من المنطقي أن أكل وألبس ما يعجبني وليس الناس، وكذا بموضوع التعب الأن وارتح مستقبلا فهي أيضا في سياق معين قد تبدو صحيحة أما غير ذلك فهي تقال لتقليل حالة التوتر التي تصيب بعض الناس ليس إلا، والحياة بالعموم منذ بدء الخليقة والحضارات نعلم أنها رحلة لشيء آخرى لهذا كان المصريون القدماء لا يهتمون ببناء المنازل قدر اهتمامهم بالمقابر استعدادا للحياة الأخرى وهذا ما تناولته الديانات السماوية أيضا فالحياة مجرد رحلة، من المنطقي أن نشقى فيها في كثير من المراحل ولهذا نقدر جدا لحظات السعادة القليلة في حياتنا لأنها ما تمدنا بالأمل للاستمرار في الشقاء.

الكثـر منّـا فهــم الحيـاة بصــورة معكوسـة تمامــا .. يتوقـع الحيـاة لحظـات متصلــة مــن الراحـة الوادعـة يتخللهـا لحظـات مــن التعـب والجهـد.. أي يتصـور ان الأصـل في الحيـاة هــي الراحـة واللذة، ومـا المشاكل الا حالـة شـاذة لا بـد أن تنتهـي.

كثر منّا يتعامـل مــع الحيـاة تعامـل الهـازل و المازح مزحـة ثقيلـة سرعان مـا يمكـن التنصل عنها.

فالطالــب الــذي يفكــر بدايــة الــدوام بعطلــة الصيــف، اوالموظف الذي يتخيل يوم السبت يوم الجمعة .. مثله كمثل السياب الشعار العراقي المج الذي قال "واحسرتاه متى انام " يبحث عن لحظات الراحة التامة او الصفاء المطلق من مشاكل الحياة والتي لا توجد في الحياة الا قليلاً.

هذه النظرة تجعل الكثير خصوصاً الشباب منهم يصطدم بالحياة مرات لا تحصى.

بينما من عرف ان الأصل في الحياة (التعب) لا (الراحة) و(الابتلاء) لا ( السلامة) و (المشاكل) لا (الملذات) يجعله يبرمج نفسه عليها يتوقع حصولها ويستعد لها كما يستعد الطالب لأمتحان صعب .

فان اتت المشكلة او المصيبة كان ذلك من طبيعتها وان لم تأتي فرحمة من الله .

فمت الدنيا الا (دار بالبلاء محفوفة ) وما الانسان فيها الا مخلوق فيها (من ضعف)و (في كبد).

الكلام منقول من كتاب خواطر للشباب لمحسن المدرسي

قيلت لي أيضا هذه العبارة وناقشتها بسخرية مع أصدقائي وقلت "ضحكوا علينا وقالولنا اتعب دلوقتي علشان ترتاح بعين ومشفناش راحة من ساعتها" والحقيقة أنها كانت جملة تحفيزية فليس معقول أن يقال لنا أنك مهما تعبت فلن ترتاح، وأيضا كان المقصد منها أتعب علشان تتعب تعب أقل مما كنت ستتعبه إن لم تحصل على مجموع كبير وتدخل كلية مرموقة فالتعب هنا سيكون نسبي أي من تعب كبير إلى تعب قليل أو مهنة محترمة لا تتعب فيها ويتقاضى أيضا راتب مجزي.

هذه الجملة هي أكثر جملة ترددت على مسامعنا في طفولتنا ومراهقنا وأنا أعتبرها أكبر خديعة في حيااتنا لأن ما وجدته أن التعب الحقيقي يبدأ بعد التخرج ودخول مضمار الحياة، وأننا كنا نعيش أثناء دراستنا أجمل أيام حياتنا فلا هم ولا مسؤولية ولا أي تحديات سوى تلك الكتب البسيطة لنكتشف فيما بعد وبعد سنين طويلة من الدراسة أننا بلا تجارب حقيقية وبلا أدنى خبرات وأن علينا أن نخوض غمار الحياة وتجاربها الفعلية ثم بعد الزواج تزيد المسؤوليات أكثر وكلما كبر الأبناء تزيد المسؤولية معهم وهكذا لا أرى أي راحة لنا في هذه الحياة وهو فحوى ما تقول الآية الكريمة "لقد خلقنا الإنسان في كبد"

تلك الحياة المؤجلة تفسد عليك الاستماع الكامل باللحظات التي تعيشها الأن، ولو كنت طالب فحياة الوظيفة المؤجلة قد تفسد عليك حياتك الحالية، وإن كنت تدرس شهادة مهنية فحياة ما بعد الدراسة قد تجعلك تؤجل الاستمتاع بحياتك الحالية، وإن كنت تعمل في وظيفة لا تحبها فإن انتظار الحياة المؤجلة التي ستوفرها لك الوظيفة المستقبلية قد تفسد عليك أجمل لحظات حياتك وما أبرئ نفسي من كل ذلك أيضا.

