في رحلة حياة كل منا نواجه العديد من التقاطعات والمنعطفات ونقاط التحول، وكل اختيار نتخذه يرسم مسارًا جديدًا ينعكس على مستقبلنا. ولكن ماذا عن تلك الطرق التي لم نسلكها ولم نتخذ فيها قرارًا أو اتخذنا قرارًا خاطئًا؟ هل سبق وتمنيت لو أنك اتخذت قرارًا مختلفًا، لو أنك غيرت مسارك، لو أنك أقدمت على مغامرة لم تجرؤ عليها من قبل؟
ما هو الشيء الذي تتمنى لو كنت فعلته بشكل مختلف في حياتك مسبقًا؟
أحاول في معظم الأوقات تجنب الشعور بالندم، وأتخذه في بعض الأحيان كحافز لأجرب كل ما أخاف أن أشعر بالندم عليه، وحتى إذا جربته وكانت النتيجة سيئة، فعلى الأقل أنا خرجت من دائرة التوقعات العالية. ولكني مؤخرًا أحاول التفكير بعقلانية عندما أجدني أضع توقعات عالية على فعل محدد لأن جملة (The grass is greener on the other side) هي جملة واقعية جدًا. من تجاربي السابقة، تمنيت جدًا أن تنجح محاولاتي في بعضها، ولكن المشكلة أني أفكر في الاحتمال المشرق فقط، أي الاحتمال الذي يشير لتحقيق إنجازات وتصبح معه حياتي أفضل، وأتغاضى عن الاحتمالات الكثيرة الأخرى التي تشير لفشل وإحباط وعدم تحقيق ما أريده.
في الوقت الحالي مثلًا، هناك تجربة أود جدًا خوضها، وأفكر فيها بنفس الحافز وهو أن أجربها حتى لا أشعر بالندم لاحقًا، أو أقول جملة "يا ليتني فعلت ذلك"، هل تتصرفين بأسلوب مشابه مع توقعاتك أيضًا؟
أعتقد أن مشاعر الندم من اكثر الأشياء التي لا طائل منها ولا تفعل شيء سوى الاضرار بالحالة النفسية لنا دون فائدة، لهذا أحاول ألا أفكر بهذه الطريقة كثيرًا والحقيقة اني لا اندم إلا على بعض الأمور التي كان تأثيرها دائم على صحتي وفقط مثل الأكل لسنوات متواصلة من المطاعم، لكن هناك بعض الأمور التي حدثت ولأول وهلة تبدو سيية جدّا لكنها كلها ساهمت في أن اصل لطريقة تفكيري وحياتي الحالية وانا راضي عنها إلى حد كبير الحمدلله.
فعلا بعض المحطات لم أكن لأصل إليها إلا عبر المرور بالأمور التي ندمت عليها سابقاً. الآن تشكل عندي اقتناع بأن قدر الله أفضل بكثير من اختياراتي، وأدركت عمق وجمال لا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا.
ولكن بعض الندم يكون إجباري نتيجة ضعفنا البشري المهم طريقة التعامل معه والذي استفدت فيه كثيرا من مناقشاتي مع@ErinyNabil
لا اندم إلا على بعض الأمور التي كان تأثيرها دائم على صحتي وفقط مثل الأكل لسنوات متواصلة من المطاعم،
لا تندم على ذلك، لأنك لم تع وقتها الأضرار الصحية، وخصوصًا أنك عندما تأخذ قرار التغيير والاهتمام بروتين صحي ورياضي، ستجد أن جسمك يستجيب في خلال وقت قصير لكل تغيير وتعديل قمت به، الآثار السلبية فعلًا تأتي بتراكم مختلف العادات: أكل، توتر مستمر، خلل في مواعيد النوم، هذا ما يساهم في تطور مشكلات صحية لاحقة.
