لا شك أن العودة للدراسة بعد انقطاع تمثل تحدي كبير وأنا أحدثكم من تجربة أتعرض لها حاليًا بعد أن قررت العودة للدراسة بعد إنهاء مرحلة البكالوريوس، وكانت أولى المشكلات بالطبع تتمثل في عودة مسؤولياتي كطالبة بعد أن تعودت على اختفائها من حياتي، الحضور والفهم والحفظ والامتحانات والتكليفات والتدريبات والتطبيق كلها أمور مرهقة جدًا بالأخص لو كان هناك مسؤوليات أخرى كالعمل أو الأسرة، فنجد صعوبات عدة تتمثل في تنظيم الوقت، القدرة على التركيز وسط التشتت بين مسؤوليات مختلفة تمامًا، والأهم بالنسبة لي كان إجبار نفسي على تحمل النظام التعليمي الضاغط والقاصر والذي اختلف مع كثير من عناصره ولكن لا يمكنني سوى الامتثال له. فبرأيكم كيف يمكن التعامل مع صعوبات العودة للدراسة بعد انقطاع، وإن كانت لديكم تجارب شخصية أرجو مشاركتها للاستفادة.
صعوبات العودة للدراسة بعد انقطاع من خلال تجربتي.
مرحباً (رنا) جميل جداً عودتك للدراسة وأتفهم وجهة نظرك فلقد مررت بتجربة مشابهة منذ فترة عندما فكرت بالعودة للدراسة ودخول كلية إعلام جامعة مفتوحة ، في الحقيقة أنا أسوأ شخص ممكن أن يقدم لك النصح بهذا الشأن لكن أنت طلبت السرد من واقع التجربة الشخصية وهو ما سأفعله رغم إدراكي التام لعدم قابلية تطبيق ما فعلته على الجميع وبالأخص أنت ، لكونه من معرفتي البسيطة بكتابتك أظن أنك شخص مجتهد ودؤب ومنظم جداً طوال الوقت (بعكسي) فأنا طوال فترة الدراسة كنت لا أقوم بأي مذاكرة فقط القيام بقراءة سريعة فضولية ليس أكثر أو أقل لكتب المنهج ولم أقرئها جميعاً بل تعاملت معها كما لو إنها [كتب داخل مكتبتي تثقفية وليست كتب دراسية] لذا لم أعتبرها أبدأ أنه يفترض علي قراءتها ، ومن بعدها أنشغلت بدراسة مناهج السينما شغفي الأول في تلك الفترة وتجاهلت تماماً بدراستي وبرغم ذلك كنت سعيد الحظ بما يكفي لكي أحصل على وظيفة بأحد الجرائد الدولية التي تبيع نسخ في أماكن محددة ، وبالتالي أهملت الدراسة أكثر لأجد أحد زملائي يخبرني إن كنت أستعددت للأمتحان الخاص بنهاية العام بعد 4 أيام ليتفاجئ بأنني لم أعرف بموعد الامتحان ، ولأني أعتدت التعامل مع المواقف فقد قمت بعمل قراءة ثانية للكتب وبدأت بمذاكرة ذكية تعتمد على القراءة السريعة والتركيز فقط على الدروس التي ظننت أنه لا يمكن تجاهلها في الامتحان ، وعند الامتحان صدقت كثير من توقعاتي والغريب أنني حصلت على تقدير يتراوح ما بين جيد وجيد جداً في كل المواد معادة مادة واحدة فقط هي التي خرجت فيها بدرجة مقبول وهو ما أذهلني حقيقتاً .
أحكي لك تلك الحكاية لكي أقول بكل بساطة تجربتي (التي لا أطالبك بأي شكل بتقليدها).