باختصار الحياة أقصر من أن تجعل سعادتك رهن مستقبل قد لا تراه، فعليك الاستمتاع بكل لحظات حياتك والتمتع بقدر الله مهما كان

هي مقولة رائعة ولكن لا تُطبق فعليا في الحياة الرائعة لانه حتى إذا تعب في البداية سوف يكون هناك تعب ولكنه يقل قليلا

هذه المقولة لا نستطيع أن نقول أنها تٌطبق ١٠٠ في المئة ولكن معظمها يُطبق بأن التعب يقل قليلا اذا اجتهدت في حياتك

فمثلا ان كان هناك رجل أعمال واجتهد في بدايته حتى بنى شركة رائعة ومتميزة الشركة بدأت في أن تثمر وهو يجاهد أكثر فأكثر هو فعلا عند الكبر يقل تعبه قليلا لكن لا أقول ينعدم ولكن يقل قليلا عن بدايته في البناء.

بالتوفيق

في البداية يجب أن أشير إلى أني أحب جداً أن أعتقد أن هناك راحة مؤجلة أو أننا نتعب كثيراً لنرتاح فيما بعد ، ولكن بالنظر لحقيقة الأمر أو من منظور أكثر واقعية سنجد أن فكرة "اتعب دلوقتي عشان ترتاح بعدين" هي فكرةٌ مُضلّلةٌ، تُخفي حقيقةَ أنّ الحياةَ رحلةٌ مليئةٌ بالتحدياتِ والمسؤولياتِ في كلّ مرحلةٍ.

التعبُ جزءٌ من الحياةِ:

• كلّ مرحلةٍ لها نوعُها الخاصّ من التعبِ.
• التعبُ ليسَ شرًا دائمًا، بل قد يكونُ دافعًا للإنجازِ.
• الراحةُ ليستْ مُؤجّلةً، بل هي مُتاحةٌ في كلّ لحظةٍ (فقط أمنحها لنفسك ولا تتردد في ذلك او تأجله) فالراحة تعيد شحن بطارية الطاقة لديك الذهنية والجسدية.

لذا ليس من الضروري أن تتعب طوال الوقت من أجل أن تنشد راحة غالباً لن تأتي .. فلا يوجد أي مشكلة في أن تجلس وترتاح وتتأمل قليلاً ، وصدقي أن الأرتياح هو أمر لا يجب أن يتم تأجيله بأب شكل .. فإذا كان الشخص بحاجة ماسة للإرتياح فلابد أن يستجب فوراُ

فكره عبثيه ، لا يوجد راحه بالدنيا

خُلق الإنسان في كبد "تعب"

و لكن هُناك بعض الأفعال التي تُهون علينا تعب مراحل تطور التعب

كالجلوس أمام البحر و الصلاه أمامها

كيد طفل صغير متمسكه بك

كعصفور يأكل من يدك

كضحكة والدتك و دعاءها لك

أشياء تُخفف من هول التعب

لوعمل كل واحد منا بهذه المقولة لاصبح معضمنا في بطالة وكسل في مرحلة ما تحتاج منا الى بذل الجهد للحصول على النتائج المرجوة .

لا أعتقد أن هناك راحة أبدًا بالمفهوم الذي يحاولون إيصاله إلينا، لكن لا مشكلة في هذا أيضًا، ليست المشكلة في الراحة والشقاء بل بطريقة تعاملنا معهم، بدل بيع الوهم الذي يحدث من أجل الشعور بأن غدًا أفضل كان يمكن أن يحدثونا عن قبول صروف الحياة والتسامح معها.

الجملة صحيحة وغير صحيحة بنفس الوقت، حيث أن الحياة لم توجد للراحة بل لتكون اختبار لعباد الله، لذا ستصبح الجملة غير صحيحة لان الشقاء يرافقنا طول حياتنا استنادا لما ذُكر، لكن بذل الجهد المفيد في كل مرحلة من حياتك سيصنع لك لحظات سعادة مستقبلية، كأن تبدء دكتور مبتدء وتصبح رئيس مستشفى الفرق بينهما, الاول مجبر على العمل لمدة 12ساعة مع دوريات خفارة والثاني له حرية في وقته اكثر بحكم انه متحكم اكثر من كونه متحكم به، وذكرت شيءً قبل قليل "لحظات سعادة" نعم لحظات سعادة وليس سعادة طول حياتك المتبقية لانك لازلت في الدنيا، في دار البلاء والاختبار، لذا كما قلت انت تعمل لتزيد من اوقات سعادتك، لتزيد من حريت تنظيمك لوقتك؛ نعم هي راحة مؤجلة استنادا لما ذكرت عمليا، ودينيا فالله وعد من يجتهد في الدنيا يلقى في الاخرة لذا نعم اتفق؛ لا يمكن الجزم في امر صاحب المقولة لكن بناءً على أن الجملة ذكرت في زمن كان يؤخذ بالجمل العفوية بين الناس او كما يقال "الزمن الطيب" استطيع ان اتوقع أن صاحبها ذو نية طيبة وساذج لعدم تفكيره بأبعادها.