"ان التمتُّع بالمحاكاة متأصل في الناس جميعًا.. إذ اننا نستمتع برؤية صور دقيقة للأشياء التي نكره أن ننظر إليها في حقيقتها.."!
هكذا برر أرسطوا إستمتاع البعض بالأعمال الفنية، القائمة بالأساس على محاكاة الواقع وتَمَثُّله، حتى وإن كانوا لا يستمتعون بذلك الواقع الذي تتم محاكاته! ولهذا قامت نظرية أرسطو في الفن على فكرتين أساسيتين: المحاكاة، والتطهر..
حيث جعل أرسطو للمحاكاة الفنية تأثيرًا مستقلًّا عن الواقع الذي تُمثله؛ فغالبا ما يكن بالعمل الفني عنصرًا جماليًّا مستقلًّا عن مضمون الموضوع الواقعي الذي يمثِّله هذا العمل..
أما عملية" التطهر catharsis" فهي تحدث نتيجة إستمتاع الفرد بالأعمال الفنية بشكل عام، والتراجيدية منها بشكل خاص؛ حيث رأى أرسطو أن اللذة الفنية في إستطاعتها أن تُخلص النفس من المتاعب والانفعالات، التي لو تُرِكَت لتتراكم في النفس لخلَّفت أضرارا بالغة... فمثلا عندما نشاهد عمل تراجيدي، يمر المشاهد بتجربة محاكية لما يحدث في الحياة الواقعية، وهكذا تنطلق الطاقة الحبيسة في نفسه، ولكن في ظروف مصطنعة لا تحمل نفس الأضرار التي يمكن أن تصيب النفس لو أُطْلِقَت تلك الطاقة في الظروف الطبيعية.. لكن ما نلاحظ حدوثه الآن هو العكس تقريبا؛ فنجد أن الأعمال الفنية أضحت هي ما تترك أثرا على نفوس وسلوكيات البعض، فأصبحنا نرى كثيرين يميلون لتمثل تلك الأعمال في إنفعالاتهم وسلوكياتهم!!
فهل تعتقدون أن الفن يصلح مثالا تتم محاكاته واقعيا؟.. وهل سبق وشعرتم بتأثير عمل فني ما عليكم، لدرجة محاكاتكم لإحدى عناصره؟!. وبرأيكم هل يساعد الفن في التطهر أو التخلص من الإنفعالات المبالغ بها، أم أنه يزيد من حدتها؟!
التعليقات