لا يغير الله ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم ..
لذا أعتقد أن هذا توجه مهم لكتب التنمية البشرية، بدلا من إلقاء اللوم على القادة والمؤسسات.
الأمر له أبعاد كثيرة سياسية واجتماعية لكن باختصار: لكل فرد من أفراد الشعب واجبات وحقوق ومن حقوقه ووجاباته في آن واحد أن يحاسب القادة الذين اختارهم بالصندوق بما يتناسب مع واجبات تلك المؤسسات العميقة ويحدث ذلك في مناخ ديموقراطي سليم يتساوى فيه الحاكم والمحكوم أمام القضاء.
وحينها ستُهدم فكرة أن القادة والمؤسسات المختلفة هي ابتلاء الله للشعوب لأن هذه الشعوب هي التي اختارت القادة وأن هذه المؤسسات العميقة هي مؤسسات الشعب ويديرها ويعمل بها أفراد من نفس هذا الشعب.
لكل فرد من أفراد الشعب واجبات وحقوق ومن حقوقه ووجاباته في آن واحد أن يحاسب القادة الذين اختارهم بالصندوق بما يتناسب مع واجبات تلك المؤسسات العميقة
أعتقد أننا نعلم جيدًا أن هذا لا يمكن أن يحدث في الواقع، لأننا نتعامل بأنظمة ديكتاتورية تحت شعار فقط من الديموقراطية، وهذا لا يحدث في منطقتنا العربية فقط، ولكن أنظر مثلًا لبلد مثل كوريا الشمالية، هي حرفيًا معزولة نهائيًا على مرأى ومسمع من كل دول العالم، لا تعرف أي شيء عن البلاد الأخرى، غير مسموح لهم استخدام الانترنت، لديهم رقابة مشددة جدًا جدًا، ولو نظرنا لدولة كأمريكا التي تنادي بمختلف الحريات، فأعتقد من نراه مما يحدث من هجوم واعتقال في الجامعات فقط بسبب احتجاجات سلمية، هو أكبر دليل على أن كلمة "الديموقراطية" هي مجرد كلمة رنانة سياسية نستخدمها بأساليب محددة لإلهاء الناس عما يحدث في الواقع.
حقيقةً عمر، لست خبيرة في النظم السياسية الخاصة بالدول الأوروبية، ولكن في رأيي أن نفاذية كلمة "الديموقراطية" نراها بحق عندما تكون البلاد في مأزق سياسي إما داخل البلد أو خارجها نتيجة لتأثير بعض التحالفات، وهذا ما جعلني أذكر مثال أمريكا، أما على الصعيد الآخر، فهولندا كدولة أوروبية تشاهد أيضًا حالات قمع شديدة للحركات المساندة لغزة، على الرغم من وجود دعوات مضادة تسمح بوجود اعتصامات، لذلك الديموقراطية هنا شيء نسبي، أو بمعنى أوضح هي متاحة داخل حدود معينة فقط، قد يكون رأيي خاطئ، لذا أنتظر معرفة منظورك بخصوص هذا الموضوع.
أو بمعنى أوضح هي متاحة داخل حدود معينة فقط
نعم أراها أنا أيضًا هكذا، لكني أظن الأمر أكبر من فكرة الحدود، بل أعتقد الأمر يعتمد على المصطلحات الفضفاضة التي تُستخدم لوصف طرق تطبيقها، وعليه يتم التفسير حسب الأهواء والظروف.
أعتقد الأمر يعتمد على المصطلحات الفضفاضة التي تُستخدم لوصف طرق تطبيقها، وعليه يتم التفسير حسب الأهواء والظروف
أعتقد أن هذا المقصود بكلمة نسبي إذا فهمت كلامك بشكل صحيح، بمعنى أنك تضع مصطلح يجوز التلاعب به حسب الموقف، وفي نفس الوقت يعطيك مساحة كافية لتقول من خلاله أنك تنفذه على نحو سليم، لو مقصدك مختلف أتمنى ان توضح لي ذلك من خلال أمثلة واقعية.
لأننا نتعامل بأنظمة ديكتاتورية تحت شعار فقط من الديموقراطية، وهذا لا يحدث في منطقتنا العربية فقط،
الدول العربية هي دول ديموقراطية جميلة يا إيريني لا تضعينا في مشاكل مع أحد 😂😂😂😂😂😂😂😂 والحكام العرب يجلسون على الكرسي بعشرات السنوات لأن الشعوب العربية شعوب عاطفية وتحب العِشْرة.
ولو نظرنا لدولة كأمريكا التي تنادي بمختلف الحريات، فأعتقد من نراه مما يحدث من هجوم
عمليا لا يوجد هناك أي شيء يُسمى بالديموقراطية المطلقة في أي بلد من العالم فما يتناسب مع المصلحة يصير.
شاهدي هذا الفيلم الوثائقي لتري كيف أن الديموقراطية وحقوق الإنسان ما هي إلا ورقة ضغط ومناورة سياسية على الدول الضعيفة. شاهدي تحديدا بداية من الدقيقة 30 لتري كيف أن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية كان أعلى من السلطات التشريعية ممثلة في الكونجريس وكيف أنه ضرب بالديموقراطية عرض الحائط.
أن الديموقراطية وحقوق الإنسان ما هي إلا ورقة ضغط ومناورة سياسية على الدول الضعيفة
هذا هو نفس رأيي، الديموقراطية مصطلح نسبي تستخدمه كل دولة فيما يناسب سياساتها ومصالحها، أي أنه يخدم فكرة تحريك العواطف في إتجاهات محددة، وسأشاهد هذه الحلقة ايضًا لأني أحب مشاهدة الوثائقيات.
