بشكل عام وبعد خبرة بسيطة بالحياة، لا أجد ضرر من امتلاكنا لقليل من صفة الأنانية، فالعطاء غير المحدود يضر صاحبه غالبا، لكن بنفس الوقت الإفراط بالأنانية صفة لا نحبها جميعا، أو عندما نراها بالتعاملات ننفر منها وندير ظهورنا.

بشكل عام بالعلاقات سنلاحظ أنانية الرجل، خاصةً إن قارناه بالمرأة من هذه الناحية، فأغلب الرجال يولون لأنفسهم الأولوية بكل شيء عن أي فرد بحياته، ولو ركزنا على العلاقات العاطفية تحديدا حتى لا نتشعب كثيرا، فالرجل أناني جدا بعلاقته مع المرأة، يريد منها أن يكون رقم واحد بقائمة اهتماماته، تغدقه بالحب والاهتمام، وكل هذه الأمور، وعلى الصعيد الآخر ربما لا تجد نفسها سوى أخر بند في قائمة اهتماماته.

فنادرا وحتى الآن لم أجد هذا النموذج فعليا -لنقل ناردا دون النفي المؤكد- رجلا يولي راحة زوجته مثلا على راحته، ولنعطي مثالا لتتضح الصورة

زوجان يعملان، والزوجة تصل للمنزل قبل زوجها بساعة، فهل إن أتى الزوج سيدخل ليساعدها بتحضير الطعام وترتيب المنزل ورعاية الأطفال، حتى يحين وقت راحتهم سويا؟! سأترك لكم الإجابة وكل شخص يشارك معنا من واقع الحياة وليس من جانب التمني فضلا.

المهم بحثت بالأمر من باب الفضول، فالسلوك البشري مثل اللغز ويدفعني للفضول دوما، وكانت نتيجة البحث، دراسة في Nature Human Behavior، لمؤلفها ألكسندر سوتشيك وهو باحث ما بعد الدكتوراه بجامعة زيورخ، وغرض الدراسة كان لفهم سبب تصرف النساء في كثير من الأحيان على نحو أكثر سخاءً من الرجال. 

نتيجة البحث أن بيانات الدماغ تؤكد تنشيط المخطط النسائي -مركز المكافأة في الدماغ- عندما تتصرف المرأة بسخاء، وينشط عند الرجال عندما يتصرفون بأنانية، وأوضحت الدراسة أن النتائج بعد أن جعلتهم يتناولون عقار يثبط الدوبامين -هرمون المكافأة- تؤكد أن الأمر ليس بيولوجيا أو نتيجة اختلاف الأدمغة.

وقال سوتشيك إذا كان تفسيرنا صحيحا، فإن دراستنا تظهر مدى تأثير القوالب الجنسانية في مجتمعنا، وأنها تؤدي حتى لاختلافات بين الجنسين في الدماغ.

وهنا أتفق كليا، فالمجتمع يولد رجلا أنانيا، وسيدة يجب أن تكون معطائة، ولا أعتقد أن المشهد التالي قد خلو منه منزلا:

ولد يجلس، وأخته تحضر الطعام، أو ولد يجلس والأم تطلب من أخته خدمته لأنها البنت، أو ولد يحاول مساعدة أمه ويأتي والده ويقول له ماذا تفعل هذا عمل النساء، كل هذه المشاهد والتعاملات وأعطوا لأنفسكم مساحة تذكر التفرقة بين الجنسين في التنشئة بالمجتمع منذ أن ولدنا، وستجدون أن هذا حتميا النتيجة المتوقعة.

على عكس قلة من نماذج الرجال المعطاءة والتي ستكون بيئتهم مختلفة تماما عن النماذج السابقة. فالبيئة والمجتمع سبب في تفشي ظاهرة الرجل الأناني وهي أيضا القادرة على العكس.