كيف سنكتسب خبرات جديدة إذا تكلمنا في نفس المواضيع التي تقع داخل إطار خبراتنا؟

أعتقد أن الانفتاح على مواضيع جديدة لا يعني بالضرورة الحديث عن أشياء لا تهمنا أو لا تمت لنا بصلة. المشكلة ليست في النقاش داخل دائرة اهتماماتنا، بل في الجمود داخل هذه الدائرة وعدم تقبل زوايا جديدة. يمكننا أن نكتسب خبرات دون الحاجة للخروج تمامًا عن اهتماماتنا، بل بتوسيعها وربطها بأمور أخرى قد تبدو بعيدة لكنها في الواقع متصلة بشكل أو بآخر.

أرى أن اكتساب الخبرات لا يكون بالخروج التام عن اهتماماتنا، بل بتوسيعها وربطها بأمور جديدة قد تبدو بعيدة لكنها متصلة بطريقة ما. عندما نناقش موضوعًا غير مألوف، يمكننا طرح الأسئلة، الاستماع لوجهات نظر مختلفة، ومحاولة فهم الفكرة دون الحاجة لأن نكون خبراء فيها. بهذه الطريقة، نكتسب معرفة جديدة دون الشعور بأننا نضيع وقتنا في شيء لا يعنينا. المهم هو أن نسمح لأنفسنا برؤية الأمور من زوايا مختلفة، لا أن نبقى محصورين في دائرة واحدة.

لا أرى فائدة في التحدث عن مواضيع لا نملك الخبرة الكافية فيها، لأن ذلك يؤدي إلى نقاشات غير مثمرة ويزيد من انتشار الأفكار غير الدقيقة، فعندما نتحدث في أمور لا نفهمها بشكل جيد، فإننا نساهم في نشر معلومات مغلوطة ونقلل من قيمة الحوار، لذلك من الأفضل أن نركز على التفاعل في المواضيع التي نتمكن من تقديم إضافة فيها بناء على معرفتنا وتجاربنا، وهذا يمكننا من توسيع آفاقنا واكتساب خبرات جديدة دون أن نكون محصورين في اهتمامات ضيقة.

ولكن برأيي النقاش في دوائر اهتمامنا مهم ويساهم في اكتساب الخبرة، أنت عند النقاش فيما تفهمه وتفضله قد تستمتع أو تكتسب معلومة أو تمنح أحدهم خبرة ومعلومة وفوق كل هذا ستشعر بقيمة معرفتك حيث تدرك أنك تعرف الكثير عن أسماك التونا أو قبيلة الهيماوا أو طائرات الشبح أو كريستيانو وميسي أو دافنشي السادات أو بابلو سكوبار، دوماً هناك معارف مختلفة من منظور وإدراك مختلف تبادلها يجعل صورة الإدراك أوسع والنقاش بها يخلق المتعة والراحة ويمنح صاحبه ثقة المعرفة لذلك أنا أفضل تجنب أي نقاش فيما لا أعرفه أو لا يستهويني

لكن في نفس الوقت خبرتنا في الموضوع تعني أيضاً انحيازنا المعرفي لآرائنا، حيث نشعر أننا أكثر دراية من الآخرين، فندور في دائرة مغلقة من القناعات المسبقة.

ليس شرطاً أن يحدث هذا على الأقل فيما أراه من نفسي. فأنا في مرات أعدل قناعاتي قليلاً عن مواضيع أعلم بها ولي خبرة سابقة عنها. وقد أقرأ الموضوع وأشارك فيه فقط لأزيد نفسي فيه خبرة وعلماً. فحتى في الامور التي تعلمها فإن تلاقح الأفكار مع الغير مفيد جدأً لأنه ادعى أن يُعمًق معرفتك بها وتضيف لها أبعاد جديدة لم تكن لتكون لولا تلك زوايا النظر المختلفة التي تعرضت لها. يعني ليس شرطاً أن أتحمس لموضوع وأدخله وأشارك فيه لألقي ما بجعبتي عنه فرحاً فخوراً مكتفياً با أعلمه بل للزيادة وتمحيص الآراء لدي أو حتى تعديلها.

كيف يمكننا اكتساب خبرات جديدة عن طريق النقاش، ولا نكون أسرى لدوائر اهتماماتنا؟

إن الطريق إلى الحوار المثمر الذي يخرج الجميع منه بنتائج مفيدة حتى وإن لم تكن النتيجة اتفاقًا بينهم في الرأي يبدأ من الاحترام المتبادل ثم الفهم المتبادل. وكلاهما يبدأ من الذات أولًا ثم يمتد للآخر تاليًا. والنقطة التي تتحطم عندها هذه الأبجديات، هي اللحظة التي تظهر فيها آفة الشخصنة وآفة التماهي مع الرأي، وكلتا العلتين وجهان لعملة واحدة، هي انعدام التمييز بين ذوات الأفراد وآرائهم.

مساء الخير .... أروع و أجرأ طرح . حقيقة كان يدور في ذهني منذ فترة . لي عودة

عندما نتحدث في موضوعات لنا فيها خبرة، نحن نميل إلى إعادة إنتاج نفس الأفكار والرؤى التي نتمسك بها دون النظر إلى وجهات نظر أخرى، ما يجعل النقاش سطحياً ويعزز القناعات المسبقة. هذا الانحياز المعرفي قد يقودنا إلى رفض وجهات النظر الأخرى لمجرد أنها تخالف رأينا، مما يخلق دائرة مغلقة من التكرار. في الواقع، هذا يمنعنا من النمو الشخصي والعقلي ويجعلنا أسرى أفكارنا.

في بداياتي الأكاديمية، كنت أظن أن موضوعات معينة في الإعلام هي الوحيدة التي أستطيع الحديث عنها بثقة. هذا الانحصار في دائرة محدودة من الاهتمامات جعلني أحيانا أتجاهل وجهات نظر مهمة من زملائي في النقاشات. لكن مع مرور الوقت، وعندما فتحت ذهني لمواضيع أخرى خارج تخصصي، بدأت أكتسب خبرات جديدة وأصبحت قادرًا على التفكير بشكل أكثر تنوعًا.

حتى التفاعل مع الآخرين، خاصة أولئك الذين يملكون معرفة أعمق في مجال معين، يساعدنا في فتح آفاق جديدة وتجاوز حدود معرفتنا الحالية. كما أن تقبّل النقد البناء يمكن أن يكون له تأثير عميق في تحسين أفكارنا.