"أنت ممنوع من منتجات الألبان والشوكولاتة والبيض والسمك، حتى تشفى". جملة معتادة من جميع الأطباء الذين نذهب إليهم إذا شعرنا بالتهاب الحلق، أو البرد، أو جمل منع لغيرهم من الأطعمة على حسب اختلاف الحالة. لا أحب جمل المنع المطلق دون أسباب، ولا أعتقد أحد يحبها، أليس كذلك؟

في صغري، كنت أعاني كثيرًا من التهابات الحلق واللوزتين، وكانوا يمنعوني فعلًا من هذه الأطعمة التي أحبها، لكنني كنت طفلًا شقيًا بعض الشيء لا أحب الالتزام بالقواعد كثيرًا. حتى إن كبرت وفهمت، الأمر ما زال شاق، لكن مَنْ يتحمل ضريبة عدم الالتزام غيري؟

الطبيعي أن تكون مدة العلاج هذه الالتهابات بضع أيام لا أكثر، لكنها لسوء حظي كانت تستمر معي لمدة أطول من ذلك، لن نسأل لماذا لأن الأمر قد اتضح سببه. 

عندما تؤثر الأطعمة على الأدوية من حيث تأثيرها على الجسم، أو فعالية الدواء ضد المرض، هذا ما يسمى "التفاعل بين الأغذية والأطعمة -Food drug interaction"، أو بالمتعارف عليه بيننا تعارض الأطعمة مع الأغذية. 

التفاعل بين الأطعمة والأدوية ممكن أن يحمل أشكال مختلفة، أي أن الطعام ممكن أن يمنع امتصاص الدواء بالكمية المطلوبة، بمعنى إذا كنا نأخذ مثلا 100مللي جرام في جرعة دواء والمفترض أن تصل 50 مللي جرام من هذه الجرعة للدم، سيصل فقط مثلًا 25 مللي جرام من الجرعة بسبب التعارض الناتج، أكننا نأخذ نصف الجرعة الأساسية، والتي بالتأكيد لن تكون مؤثرة بالشكل الكافي للعلاج. وكنتيجة لذلك، قد تطول فترة المرض لقدر الله، وما يتبعها من مضاعفات. 

مثلًا مع بعض المضادات الحيوية، يُمنع تناول منتجات الألبان. لماذا؟ لأن منتجات الألبان تحتوي على الكالسيوم، وهذا الكالسيوم ممكن أن يرتبط مع هذه المضادات الحيوية، فيغير في شكلها الكيميائي، فيمنع امتصاصها. لذا يطلب الطبيب تجنب تناول هذه المنتجات، أو ممكن تناولها قبل موعد الجرعة بساعتين، لكن بما أننا بالطبع ملتزمون جدًا، يُفضّل المنع.

وسأشارك معكم أشهر الأطعمة التي تتعارض مع الأدوية، وهي كالآتي:

  • الجريب فروت ضد بعض أدوية الستاتين التي تخفض الكوليسترول: الجريب فروت يعزز عملية الأيض لهذه الأدوية في الأمعاء، والتي يمكن أن تؤدي إلى تركيزات أكبر من الأدوية في الدم. وهذا يزيد من تأثير الأدوية على الجسم ويمكن أن يسبب آثارًا جانبية والتسمم الدوائي.
  • الأطعمة الغنية بفيتامين ك ضد أدوية التجلط: فيتامين ك من المواد الأساسية لعملية تجلط الدم يتعارض مع مضادات التجلط مثل: الأسبرين، والوارفرين، والهيبارين.
  • الأطعمة الغنية باليود ضد الأدوية المضادة للغدة الدرقية: تعمل هذه الأدوية عن طريق منع امتصاص اليود في المعدة. لذا يتطلب النظام الغذائي الذي يحتوي على نسبة عالية من اليود جرعات أعلى من الأدوية المضادة للغدة الدرقية. كلما زادت جرعة الأدوية المضادة للغدة الدرقية، زادت نسبة حدوث الآثار الجانبية التي تشمل الطفح الجلدي وأمراض الكبد.

هذه بعض الأمثلة لكن القائمة تطول طبعًا على حسب كل حالة، لذا يلزم اتباع تعليمات الطبيب حتى يكون العلاج فعّال، ولتجنب المضاعفات.

أخبرونا ما الذي منعكم منه الطبيب أثناء العلاج؟ وهل فعلًا التزمتم؟ أو شاركونا تجاربكم التي أخذتم فيها أطعمة تتعارض مع الأدوية، ليستفيد الجميع.