اعتدنا على الاستماع لقصص الجدَّات قبل النوم والحكاوي الخيالية مثل سنووايت وسندريلا وغيرها.

كل هذه القصص كانت تحوي صراعاً بشكل أو بآخر و يتمثل هذا الصراع على هيئة قوتين هما الخير والشر، ففي قصة سندريلا مثلاً محور الصراع كان يتمثل في زوجة أبيها الشريرة التي جعلتها تعمل خادمة في المنزل وكانت سندريلا هي الطرف الآخر الطيِّب المستضعف والتي خضعت لأوامر زوجة أبيها وفي نهاية القصة تتخلص سندريلا من قوة الشر التي ظلَّت تلاحقها للأبد، أي أن الخير ينتصر في النهاية على الشر وتصبح سندريلا ملكة كمكافأة لها على صبرها وشقائها طوال القصة.

شغل هذا الصراع الأدباء والمفكرين منذ القدم والكثير من الأعمال الأدبية تناقش هذه الفكرة بشكل رئيسي كالجريمة والعقاب لدستوفيسكي، أوليفر تويست لتشارلز ديكنز، البؤساء لفيكتور هوغو، ربما لأن هاتين القوتين هما أساس الطبيعة البشرية فالإنسان يولد بطبيعته على الخير ومع مروره في ظروف الحياة وصراعاتها تتبلور في طبيعته وتولِّدُ لديه نزعة الشر فهو خليطٌ منهما معاً، ليس فقط ظروف الحياة بل أيضاً المحيط الذي ينشأ فيه الإنسان يؤثر تماماً في شخصيته وسلوكياته سواء بالخير أو الشر.

والإنسان كائنٌ يعقل وبإمكانه الاختيار بينهما، وحينما يوضع في محلٍ للاختيار تتفاعل كافة الظروف من حوله لتصبح عاملاً في اختياره ويجب هنا التنويه إلى أن اختيارات الإنسان عادةً ما تكون نسبية فليس هناك شرٌ أو خيرٌ مطلق، وعلى الإنسان تهذيب طبيعته البشرية التي تمتزج فيها قوتا الخير والشر معاً.

إن صعود إحدى القوتين لا يعني بالضرورة إلغاء الأخرى ولكن في الكثير من الأعمال الأدبية غالباً ما يُسَّلط الضوء في نهايتها على أن الخير دوماً ما ينتصر ويعمُّ الجميع، وأن القوى الشريرة يُقضى عليها للأبد فلمَ يا تُرى مع أن القوتان متلازمتين؟ وفي حياتنا، هل ينتصر الخير دوماً؟