برأيك هل يمكن أن تكون الأفلام الوثائقية بديلاً للمناهج الدراسية التقليدية؟

أتفق بهذا الشأن

لكن إذا أردنا أن نأتي للعصر الحالي فهو متسارع ومفتوح المصادر كما ذكرت في البداية ربما هذا يجعلنا نفكر أن الجانب (الثقيل من العلم) يتم إخراجه بطريقة أخرى.

لم أقصد الأفلام الوثائقية اليوم فقط، وليس جميعها يأخذ جانب مسلي بالنهاية، هناك أفلام تحتوي حقاً على علم ثقيل ولكنها ما زالت تصنف كأفلام ولن تجبرك على الدراسة لأنها اختيارية وستتكون داخلك كصور جاهزة أكثر من علم يدوّن في هذا الحال.

لذا وجهة نظري في الموضوع مستقبلية أكثر، ونسيبة كذلك، لو أردنا أن نصنف العلم الذي يصنع العالم فنحن بالطبع بحاجة لأكثر من ذلك، أكثر من الأفلام الوثائقية.

لكن مقارنةً بما نراه اليوم من تغيرات جذرية في التعامل مع الثقافة والبناء عليها وقيام شخصيات مهنية وكذلك مسميات وظيفية لا تتطلب إلا أن يكون الشخص عارفاً ملماً واسع الإطلاع، يمكن هنا أن تتدخل الأفلام الوثائقية لو تم العناية بها بهذا الشأن بشكل مؤثر.

ألا ترى ذلك؟

يبدو لي أن العنوان بعيد عن محتوى الموضوع

ربما لأنني جمعت بين تجربتي الشخصية واستخرجت منها رؤية بعيدة لأساليب التعلم.

أنه يستحيل أن تحل لأفلام الوثائقية محل المناهج الدراسية،

ولا على المدى البعيد؟ رأيت وثائقي لأم أخرجت أبنائها من المدرسة وبدأت تسافر بهم حول العالم، تقول أنها أفضل طريقة ليتلقوا الثقافة والعلم والنتائج كانت مبهرة بحق!

ما أقصده أن وسائل التعلم والتعليم مستقبلاً ممكن أن تتنوع لتشمل ما هو موازٍ (ربما يتحول لبديل) للمناهج الدراسية التقليدية وربما تكون الأفلام الوثائقية أحد هذه الوسائل.

هناك سلاسل حقاً ثرية ومفيدة وجميلة جداً والأهم أنها مدهشة، لطالما الدهشة في إستقاء المعلومات بالنسبة إليّ كانت عنصر كافي لأشعر بالإثارة التشويق والإستفادة.

وحقاً أفلام مثل سلسلة الكون وقرن الذات وهنالك فيلم المتجردون أفلام تضع وتترك بصمتها في عالمنا اليوم برأيي.

أرى بأنَّ تجربة التعلُّم من خلال الأفلام الوثائقية سيكون مشروعًا ناجحًا بشكل صارخ إن اقترن بمادّةٍ مقروءة، تقوم بتأصيل المادة التي عُرضت على شكل فيلم ولكن بتوسُّع

استخدام الوثائقيات في الحصص التعليمية ليس بالأمر الجديد خاصة في حصص مثل التاريخ والفن، ولا أظن أنه ستكون لها فائدة كبيرة خارج هذين المجالين.

فكرة بنّاءة وفارقة جداً أرى أنه من المتوازن حصول هذا الإقتراح، أن تكون هناك أفلام وثائقية مقترنة بكل مادة، وهذا يلبي أنماط التعيلم الثلاثة في نموذج "فلمنج VAK/VARK" حيث يتضمن ثلاثة أنماط للتعلم، المرئي والسمعي والحركي.

الأفلام الوثائقية تجمع -غالبًا- بين التشويق مما يجعل العلم مسليًا ولو كان نظريةً معقّدة

ربما لو تم إقرار فكرة جعلها مادة موازية مناسبة للتعليم يتم التعامل مع الأمر بشكل أكثر جدّية ومعرفية، أن تحافظ على بناءها وأن يتوفر عنصر التشويق لكن بشكل نسبي حيث يكون للعلم نصيبه الأكثر.

هل ترى إمكانية لتطبيق هذا الإقتراح والنموذج مستقبلاً؟ إذ أن هنالك مدارس وجامعات بدأت بالفعل بإسقاط الكثير من الفيديوهات التعليمية إلى جانب المساقات المنهجية.

