الفنون تتطور كما كل شيء في الحياة، فلماذا برأيكم كل جيل أكبر يرى فنون الأجيال الأحدث رديئة ومبتذلة؟، وهل ستكون الفنون المستقبلية بالنسبة لنا أيضًا بهذا السوء؟
ما هي أسباب أن كل جيل يرى فنون الأجيال الأحدث في إنحدار؟
أعتقد السبب الأول هو اختلاف الأذواق، والتي تتغير من جيل لآخر، فمثلا جيل السبعينات والثمانيات ستجده يرى الأفلام الحالية مبتذلة، ولو عكست الوضع وأخذت رأي جيل الألفينات في السينما الأبيض والأسود ستجدهم يرون هذا تهريج وليس تمثيل، بل يجدون مبالغة بالأداء، كنت أشاهد فيلم الزوجة ال13 وكنت منغمسة لمشاهدته لما تربتطنا به ذكريات، مرت ابنتي بجانبي وهناك مشهد لشادية وهي تبكي، قالت لي لماذا تبكي بهذه الطريقة هي تبالغ كثيرا في أدائها، ابتسمت لأن وجدت ابنتي محقة فعلا.
بجانب فكرة الذوق واختلاف تذوقنا للفن من أبناء الجيل الواحد نفسه، لكن هنالك أيضا، التعود على هذا النوع من الفن، أتذكر أول مرة استمعت إلى سيمفونية أوبرالية كانت لموزارت أنني لم أستطع الاستماع لها مدة طويلة لأنني لم أتعود على الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقى تماما مثل أي موسيقى جديدة فوقعها على الأذن مختلف وتحتاج إلى مدة لتعتاد عليها، والأفلام نفس الأمر، كنت أشاهد فيلم مغامرات من الثمانينات ولم استطع أن أكمله بسبب صريخ الممثلين المستمر، رغم أنه نفس الفيلم شاهدته في طفولتي وكان رائعا أو هكذا كان! فالذوق يختلف مع مرور الوقت بالنسبة للفرد نفسه فمن المنطقي أن لا يتقبله جيل جديد أو جيل قديم.
لكن ماذا عن الفنون الجديدة، التي يتابعها من هم أصغر منك عمرًا بعقد على الأقل، هل تراها دومًا أسوء وفي انحدار؟
عن نفسي أنا شخص متذوق للفنون، فكل ما هو جيد أحبه ليس له علاقة بجيل قديم وجديد، أنا أبحث عن الجودة، وهنالك العديد من الإسهامات الجديدة أحبها وأفضلها، وأنا لست كبيرا لأحكم على إصدارات جيل جديد لأنه يعتبر جيلي أيضا ولا أرى جديدا أو ثورة فنية كبرى، فالراب موجود منذ زمن والتراب وهو مزج الراب بالهيب هوب الشعبي لا يعتبر ثورة في الموسيقى بل هو مرحلة بعضها أحبه وبعضها ليس ذوقي وهكذا، وبشكل عام هنالك هبوط في الذوق العام ويمكنك اكتشاف هذا في الأعمال الفنية الجديدة فهي تفتقر إلى تناول حقيقي وواقعي، وحتى الخيالي منها من الصعب أن يقدم جديدا وهذا ليس على مستوى الوطن العربي بل عالميا هنالك فقر شديد في إنتاج محتوى فني جديد جيد لو قارنها بالعقد الماضي فقط!
المشكلة ان بعض العاملين بالفن يربطون التطور بالحرية والتحرر من قيود المجتمع والأسرة، ويدعون الشباب إلى الابتعاد عن كل المعتقدات الأساسية في المجتمع دون مراعاة، فكلما ابتعدوا عن أصولهم زاد ابداعهم كما يقولون.
بالفعل، ملاحظة ممتازة. لكن إذا لاحظنا؛ فكل جيل بالفعل يتحرر من بعض القيود التي كانت مفروضة على الجيل السابق، وبالتالي صناع الفنون أيضًا يتجاوبون مع هذا التحرر، وهو ما يجعل الجيل الأكبر يمقت هذه الأعمال.