شكرا جدا على رأيك بي والذي سيعطيك درسا صغيرا عن ضرورة عدم تصديق كل ما تراه في العالم الافتراضي، أنا شخص مجتهد ولكن ليس طوال الوقت، فأنا مزاجية جدا وإن لم أشعر بالشغف والفضول نحو الأشياء لن اهتم بها، بل سأكتفي بالقيام بأقل مجهود لأتخلص منها إذا كان يجب علي ذلك، ولهذا أنا كثيرا ما فعلت مثلك في سنوات دراستي كلها، كنت أجتهد جدا فيما أحبه وأهمل ما لا استمتع به وأدرك قيمته وفي كل الأحوال تساعدني سرعة استيعابي وإدراكي للمعلومات وذاكرتي الجيدة نوعا ما في تأدية كل امتحاناتي وتكليفاتي بأداء عالي كان يصل للامتياز، بالأخص وأن نظام الامتحانات في مصر لا يقيس أي مهارات ولا حقيقة تحصيل أو استفادة الطالب مما درسه، وأنا دائما ما كنت مع شعار work smart not hard، وهو ما أقوم به حاليا بعد العودة للدراسة على عكس أغلب زملائي.
أتفق تماماً معك فيما ذكرت ويبدو بالفعل أن لدينا بعض العناصر المشتركة في طريقة التفكير بالأخص في تلك النقطة :
أنا دائما ما كنت مع شعار work smart not hard، وهو ما أقوم به حاليا بعد العودة للدراسة على عكس أغلب زملائي.
ولكن ما يهم هنا حقاً هو سؤالك نفسه في بداية المساهمة الذي أعجز عن إيجاد رد مناسب له من خلال تجربتي لذا سأكتفي بمتابعة الردود معك ومناقشة الأفكار الأفضل من خلالها.
أولا احييك وأهنئك على العودة للدراسة واتمنى لك كل التوفيق والنجاح.
بالنسبة لي، اظن من الاشياء التي ساعدتني هي عيش الدراسة، عيش التخصص الدراسي،.. يعني لا اجعلها مجرد مسؤولية ومهام لها وقت محدد وخلص، بل جزءا من حياتي وروتيني وأحاول عيشها بشغف.. ربما هذا يساعد.
لم أرد الاطالة في النصائح الاخرى المعروفة كتنظيم المهام والاولويات وغيرها لأني متأكد أنك مطلعة عليها والوصول اليها سهل
أرجو لك التوفيق في مسارك مجددا رنا
وأحاول عيشها بشغف.. ربما هذا يساعد.
أنا بالفعل استمتع ببعض جوانبها، هناك بعض المقررات والمسؤوليات التي تفيدني كثيرا على المستوى الشخصي والمهني وأكون مستمتعة وأنا أقوم بها، ولكن في المقابل وكما أشرت هناك الكثير من الأمور التي لا أتفق معها، منها وأبسطها الجدول الدراسي فلا أرى مثلا أن تدريس ٥ مقررات دراسية مختلفة في يوم واحد لمدة ١٠ ساعات متواصلة بدون فترة راحة يساعد على التحصيل والفهم والتعمق في المادة العلمية أو الإلمام بكل جوانبها، بالأخص مع عدم الإدارة الجيدة للوقت أو النقاشات والأسئلة والتي تضيع الكثير من الوقت في التركيز مع احتياجات أشخاص بعينهم والابتعاد عن النقاط الأساسية للمحاضرة، والتي تؤدي للدخول في محاور فرعية ومواضيع جانبية بعيدة كل البعد عن المادة العلمية، كل هذا وقت مهدور بلا فائدة ومجبورين على قضائه.
أرجو لك التوفيق في مسارك مجددا رنا.
أتمنى ذلك، شكرا على تشجيعك.
في الحقيقة تجربتك فيها صراعًا حقيقيًا يمر به كثير ممن يقررون العودة للدراسة بعد انقطاع. اتخاذ هذه الخطوة يتطلب شجاعة وإرادة كبيرة، وهذا بحد ذاته إنجاز يستحق التقدير..
العديد من الطلاب الذين عادوا للدراسة بعد سنوات من العمل أو رعاية الأسرة وجدوا أن أكبر تحدٍ لهم كان تغيير عاداتهم اليومية وتكييفها مع التزاماتهم الجديدة. أحد الحلول كان الاستثمار في التعلم عن بعد أو البرامج المرنة التي سمحت لهم بموازنة كل المسؤوليات.
