كل عصر له سماته ومظاهره التي قد يكون بعضها عاديًا وطبيعيًا جدًا في وقتها بالنسبة للناس ثم بعد عدة سنوات قد تسخر الأجيال اللاحقة منهم أو تشمئز من تصرفاتهم، فمثلًا موضة الثمانينات من حيث الملابس وتسريحات الشعر نسخر منها الآن، كما أن فكرة كأن الاستحمام يسبب الأمراض في أوروبا بالعصور الوسطى تثير فينا الاشمئزاز، شخصيًا أنظر للآن وأجد أن هناك أفعال وتصرفات قد نتعرض للانتقاد أو السخرية من الأجيال القادمة بسببها، ومنها على سبيل المثال الڤيديوهات القصيرة التي يتم تحريك الشفاه فيها فقط تزامنًا مع الصوت بالخلفية الـ Lipsync 😅
ما الشيء الذي يعتبره الناس الآن عاديًا وستعتبره الأجيال القادمة غير عادي أو غريب؟
الفكرة أن هذه الأمور أساسا هي موضع انتقاد في عصرها، يعنى وقت انتقاد أوربا للاستحمام كان الشرق يراهم بلد العفن، أنا اليوم وبعض العقلاء لا ننتقد فقط تحريك الشفاه بل الرقص والغناء والاسفاف والعبث على هذه المنصات، برأيي الأمر يتشكل كلما زاد الوعي واتسعت اعيننا لإدراك الحقيقة والمناسب وليس له علاقة بفكرة تجدد الأجيال
ربما سيضحك علينا أحفادنا لأننا كنا نتمسك بالهواتف ونحملها في أيدينا طوال الوقت، بينما هم يتواصلون عبر نظارات ذكية أو شرائح مزروعة في أدمغتهم تنقل الأفكار مباشرة دون حاجة للكتابة أو الكلام.
سيقولون كانوا يعيشون في زمن بدائي فعلاً، يتعبون أصابعهم ليكتبوا ما يمكننا التفكير به فقط 😄
تعرفي @Lina_Amer1 كنت افكر في هذه الفكرة صباح اليوم أن ربما لو كان هناك إمكانية أن تقرأ الأجهزة الأفكار وتدونها بدلاً من أن أقوم بكتابتها، فتارة انسى وتارة أفقد شغفي ، وتسألت كيف سيتم ذلك، وفكرتك عن الشرائح التي يتم زرعها في المخ تكمل تلك الحلقة الناقصة ولكن هي فكرة مرعبة أن تسيطر شريحة تابعة لشركة ما على عقولنا !
ولكن اعتقد غير مستبعد حدوثها في المستقبل، عندما كنت طفلة كنت افكر أن من الرائع لو اخترعوا جهاز هاتف يمكن للإنسان حمله بدون سلوك ويأخذه معه في أي مكان وها قد حدث
نفضل أن نتعب أصابعنا على أن يتم زرع شيئًا في أدمغتنا لتخترقه كل مؤسسة أو شركة حسب مصلحتها، فمن يستحق أن يتم الضحك عليه الآن؟!
الحقيقة أن عنصر التحكم موجود بالفعل إلى حدٍ ما. الخوارزميات، الإعلانات الموجَّهة، وواجهات الاستخدام المصمَّمة بعناية قادرة على الوصول إلى اللاوعي الجماعي وتأثيره بسهولة أكبر ممّا نتصور، سواء أُريد ذلك أم لا.
إذا تحدثنا بجدية:لو طُرحت اليوم شريحة تُزرع في المخ بهدف تسهيل التواصل أو تسجيل الأفكار، فبلا شك سيُرفض ذلك على نطاق واسع لأسباب أخلاقية وقانونية ونفسية. لكن هل هو أمر متخيَّل للمستقبل؟ للأسف لا. الإمكانيات التقنية موجودة، والتطبيق العملي يتوقّف على ضوابط تنظيمية وقبول اجتماعي.
