هناك خيط شائك يفصل بين هذين الأمرين "حب الذات والأنانية". للأسف بعض الأفعال التي نقوم بها قد تشعرنا تلقائيا بأننا واقعين في فخ الأنانية ولكنها ليست سوى تعبيرًا لأمر من المهم علينا أن نتعلمه وهو الاعتماد على الذات الذي يوصل بدوره الى مرحلة حب الذات ( ليس الأنانية ). دعني أوضح الأمر بمثال بسيط:

هناك شخص أسمه "أحمد" يحب كل الناس ويتمنى لهم الخير أينما حلوا وارتحلوا ويحب أيضًا أن يخّتلي بنفسه في بعض الأوقات لكي يمارس هواياته اليومية بسلام. أحمد كما ستلاحظ شخصية أجتماعية وتحب أن تختلط بالناس كثيرا ولكنه يحب أيضًا أن يخصص بعض الأوقات لنفسه. في يوم من الأيام رنّ هاتف أحمد ووجد بأن سعد يريد منه أن يخرجا سويًا، وكان هذا اليوم من الأوقات التي يخصصها لنفسه ليمارس هواياته، ماذا فعل؟

ببساطة اخبره وقال: اعتذر منك يا صديقي ولكن لست متاحًا اليوم لأنني مشغول ولكن أعدك بأننا سوف نخرج في وقت لاحق. هذا الفعل الذي قام به أحمد يدل بشكل قاطع على حب الذات وليس الأنانية لماذا؟ لأن حب الذات يعني "نفسي أولًا، ثم الآخرين" بينما الأنانية تعني "أنا أولًا وأخيرًا، ومن بعدي الطوفان".

لنوضح الأمر بشكل أفضل مع "سعد" الذي يعتبر أيضًا شخصية أجتماعية ولكنه واقع في الأنانية كيف ذلك؟ في يوم من الأيام كان ذاهب ليتنزه في الخارج، كان برفقة أحمد الذي يعتبر من أقرب اصدقائه، طلب سعد من أحمد بأن يساعده في الدرس الذي لم يستطع أن يفهمه في المدرسة، وافق أحمد بكل سرُور وحددا موعدًا لكي يدرسان سويًا.

وبعد أن ساعد أحمد سعد، مرّت الأيام ،واستصعب امراً ما على أحمد في الدراسة، ولأن سعد كان شبه متمكن من هذه المادة طلب منه المساعدة متوقعا منه أن يوافق بسرور، وكانت المفاجأة! رفض سعد أن يساعده وتعذر بحجة انشغاله في امرًا، قدّر أحمد ظرف سعد وأخبره اذا كان من الممكن أن يحددان موعدًا آخر؟ رفض سعد وأخبره بأن يعتمد على نفسه ويصبح غير متكل بدلًا من طلب المساعدة من الآخرين "تناقض".

في هذا المثال يوضح بأن "سعد" شخصية أنانية وتطبق ما تحدثنا عنه في الأعلى "أنا أولا وأخيرًا، ومن بعدي الطوفان" وللعلم ما فعله لم يكن نابعًا من حبه لذاته بل لمحاولة تغطية نقص ما أو شعور بالدونية وهذه ردة فعل طبيعية للتغطية على عدم حبه لذاته.

الخلاصة: عندما تحب ذاتك سوف تساعد الآخرين بلا شروط، وسوف تضعهم في المكان الذي يستحقونه "بعد نفسك" وهذه ليست أنانية على الاطلاق! لأن فاقد الشيء لا يعطيه وعندما لا تلبي احتياجاتك أولًا وتعتمد على ذاتك، لن تكون قادرًا على مساعدة الآخرين وتلبية احتياجاتهم.