وبما أنك طرحت هذا الموضوع، فهل لديك نظام صحي للطعام، كالصيام المتقطع مثلًا؟
بصراحة لا، لا أعتمد على نظام صحي معين لكن مجرد أن أصبحت أعتمد أكثر على الأكل المنزلي وأحاول التقليل من اللحوم الحمراء والدهون والنشويات بقدر الإمكان حتى وجدت أن كل المشكلات الصحية أصبحت تحت السيطرة، لكن ما يدفعني للندم بشأن هذا أن الأمر أثر على مجهودي وعلى جودة حياتي لفترة طويلة عانيت فيها من الآثار الجانبية من الاصابة بالنقرص وزيادة نسبة الكوليسترول والسمنة.
مبدأك لا غبار عليه طبعًا إيريني، وأنا ايضًا أحاول قدر الإمكان تشكيل عقلية النمو لدي بحيث ألتزم بعدم النظر في الماضي كثيرًا إلا للاستفادة منه، وأؤمن جدًا بأنه طالما هناك طريقة لتصليح الخطأ فهناك أمل، وأدعم هذه الفكرة بأن لا مهرب من الخطأ والألم حتى في الطريق الآخر الذي لم نسلكه.
لكن السؤال افتراضي طبعًا ولو لاحظتِ فأنا بسؤالي لم أذكر كلمة "ندم" ولو ولمرة واحدة. السؤال عن نقطة التحول التي لم تحدث بغض النظر عن مشاعرنا نحوها.
أعتقد ان المسارات التي اخترناها تشكل جميعها طريقًا واحدًا كان مقدرًا لنا منذ البداية لذا لا احب أن أفكر فيما كان سيحدث في الحاضر إن لم اتخذ قرارًا معينًا في الماضي مهما كان سيئًا كما اعتقدت حينها. لا أعتقد بالضرورة ان إصلاح أوتغيير شيئ في الماضي قد يؤدي لنتيجة أفضل، ربما نتيجة أسوأ.
أعتز بالأشخاص الذين قابلتهم في حياتي بمواقفهم المختلفة فقد تأثرت بهم كثيرًا، لذا لا أفكر فيما مضى سوى بالذكريات الجيدة أعيش الحاضر وأسعى للأفضل مستقبلًا.
لا أعتقد بالضرورة ان إصلاح أوتغيير شيئ في الماضي قد يؤدي لنتيجة أفضل، ربما نتيجة أسوأ
بالضبط، سنرتاح جميعاً عندما نعلم أنه لم يفوتنا شيء، وفي الحقيقة لا يوجد أي فرص ضائعة تستحق أن نندم عليها، فالله سبحانه وتعالى قد كتب لنا الخير في كل شيء حتى في الابتلاء.
كان يجب أن لا أدخل الجامعة، أكبر قرار سبب لي مضيعة وقت غير طبيعية، كان ممكن استغل هذه السنوات بما أقوم به الآن من تعلّم للكتابة وصناعة المحتوى البصري، كنت أعرف بأنني أميل إلى هذا النوع من العمل ولكنني قررت أن أتبع مسار المجتمع وأن أدخل الطريق الآمن والمستقر من حيث الماديات وهذا كان قرار مصيعة للوقت تماماً، إذ من لما انتهيت من الجامعة عدت إلى النقطة ذاتها التي أحبها وشعرت بأن كل ما كنت أقوم به ما هو إلا توقّف طويل عن ما أحب أن أقوم به دون أي بديل مهم. ال ٤ سنوات يساوي ما يقارب ١٣٠٠ يوم! أتسائل عن التقدّم الذي كنت سأحرزه في تلك الفترة لو كنت أقوم بما أقوم به الآن وخاصة أنّ في تلك الفترة لم أكن مضطراً للعمل من أجل إعالة نفسي بسبب وجود أسرتي معي، يعني كان لديّ اليوم كله لي ولما أريد القيام به!!
أتسائل عن التقدّم الذي كنت سأحرزه في تلك الفترة لو كنت أقوم بما أقوم به الآن وخاصة أنّ في تلك الفترة لم أكن مضطراً للعمل من أجل إعالة نفسي بسبب وجود أسرتي معي، يعني كان لديّ اليوم كله لي ولما أريد القيام به!!