أتفق، وهذا يجعلني أعشق مصر، ونظامها، على نحو غير مسبوق بالنسبة لي من قبل، بعد مقارنة مع 200 دولة من حول العالم، تجد أن مصر واحدة من أفضل البيئات السياسية على الإطلاق، وفقط تلك التي قد تتفوق عليها، لا يعود ذلك إلا للثروة الهائلة أمثال قطر، أو سويسرا. لكن هذه الثروات لا تنفع مع دولة مثل الهند على سبيل المثال، أو بعض أشكال القمع والعنصرية في السعودية، رغم أن الإحصائيات تؤكد أن هذه البلاد الشقيقة تملك أعلى مستوى من معدلات المعيشة والرفاهية، ولكن هنا أنا لا أميز مصر عن دول الخليج العربي، نظرا لأن العنصرية والطبقية موجودة أيضا في مصر، ولكن أشير فقط إلى عموم الفساد في العالم كله، بل ولو قارنا بين النظام المصري والنظام السوري في الحكم، تجدني أرفع القبعة احتراما للنظام المصري، بالرغم من كونه أقوى الأنظمة العسكرية في منطقة الشرق الأوسط .. أقوى من كل الدول العربية، وأقوى من كل الدول الأفريقية، وأقوى من تركيا أو دولة أولاد العم، ومتفوق على معظم دول القوقاز مثل أرمينيا وأذربيجان ويمكن أن يضاهي القوة العسكرية لإيران إن لم يكن يتفوق (عدا في التسليح النووي)، بل أنا أعد، وبالنظر إلى عديد من القراءات، أن مصر، قوة عظمى، ضمن الـ 15 أو 10 دول الأقوى في العالم حاليا. مع ذلك، النظام العسكري، والذي يحكم بقبضة من حديد، يترفع عن الخوض في الشعب تقتيلا كما حدث مع سوريا، ربما ذلك راجع لعوامل أخرى، ولكني في العموم أرى أن النظام العسكري، هو أفضل خيار للحكم حاليا بالنظر إلى أن الأخطار الخارجية (والداخلية أيضا) تحيق بمصر من كل جانب.
هذا ما يحاول المثقفين المستنيرين فعلاً أن يقولوه منذ أمد بعيد للشعوب العربية، في أن لا حل ولا نهضة حقيقية بدون تنوير فردي، في أن يكون الشخص هو بذاته أفضل نسخة من ذاته. هل فشل شركة سيارات في تقديم منتج بعمال قرروا أن يكونوا كسالى يقع على عاتق الادارة؟ بالتأكيد لا، مهما بذلت الادارة من مشاريع اصلاحية لن تنهض بجموع كسالى، بالمثل المجتمعات العربية، هناك تصديق فعلي بين جميع أقراني من الشبّان مثلاً في أننا لا حول لنا ولا قوة وأننا مجرد عدد في مناطقنا، ولهذا لا ننتج ولا يمكن أن تكون بلداننا منتجة ولا يجب إلقاء اللوم على الطبقات العليا قبل معالجة المتاح والممكن في السفلى، الخيار الذي بين أيدينا.
هناك تصديق فعلي بين جميع أقراني من الشبّان مثلاً في أننا لا حول لنا ولا قوة وأننا مجرد عدد في مناطقنا، ولهذا لا ننتج ولا يمكن أن تكون بلداننا منتجة ولا يجب إلقاء اللوم على الطبقات العليا
حسنًا يمكنني التناقش معك من خلال وجهتي نظر متناقضتين، الأولى أنني أؤمن بأن كل شخص يجب أن ينظر إلى نفسه أولًا ويسعى ليستخدم كل قدراته للوصول إلى هدفه مهما بدت الأمور حوله سيئة وظروف معقدة، وألا يضع مسؤولية حياته على الظروف المحيطة (طبعًا استثني هنا بعض البلاد التي تعاني حروب ومجاعات وكل ذلك)، ولكن من الناحية الأخرى استخدام هذه الفلسفة لتبرير الفساد في بعض سياسات البلد وإلقاء اللوم كله على الشباب دون محاولة تقديم حلول واقعية لهم، وخصوصًا لمن هم في حالة سعي مستمر فعلًا ولكن يحتاجون إلى مساهمات حقيقية للوصول لهدفهم، هذا أيضًا يعتبر تخاذل وتحيّز من قبل الإدارات نفسها.
(طبعًا استثني هنا بعض البلاد التي تعاني حروب ومجاعات وكل ذلك)
حتى هؤلاء لا تستثنيهم، أيام الحرب على سوريا كنت أطّلع بشكل مباشر على أصدقاء ومعارف لي رفضوا الخروج من الأماكن الساخنة التي تتعرض للتدمير، ومع ذلك قالوا لي بأن من وضع نصب عينيه النجاة والأكل وتحصيل أساسيات الحياة كان يحصّلها رغم كل الصعوبات القاهرة اللانسانية، أنا أتبنى من الكثير من المشاهدات المشابهة لتحدي الانسان لبيئته فكرة أنّ الإنسان هو صانع حالته وهذا لا يمكن أن يبرر فساد، بل هو طرح ينهي الفساد بطبيعية عبر إرتقاء من يمكنهم العمل في المجتمع وتقديم قيمة معينة حقيقية.
للأسف، هو صانع حالته، ولكن في حدود ضيقة جدا (أضيق من ثقب إبرة)، وتجربة السجن -المريرة جدا في سوريا- مثال بارز جدا عن هذا، كيف يمكن أن تنتهي حياة إنسان، عمره كله، ومستقبله، واتصاله بمن يحب، ينتهي كل هذا خلف جدران قد لا يخرج منها أبدا.
التعليقات