في هذه النظرية يناقش المجتمع النفسي سواء العلمي أو الطبي، مفهوم الغضب ولكن بشكل مختلف. إذ يُقدم الغضب على أنه أداة للتكيف في المجتمع، بل هو يعتبر عامل أساسي للبقاء في العموم والحفاظ على استمرارية الأجيال، لأنه يعني فرض حدود ومواجهة تحديات تنتهي باستمرار من يستغل استراتيجية الغضب بشكل سليم.

ولعل السؤال الهام هنا: لماذا نرى الغضب في مجتمعنا على أنه تعبير عن ضعف الموقف وقلة الحيلة؟ وهل يمكننا توظيف شعور الغضب بشكل ملائم؟

وهذا السؤال تطرحه النظرية أيضًا في فرضيتها، عندما تتناول رؤية كل ثقافة مجتمعية لفكرة التعبير عن الغضب، بعض الثقافات ترى ذلك كوسيلة للقوة وفرض السيطرة وعلامة على وجود أمان، وبعض المجتمعات تراه كعلامة على الضعف في مواجهة التحديات المختلفة.

ولكن الأمر يعتمد في الحقيقة على عوامل أخرى، مثلًا حساسية الشخص لإظهار تعبيرات الغضب، هل هو سريع الغضب؟ هل بطيء الغضب؟ هل يتناول الأمور برزانة وحكمة أولًا أم لا. وعامل كالحساسية للغضب يتأثر بعوامل أخرى، منها الاستعداد الوراثي، وثقافة المجتمع، وأسلوب التنشئة الذي قد يولد كبت داخلي داخل الأفراد.

الفكرة التي تطرحها النظرية، أن المشكلة الرئيسية لا تتمثل في الغضب بحد ذاته، فلو نظرنا له سنجد أنه ضروري لتوضيح فساد نظام العدل في بعض المؤسسات، أو لوضع حدود بين الأفراد في التسلسل الهرمي المجتمعي دون فرض أوامر سادية من الطبقات العليا على الطبقات الدنيا. وهذا يشير لنقطة هامة وهي أن اختفاء الغضب يعني أمرًا من اثنين، إما تحقيق عدالة لا مثيل لها، وإما كبت متراكم وسينفجر حتمًا في لحظة ما غير متوقعة.