انك لا تستطيع أن تمتلك شيئا للأبد ناهيك عن أن أول ما ستخسره في الحقيقة هو أنت. مرة اثر مرة تتنازل عن قناعات كثيرة للحفاظ على شيء ما أو بالعكس لعدم الحفاظ على شيء ما مرة تلو الأخرى تفقد صديقا دون أن ترتكب أي خطا فادح بالضرورة. هناك وقت محدد لرحيل كل شخص من حياتك, و للرحيل أنواع عدة ليس الموت مسؤولا عن معظمها الموت, يأتي متأخرا يأخذ الأصدقاء بعدما كنت قد خسرتهم منذ زمن أو لم تخسرهم. بعض النسيان لا يعد خسارة. ليس بالمفهوم الايجابي بالتأكيد اقصد انك تفهم وتتفهم هذا الرحيل ولا تكون حياله الشعور بالغضب أو بالراحة أو بأي شيء مجرد أمر عادي يحدث كل يوم ملايين المرات لملايين الأشخاص فلماذا عليك أن تهتم؟

لا يمكنك أن تمتلك عملا إلى الأبد فإما أن تمل من عملك لكثرة تكراره بذات الطريقة وإما أن يمل هو من رتابة حضورك إليه وإما أن تكبر أنت وتتقدم في العلم فيصبح عملك بمقاس صغير عليك كالأحذية تماما.

لا يمكنك أن تمتلك شعورا للأبد كل يوم أنت بشعور. أنت فرحان دون سبب, حزين ومكتئب لسبب مجهول تدفع عمرك لكي تعرفه فيفتح المجال لك في معالجته والتخلص منه, أو في الكتابة عنه والقضاء عليه أو في التماشي معه. حتى حبك لشخص ما أو لشيء ما لا يسجل حضوره كل الوقت فتنفر أحيانا من اللقاء بينكما هكذا دون سبب وتكره الأغنية  التي تكرر سماعها يوميا فجأة وتعلم والدتك بأنك لن تأكل الأرز بعد اليوم أبدا بعدما كنت تأكله بنهم وبتقدير.

لا يمكنك أن تملك وجهك إلى الأبد انه يتغير يوميا مع انك تستغرق سنوات عدة لتلاحظ التغير على وجهك الذي لا يغش, فلا يمكنه إمدادك بضحكة عندما ترغب في البكاء ولا أن يتظاهر بعدم الاكتراث عندما يشعل احدهم النار فيك ولا حتى أن يحافظ على نضارته وشبابه في أسوا الأحوال.

كل ما تملكه مؤقت, ولو أمعنت التفكير أكثر دون أن تمنعك شفقتك على نفسك من ذلك لاكتشفت بأنك لا تملك شيئا على الإطلاق وهذا بالضبط سر بقائك في هذه الحياة لان الذي يعتقد بأنه يملك أي شيء يتمنى أن يموت قبل فقدانه كلنا نخاف الفقدان مع أننا في النهاية كما أسلفت لا نملك شيئا لنفقده .