أثناء قراءتي لكتاب The Female Brain للدكتورة لوان بريزندين شدتني معلومة خطيرة كأنها مفتاح سري يفتح أبوابًا لم أكن أعلم بوجودها.كانت تلك المعلومة تفيد بأن الذاكرة العاطفية لدى النساء تعمل كالصندوق الأسود في الطائرة ذلك الجهاز الصغير الذي يسجل كل تفاصيل الرحلة بدقة عالية ليكشف عن أسرارها في لحظات الأزمات.هذا الصندوق الأسود في عقل المرأة يسجل ويحفظ أدق التفاصيل بعد كل تجربة عاطفية ليؤثر بشكل غير متوقع على العلاقات المستقبلية.
شعرت حينها كأنني أفتح بابًا إلى عالم مملوء بالتشابكات العاطفية التي تشكل حياة النساء بشكل عميق ومستمر.- كيف تتم هذه العملية في المخ ؟
تخيلوا أن اللوزة في دماغ المرأة هي كالصندوق الأسود الذي يحتوي على كل ذكرياتها العاطفية محفوظة بدقة متناهية.
عندما تستدعي المرأة ذكرى معينة يُفتح هذا الصندوق وتخرج منه تفاصيل دقيقة كأنها أحداث حية تُعرض على شاشة كبيرة أمامها.لنأخذ سارة كمثال و هي تتذكر تلك اللحظة التي تلقت فيها أول رسالة حب وكيف أن قلبها خفق بشدة وكأنها تلمس السماء.
هذه الذكرى محفورة بوضوح في دماغها بفضل اللوزة التي تسجل كل مشاعرها بجد.كيف يتم تنظيم الذكريات العاطفية في الدماغ؟
-اللوزة هي الصندوق الذي يحتفظ بهذه الذكريات ولكن القشرة الأمامية والجهاز الحوفي يعملان كالمحرر الذي ينظم هذه الذكريات .
تخيلوا أن هذه المناطق في الدماغ مثل موظفي مكتبة يفرزون الكتب ويرتبونها بدقة.عندما تتذكر مريم جدالًا حادًا مع
حبيبها او زوجها السابق،
تتذكر كل كلمة ولحظة بوضوح تام كأن المشهد يُعرض على شاشة سينمائية أمامها.لكن كيف تؤثر العلاقات السابقة على العلاقات المستقبلية؟
بصمات مختلفة لكل علاقة :
فكل رجل ترتبط به المرأة يترك بصمة مختلفة على قلبها وعقلها مثل نحات يشكل قطعة فنية من الطين.
قد تكون هذه البصمات مؤلمة أحيانًا، وأحيانًا أخرى مليئة بالفرح.خذوا ليلى كمثال التي عانت من خيانة شريكها السابق.
هذه التجربة المؤلمة تركت ندوبًا عميقة في ذاكرتها العاطفية تجعلها حذرة ومترددة في الثقة بشريك جديد.
كلما تزوجت شخص جديد تجد نفسها تعود إلى تلك اللحظات المؤلمة،
مما يؤثر على قدرتها على المضي قدمًا.ما هو تأثير دائرة الشك والقلق؟
-في كل مرة تقرر ندى الدخول في علاقة جديدة تجد نفسها عالقة في دائرة من الشك والقلق.
ذكريات علاقاتها السابقة تطاردها كالأشباح تمنعها من الاستمتاع باللحظة الحاضرة.هذا الشك المستمر يجعل من الصعب عليها أن تفتح قلبها وتثق بشريكها الجديد مما يؤدي إلى توتر دائم في العلاقةالطويلة .
هل تذكر التفاصيل الدقيقة نعمةأم نقمة؟
-قد تبدو قدرة المرأة على تذكر التفاصيل الدقيقة ميزة لكنها تعتبر عبئًا عندما يتعلق الأمر بذكريات مؤلمة او حتى جميلة .فاطمة تتذكر كل كلمة قاسية قالها شريكها السابق، كل نظرة حب و شوق وكأن هذه اللحظات محفورة في ذاكرتها بحبر لا يمحى.
هذه القدرة الفائقة على تذكر التفاصيل تجعل من الصعب عليها نسيان الأخطاء او حتى لحظات السعادة والمضي قدمًا في العلاقات الجديدة .-كيف تؤثر المقارنات اللامتناهية على العلاقات الجديدة؟
أحد التأثيرات السلبية البارزة هو ميل النساء إلى مقارنة الشريك الحالي بالشركاء السابقين.تخيلوا مشهدًا يتكرر فيه سعاد وهي تجلس في غرفة هادئة تستعرض ذكرياتها مع شركائها السابقين كما لو كانت تقلب صفحات ألبوم صور قديم.
تجد نفسها باستمرار تقارن بين تصرفات شريكها الجديد وشريكها السابق.هذه المقارنات تكون كميزان لا يستقر أبدًا مما يجعلها غير راضية تمامًا عن علاقتها الجديدة.
هذه المقارنات تولد ضغطًا نفسيًا كبيرًا مما يعوق تطور العلاقة الحالية بشكل طبيعي وصحي.-كيف يختلف تذكر الأحداث بين الرجال والنساء؟
ومن ناحية أخرى يميل الرجال إلى تذكر الأحداث بشكل مختلف. ذكرياتهم غالبًا ما تكون أقل تفصيلًا إلا إذا كانت مرتبطة بأمور تثير اهتمامهم.محمد على سبيل المثال قد يتذكر اللحظات الكبيرة مثل السفر أو المناسبات الخاصة لكنه ينسى التفاصيل الصغيرة.
هذا الاختلاف يوضح كيف يمكن أن تكون الذاكرة التفصيلية عبئًا أكبر على النساء بينما يتعامل الرجال مع الذكريات بطرق مختلفة.كيف يمكن تجاوز تأثير الذكريات العاطفية على المستقبل؟
-الذاكرة العاطفية للمرأة هي سلاح ذو حدين يمكن أن تكون مصدرًا للقوة والتعلم من تجارب باقي النساء في العلاقات فتساعدها على الرعاية و التربية و كل ما يخص شؤون الأسرة و قد تكون عبئًا يثقل كاهل العلاقات المستقبلية.هذه الذكريات بتفاصيلها الدقيقة تسهم في تشكيل هوية المرأة المستقبلية و طريقة تعاملها مع زوجها وفهمها للعلاقات لكنها تصبح عائقًا يحول دون تحقيق الاستقرار العاطفي كلما زاد عدد العلاقات .أعزائي:
بعد دخول السوشيال ميديا وانهيار المجتمع التقليدي أمام الحداثة و تفريط الرجال في مراقبة الاناث لابد من وضع ضابط جديد لا يمكن تجاهله في العلاقات الحديثة.
إن تجاهلك تأثير تعدد الشركاء على الأنثى التي اخترتها كأم لأبنائك و قررت أن تستثمر فيها وقتك و جهدك و عواطفك و مالكيؤدي الى عواقب وخيمة و مقارنات لا نهائية .
فالرجل المعاصر يجب أن يكون واعيًا ومدركًا لهذا التغير الجديد في العلاقات وإلا سيجد نفسه في مواجهة شرسة مع آثار ماضٍ لم يعشه ولكنه يؤثر بشكل مباشر على حاضره ومستقبله العاطفي و سيدفع أموالا طائلة في جسد بلا روح .
التعليقات