دعني أخبرك بما أعتقده، أوقن دائمًا بأن قدرنا أن نمشي في مسار واحد لنصل لما نحن عليه الآن، فإذا غيرت مسارك في منتصف الطريق فلابد أن تصل لنهاية مختلفة عما هي الآن. لماذا تظن بأن تجربتك في تلك السنوات الأربع لم تكن مفيدة؟ ربما لم إن لم تدخل الكلية لكنت أضعت وقتك بدلًا من استغلاله لتطوير ذاتك، أو أن شخصيتك لم تكن بالنضج الكافي وقتها لتحديد هدفك ووضع استراتيجية مناسبة لتحقيقة. قد تكون تجربتك السيئة ليست مضيعة للوقت وإنما حافز لإصرارك على عدم تضييع المزيد من الوقت.
لا ميادة كلامه صحيح. هو يناقش فكرة السنوات التي ضاعت في الجامعة لأجل أخذ الشهادة وإرضاء المجتمع بها وحسب. الجامعة أكبر خدعة في حياتنا والله. وكأن العلم ليس موجودًا غير في الجامعة. أنا أرفض فقط الفكرة الملزمة بدخول الجامعة من ناحية المجتمع. يعني التعليم الجامعي هذا يجب أن يكون مستوى زائد ينضم إليه من يريد ويعزف عنه من لا يريد، ويكفينا إلى مرحلة التوجيهي أو الثانوية. متوسط 12 سنة من التعليم يجب أن تكون قد كفت ووفت.
ربما لم إن لم تدخل الكلية لكنت أضعت وقتك بدلًا من استغلاله لتطوير ذاتك، أو أن شخصيتك لم تكن بالنضج الكافي وقتها لتحديد هدفك ووضع استراتيجية مناسبة لتحقيقة
إذًا افتراضك أنه كان من الممكن ألا يحقق الاستفادة التي يتمناها أيضًا في حالة عدم التحاقه بالجامعة. هو بالحالتين -حسب افتراضك- لم يكن ليستفيد. الفرق أنه في حالة وجود الجامعة لم يستفد بالإضافة إلى التعب والمذاكرة والامتحانات وبلا بلا. أما في حالة عدم وجود الجامعة هو لم يستفد أيضًا ولكنه كان مرتاحًا.
أرى أن ضياء حاليًا لا يستخدم 4 سنوات من الجامعة سوى بغرض إدارجها في تعريف نفسه. متخرج من جامعة كذا سنة كذا. وانتهى الأمر.
معظمنا هذا الشخص أنا بنفسي لم أكن شغوفه بدراستي الجامعية ولا أثنائها ولا بعدها، ولا حتى حين عملت بمجالي، ربما استخدمها فقط في سيرتي الذاتية.
لا أرى في الاستفادة من سنوات التعليم في المادة العلمية نفسها فهي ابعد ما يكون عن تمهيدنا لسوق العمل، لكني أنظر إليها من واقع خبرات في التعامل مع أشخاص لهم ظروف متشابهة، ومواجهة مواقف وتجارب، كما أري في ما قد اشعر به من إحباط دافعًا لأتيقن بأنني لم أعد أريد أن أفعل ذلك بعد الآن.
قررت أن أتبع مسار المجتمع وأن أدخل الطريق الآمن والمستقر من حيث الماديات
هذا النمط من التفكير يتحكم فينا جميعا، حيث نبحث عن أسهل الامور ونتخذ طرقا مجربة من قبل أو أجمع الناس عليها بأنها أفضل مثلا، هنا نحن نختار قرار يضمن أننا مازلنا في منطقة راحتنا، ونتجنب مسارات مختلفة أو جديدة نوعا ما أو أن أحدا لم يخضها فيخبرنا بتجربته، فلا نريد أن نكون أول من يجرب ويخض المغامرة! فأظن أن سبب هذا يرجع ربما لخوفنا من الفشل فيصدق حكم المجتمع علينا!
القرارات التي نتخذها بشكل عام تتحكم فيها عدة مخرجات هي من توجهك وتدفعك لاتخاذها هي: الحالة النفسية أثناء اتخاذ القرار - الوقت المطلوب لاتخاذه - البيئة المحيطة التي تدفعك لتخاذه بشكل نمطي ومعتاد.