بل أن صناع الفنون هم من يدعون الأجيال الجديدة للتحرر فهم على صلة وثيقة بهم، ويصلون إليهم من كل نافذة كما ترى، ولا يعبرون غالبًا عن الواقع ولكن يخبرونك كيف يريدون للواقع أن يكون وللأسف يستجيب الأطفال لتلك الأفكار دون وعي.
هنا أختلف معكِ بعض الشيء وليس كليًا. صناع الفنون لا يخترعون، بل هم يلتقطون من الواقع من النماذج القليلة الموجودة، ثم بالفعل -هنا أتفق معكِ- يدَّعون في أعمالهم أن الغالبية العظمى هكذا، لا أقلية.
وبالمناسبة، اليوم، حتى لو لم يعرض صناع الفنون تلك النماذج القليلة وينشرونها، فمواقع التواصل باتت تتكفل بالأمر، فلم نعد كما الماضي نستطيع عدم تسليط الضوء على السلبيات حتى تختفي، بل قوة وصولها صارت أقوى، وما يكون اليوم نموذج نادر يصبح في الغد أمر منتشر ومقبول.
هنا نحن على أرضية واحدة، فنشر السيئ عن المجتمع يجعل الساذجين يظنون أنه السائد بل ويتعلمون باحترافية كيفية تنفيذ النموذج السيئ.
وصناع الفنون هنا يشملهم صناع المحتوى على وسائل التواصل، هو فقط تنويع بوسائل العرض.
فلماذا برأيكم كل جيل أكبر يرى فنون الأجيال الأحدث رديئة ومبتذلة؟،
يمكن أن نرجع هذه الأحكام غير الموضوعية إلى صراع الأجيال، زيادة على أن فئات كثيرة تتشبث بالقديم وبما نشأت عليه، وتجد صعوبة في الانفتاح على الجديد، ولا تعطي الفرصة لنفسها للاستماع الجيد لما هو جديد من الفنون، ولا تحاول أن تكون موضوعية في أحكامها، بل ترفض الجديد لكونه جديدا، والعكس صحيح، هناك طبقات من الأجيال الحديثة، التي ترفض الفن القديم لأنه قديم، في حين أنه ليس كل القديم جيدا، وليس كل الحديث رديئا.
ويمكن تربية الذوق على التنوع والكثرة والاختلاف، وتقبل الغريب عنا.
شخصيا لا اجد انحدار ... ولكن هناك عامل للتصفية ...
مثلا انا عندما كنت طفلا .... شاهدت مئات برامج الاطفال. ولكنني اليوم اذكر اهمها فقط ...
وسيكون من الظلم مقارنتها مع مايشاهده اطفالي اليوم ... فهم ايضا سيشاهدو مئات البرامج قبل ان يبقى لديهم الافضل بذاكرتهم...
ملاحظة: نقدم لاطفالنا الان فرصة مشاهدة بعض القصص الجيدة من زماننا ... بالاضافة لما يشاهدوه ...
اما اذا تحدثت بشكل عام ... مشكلة الاعمال الفنية اليوم ... هو مقدار ادخال رسائل شذوذ بشكل مبالغ به.
( الانحطاط كان بالترويج للجنس و للمخدرات والقمار - الان تم اضافة كل انواع الانحراف الجنسي و تغير الجنس )
للاسف حتى الانتاج العربي يتجاوز الكثير من الخطوط الحمر ويروج لها.
تعديل: يبدو كلامي يناقض نفسه ... ولكنني اتحدث عن انواع مختلفة من الفنون من الرسم والموسيقا و الشعر حتى الافلام و المسلسلات
اسأل أحد والديك أو أجدادك عن الوسط الفني حينهم
ثم انظر لوسطنا الحالي مع البُعد التام عن الإعلام
و أغلبنا نعلم لا نعرف نعلم جيداً دور و شكل الإعلام قديماً و حديثاً
ستجد أجدادك يخبروك بأهداف الأفلام
ستجد آبائك يخبروك بكسوفهم من بضع المشاهد
و ستجد شخصك تضحك على حال هذه الأيام
التعليقات