لا أعتقد ذلك ، وإن كان كلامك صحيحًا ، قد لا ينطبق على الكل سواء كان طلاب بعينهم أو على دول ما

فبعض الدول ليست مؤهلة لتلك الأساليب أي الإعتماد على الإفلام الوثائقية في تعلمهم ولا حتى الطلاب العرب مؤهلين لِتلك الأفلام

من هو الطالب أو التلميذ الذي سيتعلم من خلال تلك الأفلام إلا نادرًا ما نجد

كما أن الدول العربية ليست مؤهلة ، فكل دولة لها مؤهلات تختلف عن الآخرى

هذا ما قصدته تماماً ولو أن الأمر يمكن أن يتطلب جهداً وتكون هناك معوقات كما قال المجهول في ردِه عليك إلا أننا نرى كل يوم أساليب جديدة تخرج من خلالها نعرف أشخاص أبدعوا وما زالوا يبدعون في العديد من المجالات.

الفكرة أن الأفلام الوثائقية تجميع بين أساليب كثير من أنماط التعيلم التي تجتمع فيها مما يجعلها قادرة على تلبية على الأقل متطلب المعرفة المهمة.

أتفق مع فكرة أن الأفلام هي وسيلة تكميلية في العصر الحالي، لكن هذا بالأساس لأن هذا هدفها، حين ينتج أي أحد فيلم وثائقي يكون في باله أنه مفيد واضح ومسلي ربما، يعرض المعلومات بشكل أكثر تبسيطاً من تلك المناهج الدراسية.

لكن ماذا لو تم الأخذ بعين الإعتبار ملائمة هذه الأفلام للتعيلم بالدرجة الأولى، أن يتم مراعاة الجانب الجديّ من العلم ومعايير التعيلم في إنتاج هذه الأفلام مستقبلاً؟

لا أرى أن الأمر مستحيل ولا يمكن كما قلت، ستكون هناك ديناميكية في الأمر وسيصبح سلسل ومفيد ونقلة نوعية في رأيي في التعيلم وتأثيره والإستفادة منه قدر الإمكان.

لكن تصوري أن الطالب لن يذهب إلى تلقي تعليمه في المدرسة وأتجه إلى الأفلام الوثائقية ، هل تعتقدي أنه بهكذا أصبح متعلم ومؤهل لحياته ؟

لن أتحدث لك هنا عن أولئك الذين لم يرتادوا المدارس أبداً وتعلموا تعليماً ذاتياً وأصبحوا عظماء، لأنها ربما تكون حالات نادرة وقليلة في العالم.

لكن سأخبرك عن صديقة لي تركت التعيلم منذ وقت مبكر والآن هي أفضل من كثيرون متعلمون ممن يحملون ثقافة تخصصية أو حتى عامة.

وعندما تعرفت إليها ظننت أنها على درجة عالية من العلم وأنها على الأقل أنهت درجة البكالوريس ولكن دُهشت حقاً أنها لم تتعلم إلا للصف السادس! وهي من ذكرتها أنها تابعت الأفلام الوثائقية في المساهمة معي.

الأمر ليس مستحيل وموجود بالفعل الثقافة المكتسبة برغبة الشخص وليس تحت سقف مؤسسات التعليم هي أمر ثابت بالنسبة للثقافة والمعلومات التلقينية التي يتم نسيانها فينا بعد.

لكن أيضاً أعلم قصدك فليس الجميع لديه هذه الرغبة، بالتالي يفضل كما إقترح الأخ طلاع الثنايا أن تكون هناك أفلام وثائقية مقترنة بكل مادة.

أرى أنها بداية جيدة قبل أن يتم دراسة اقتراح استبدال المناهج التدريسية بالأفلام الوثائقية كلياً.

لاأكاد أذكر أي شيء تعلمته في المدرسة ولكنني بالطبع سوف أتذكر الأحداث التي رأيتها في فيلم رائع الصنع، وصراحة أرى بأنني قد إكتسبت أكبر جزء من ثقافتي إن لم تكن كلها من هذا النوع من الأفلام.