رحلتك ليست سهلة، ولكنها مليئة بالفرص للتطور والنمو. المهم هو الاستمرار وعدم فقدان الشغف الذي دفعك لهذه الخطوة
بالفعل كان خيار التعلم عن بعد متاح لي ولكنني فضلت النظام المباشر لأسباب عدة منها تفضيلي للتواصل المباشر مع الأساتذة للنقاش والحوار وسرعة الاستجابة، ووجود بيئة اجتماعية متعددة الخبرات أفيد واستفيد منها، بالأخص وعندما أسست عملي في مجال العمل الحر وأصبح كل عملي عن بعد، رأيت أن التغيير مطلوب، ولكن بالطبع تناسيت مساوئ النظام التعليمي لدينا، وعدم مراعاته للطلاب، وبداية من الجدول الدراسي غير المريح بالمرة، مرورا مع كثرة التكليفات والطلبات التي تلاحق عليها، إدخال متطلبات كثيرة غير النجاح في السنة الدراسية للحصول على شهادة النجاح نفسها كأخذ دورات بعينها، وكثير من الأشياء التي لا تعد ولا تحصى، ولو أكن لأشتكي لو التمست قيمة فعلية لكل هذا الضغط لأنني أقدر أي شيء استفاد منه استفادة حقيقية ولكن للأسف مقدار الاستفادة قليل جدا.
قد يفيدك الاعتماد على الأدوات الإلكترونية للتلخيص والمساعدة في المذاكرة باستخدام الذكاء الاصطناعي، التي لم تكن ربما شائعة بهذا القدر حين كنتي تدرسين البكالوريوس، توفير الكثير من الوقت ورفع بعض الضغط هو عامل أساسي لتقبل تلك التجربة في رأيي، وخصوصًا في الأعمال المكتبية فهي تقوم بجهد عظيم.
لن أبالغ إذا قلت أن تشات جي بي تي هو منقذي هذا العام! مع أنني أحاول عدم الاعتماد عليه قدر الإمكان، فعندما أكون متفرغة وأجد متعة وأهمية وفائدة لما هو مطلوب مني أقوم به بنفسي كاملا بكل تفاصيله، ولكن في حالة تراكمت المهام بالأخص إذا كانت روتينية وفرضها هو مجرد تقضية واجب فلا قيمة أو فائدة منها ألجأ له لينقذني مع ضياع الوقت والجهد دون طائل. أتمنى لو كان موجود أثناء دراستي الأساسية كان سيزيد كثيرا من الإنتاجية ويمنحني الوقت للعمل على المهام الأهم وتجربة فرص أكثر.
عن نفسي عندما عاودت تعاملت معها وكأنها عمل جديد، أي أنني هنا ملزم بالذهاب في موعد والالتزام بمهام وتسليمها في مواعيد ( مواعيد الاختبارات) وهذا جعلني أتقبل الأمر أكثر.
فقط كان هناك أمر واحد يزعجني ومازال وهو أنهم يتعاملون معي على إني منطوي أعاني من خلل اجتماعي، وهذا لأنني انصرف بعد نهاية المحاضرة مباشرة واركز كليا داخلها فلا ألتفت لأحد، أنا فعلت ذلك للحفاظ على وقتي ولضمان تركيزي واستفادتي، لست متأثر برأيهم ولكن مزعج أنهم ما زالوا بعقول الأطفال رغم وصولهم لهذا المستوى العلمي.
أغلب من يستخدمون كلمة منطوي لا يفهمون أصلا معناها الحقيقي ولا يدركون أن ما بين نمط الانطوائي والاجتماعي أنماط آخرى، فللإنطوائية درجات وحدود وللاجتماعية درجات وحدود، وأنا كنت مثلك أيضا في كثير من الأوقات أقدر وقتي وأحاول أن أوازن بين كافة مسؤولياتي، إذا كان لدي وقت للأحاديث والاجتماعيات سأقوم بها وإن لم يكن لدي سأنصرف مباشرة بعد انتهاء اليوم الدراسي لأقوم بمسؤولياتي الأخرى، بالأخص وأن الدراسة بعد انتهاء المراحل الأساسية تصبح مسؤولية فرعية وليست أساسية لأن أغلبنا قد يكون ارتبط بمسؤوليات أخرى أهم منها الأسرة أو العمل، والدراسة في هذه الحالة تصبح لأهداف معينة ومحدودة الأولى الاهتمام بها والتركيز عليها، لم نعد صغارا لنسعى فقط وراء اللعب والضحك بعد المحاضرات وخلالها.
التعليقات