حالياً شاهدت مقاطع لآباء يعرضون على أطفالهم شرائط الكاسيت وجهاز الوكمان، ليتسأل الصغار ما هذا وكيف يعمل وكأن هذه الأجهزة حفريات لكائنات منقرضة😅
والهاتف الأرضي بعضهم لا يعرفه أيضًا 😅
ترى ما الأجهزة الموجودة الآن أو الأشياء العادية بالنسبة لهذا الجيل وسيشعر أطفالهم في المستقبل بنفس شعورهم الآن عند رؤيتهم للكاسيت؟
اعتقد الكمبيوتر العادي، والتليفزيون القديم قبل عصر الشاشات الذكية، اعتقد في المستقبل لن يستخدموا الأقلام .
قرأت أيضا عن اختراع المكنسة الذكية، مما يعني أن أدوات التنظيف الحالية معرضة للإنقراض، حتى أدوات الطهي، ممكن في المستقبل تصبح لدينا طنجرة يمكنها أن تقلب الطعام ذاتياً بعد ضبط درجة الحرارة أو حتى نتواصل مع الطنجرة ونتحدث معها عبر تطبيق ما، وهذا يحدث في الغسالات
ولمَ لا نقول أن الأجيال القادمة سيتوقون إلى ما كان لدينا عادياً ويعتبرونه مقدسًا ويشتاقون إليه ويتمون لو عاد بهم الزمن مثلاً ليجربوه أو ليعيشوه بكل تفاصيله؟! يعني نحن اﻵن لم نعش فترة الجوابات أو الخطابات بالبريد وقد عاشها آبائنا وأرى البعض يشتاق إليها وإلى زمانها ولا يراها غريبة بل وسيلة أكثر عمقاً للتعبير عنا و عن مشاعرنا وما نجد. فبعض الأشياء لن تصبح موضع سخرية لأنها قديمة بل قد تصبح موضع تقديس وحنين وشوق...
بالطبع ليس كل قديم سيء أو موضع سخرية فهذا يتوقف على ماهية الشيء نفسه وطبيعته، فمثلًا الخطابات أو الجوابات هناك من يشتاق لها لأن لها وجهًا إيجابيًا يفقتقده معظم الناس الآن بالرغم من وجود بعض السلبيات لها مثل ارتفاع ثمن الورق ، بعد المسافات والتعرض للضياع أحيانًا، كما أن هناك من يحب إضفاء طابع رومانسي وشاعري على القديم وما يخصه.
لكن ممكن ما نراه اليوم عاديًا لا يبدو غريبًا على الأجيال القادمة كما نتخيله الأجيال الجديدة تتأقلم بسرعة مع كل ما هو جديد وما قد نعتبره سخيفًا أو بلا معنى قد يكون بالنسبة لهم طبيعيًا وطريقة للتعبير عن أنفسهم مثل الفيديوهات القصيرة أو تحريك الشفاه على الصوت فبالنسبة لنا مضيعة للوقت لكنه لهم وسيلة للتواصل وربما مهارة جديدة وقد يحدث أن يسخر الناس منا مستقبلًا أو العكس فيصبح ما نراه اليوم عاديًا جزءًا من ثقافتهم الرقمية
أعتقد أن فلاتر سناب شات التي تستخدم لاظهار الجمال ستكون واحدة من أكثر ما يتم انتقاده، خاصة عندما يرى الجيل الجديد الفرق الذي كانت تحدثه، ومن الممكن أيضًا أن ينتقدوا سماعات الأذن السلكية. وكل تطبيق تيك توك بكل ما عليه، حتى الفيديوهات المفيدة، فكيف يكون مفيدًا ومدته ٣٠ ثانية أو أقل؟
حقيقة لا أعرف إلى أين يمكن أن تصل البشرية بالضبط، ربما سوف تصل إلى أماكن لا نستيطيع تخيلها من الرفاه والتكنولوجيا والعلم ، وربما أيضا يمكن أن تنقرض الحضارة ونعود إلى نقطة الصفر، لكن ما أتمناه حقيقة أياً كان السيناريو الذي سيحدث هو أن يتغير وضع المرأة مستقبلا، فتصبح المرأة المستقبلية تنظر لما يجري اليوم في النساء وتعتقد أن مايجري لهن من كوكب ثان، أن تعيش النساء هناك بمساواة وتقدير وحب واعتراف.
التعليقات