هذه العوامل أرى أنها تدفعك دفعا لاتخاذ قرارات مهمة جدا في حياتك تظن أنك متحكم فيها لكنها بعيدة كل البعد عن رغباتك مما قد يجعلك تشعر بأنها غير مناسبة لك في النهاية، فمثلا قد تتخذ قرارا بالزواج في لحظة ترى مثلا أن المجتمع من حولك يرى أنك أصبحت كبيرا في السن ولا ينبغي أن تنتظر أكثر هذا تأثير المحيط، فتتدخل الحالة النفسية لتعزز ضرورة اتخاذ هذه الخطوة لأنك تشعر بخلو حياتك مثلا أو اختلافك عن باقي قريناتك، فيكون للوقت ضغطه أيضا بأن عرض الزواج هذا لن يدوم طويلا ويجب اتخاذ قرارك الأن!
لذلك أظن أنه يجب أن ننظر لهذه العوامل بتمحص لكي لا تأثر على قرارتنا المصيرية.
شخصيا لا أندم على قرار اتخذته لأنني أعتبرها أقدارا تسير حياتنا، والندم سيزيد الوضع سوءا بالطبع.
كنت أتمنى في وقت الجامعة أن أقلل من التطوع والمبادرات الشبابية، لقد تعلمت منها الكثير لكنها ضيعت مئات الساعات مني بدون عمل شيء حقيقي لنفسي يفيدني بعدها.
أنا مثلك. تطوعت كثيرًا جدًا، ولكن لو عاد بي الزمن فعلًا لما كنت أكثرت من التطوع ولكنتُ اكتفيت بالقدر المعقول. هذا الإفراط في التطوع في بداية حياتي المهنية جعلني أصل إلى نقطة أقرر عندها رفض أي تطوع بعد الآن وأن أفعل الخير خارج حدود عملي.
أتمنى لو لم أنفق أي جنيه دون ضرورة، تخيل لو كان معي كل جنيه، تم إنفاقه فيما لم يفيد، لكان معي ثرورة طائلة الآن، ولكنت قادرا على العناية بأسرتي على نحو أفضل.
وهذا هو الشيء الوحيد الذي ندمت عليه، لأنه كان معي من المال والفرص الكثير، لكني شخص لا أجيد المهادنة إلا متأخر ا، ولا زلت لا أجيد، وانفعالي على نحو يجعلني وبشكل زائف استعرض بعض المقدرات الشرائية لاستفز من يحاول إهانتي. اعتقد ذات مرة، قامت دار نشر بوضعي موضع الاشتباه، أو مكتبة، هذا كان يتكرر معي كثيرا، بسبب تفاصيل ومعالم وجهي (الذي يوحي بإني سوابق)، أو بسبب هندامي، هذا أو ذاك، وأحيانا كليهما. قمت بإهانة البائع بأن اشتريت كتب عشوائية، دفعت أسعارها، وألقيت بها، هذه من المواقف التي لا أندم عليها بشكل صريح، أنا لا أندم على شيء في العموم، وأكررها باستمرار، آخر مرة، ألقيت طبق الكشري في كشري أبو سليمان فرع باب الشعرية (تشاجرت معهم مرة أو مرتين من قبل) استفزهم الأمر كثيرا، فقد ازدروني وكانوا يعتقدون إني استعجلهم فقط لأني جائع، الطبق كان غالي، عشان كده اتغاظوا لما (كبستهم) وكنت سأشتبك معهم. كانوا يتعمدون تأخيري، بدون سبب مقنع، لم يكن هناك غيري في المحل عدا شخص تقريبا جالس يأكل من طبقه. مرة حدث ذلك في المترو، ورفض الموظف استلام الورقة النقدية فقط لأن شكلها لا يعجبه، قمت بتمزيقها، وكنت منتظر أي تعليق منه لأمسك فيه. لم يصدقني لما قلت أن الورقة خارجة من ماكينة مصرفية معتمدة من الحكومة. وعلى ذلك قس الكثير.
التعليقات