هذا ما أحاول إيصاله، أذكر فصلاً كاملاً في مساق تعليمي كنتُ أدرس به أهمية الفطريات في الحياة بشكل تفصيلي لكن المعلومات منذ ذلك الوقت تبخرت تماماً من عقلي وحين شاهدت الفيلم المذكور في المساهمة حول الفطريات دُهشت من حجم الثقافة والمعلومات العلمية المتواجدة في الفيلم وكأنني لما أدرس الفطريات في أي مساق تعليمي سابقاً.

لا يخفى بأنه قد تكون هنالك بعض الأفلام الموجهة والمتحكم بها لعدة أسباب ومآرب ووجهات نظر، خصوصاً في المواضيع التاريخية، ولكن هل نرى ذلك في موضع آخر بمضوعية أصلاً؟؟

لذا كما قال الأخ معاذ في تعليقه سابقاً أن "مادة كالتاريخ يمكن ان يحدث بها هذا، ولكن هذا يتطلب تغيير كامل للمنظومة واعادة هيكلة لأهدافها ووسائلها"

نحتاج بالطبع لرؤية شاملة ودراسات حول من سيصنع هذه الأفلام ومدى تأثيرها وكيف يكون نمط بثها ومراجعتها وتدقيقها والموافقة عليها قبل الإصدار، إن تم العمل بهذه الفكرة طبعاً.

هذه الفكرة أكثر واقعية في الوقت الحالي، إذ انها قادرة على تهيئة المتعلمين لمرحلة يمكن أن تكون قادمة، أعني أن هناك أشخاص تحدثوا عن إستحالة الأمر لكن في رأيي انه من الممكن أن يكون في المستقبل البعيد، لو فكرنا في الأمر ملياً أجده ممكناً وقد يبدأ هذا بالطريقة التي ذكرتِها، إقتران الفيلم الوثائقي في نهاية الشروحات.

لكن الطريق يمكن أن تكون طويلة وقد تفشل في النهاية، هذه كلها إحتمالات قائمة على تفعيل التجربة، لكن في رأيي أن المساقات غير التخصصية يمكن أن تكون بداية جيدة، أو المساقات غير العلمية (فيزياء وكيمياء)، ربما تنجح هذه الأمور في سرد القصص والصراعات التاريخية كذلك المظاهر الطبيعية إلخ..

بالتأكيد تساعد يا صديقتي لكن هي معلومات لحظية بالنسبة لمعظم الناس أو يتم تخزينها في العقل الباطن، لأنه لم يتم اختبارها ولا العمل بها، من الممكن في حالتك أنك كنت واعية كفاية لتشاهدي تغيرك وتطورك

ربما نوعية الأفلام تؤثر وتساعد في تشكيل هذا الوعي، فأنا كنت أتابع أفلام وثائقية من قبل ولكن كانت لها علاقة بالطبيعة والحياة وثقافة الشعوب الأخرى وهي كلها مهمة وجميلة بالطبع لكن لا تعطي معلومات يمكن حفظها بالوعي كما قلتِ، أما نوعية الأفلام الذي بدأت بمشاهدتها مؤخراً مختلفة تماماً إلى درجة يمكنها أن تشكل لديك ثقافة تخصصية كاملة ولهذا خرج سؤالي الأخير بهذا الشكل، ربما هو صعب ومستحيل لكن يمكن أيضاً أن يكون ممكناً على مدى بعيد ما رأيك؟

مثلاً نظريات فرويد سينساها أغلب الأشخاص بمجرد إنتهاء المساق المطروح بها (بالتأكيد سيبقى يذكرها أغلب المتخصصون) لكن نحن كأفراد يجب أن نعلم هذه الأمور ولو تعلمناها من كتاب لن نجد القدرة الداخلية على تثبيتها ومعرفة تأثيرها اليومي على عالمنا، لكن في فيلم قرن النفس CENTURY OF THE SELF، يختلف الأمر تماماً إلى درجة ستدهشك صديقني عن أهمية وأثر تلك الأمور في تسيير سياسات وشعوب كثيرة وستقنعك وتبقى في تفكيرك أكثر حتى من العلم التخصصي الذي عُرض علينا.

يمكنها أن تكون بديل مفضل قد يتطور فيما بعد ليصبح بديل كلي، لكن الأمر يحتاج إلى كثير من الإجراءات التحسينات في البيئة التعليمية كذلك في استراتيجيات التعيلم.

يمكنك أن تعلم أهمية ذلك من إتجاه كثير من المدارس والجامعات في العصر الحديث نحو التعيلم المرئي والتفاعلي أكثر من وسائل التعليم التلقيني.